ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد / بشير خزعلتصوير : نهاد العزاوي
خلال سنوات قليلة جُرِفَت مئات بساتين النّخيل ومساحات شاسعة من الأراضي الزّراعية، لغرض تحويلِها الى مناطق سكنية او صناعية او لأغراض تجارية، اغلبُ عمليات التّجريفِ تُجرى بشكل غير قانوني، كما انّ الهوية الجديدة لتلك الاراضي هي الاخرى غير قانونية، فالأراضي التي تُشيَّد عليها الدّور السّكنيةُ تسمى( الزراعي) وهي لا تسجل في ( الطابو)، وكذلك التجاري او الصناعي، اذا يبقى المسمى الزراعي ملتصقا بها، ونتيجة ذلك فقدَت آلاف أشجار النخيل وباقي أنواعِ الأشجار الاخرى التي كانت تحيط بالعاصمة بغداد وتتوسطها حتى سنوات قريبة خلتْ، هذه التّجاوزات السّافرة اضرت كثيرا ببيئة واقتصاد العراق الذي كان في يوم ما يتصدر المرتبةَ الاولى في قائمة دولِ العالمِ المنتجة للتمورِ وبأكثر من 350 نوعا.
الاراضي الزراعيةُ وبساتين النخيلِ في اغلب المدن العراقية تم تجريفُها لاغراض التوسع في بناءِ المساكنِ، وادى ضعف التخطيط ِالعمراني وتجاوز القانون من قبل اصحاب ِتلك الاراضي الى اضرار كبيرة بالبيئة ِالعراقية ِوالانتاج ِالزراعي في البلاد.
مزارع
أحد اصحاب البساتين شمال بغداد بيّن أن الاراضي المحيطة بأرضه الزراعية التي كانت تحوي اكثر من 1200 نخلة مثمرة تراجع اعداد النخيل فيها الى اقل من 150 نخلة خلال 20 سنة بعد ان حاصرتها البيوت التي تم تشيدها على الاراضي الزراعية المحيطة ببستانه، ويقول المزارع حسن فالح (67) سنة: منذ تسعينيات القرن الماضي بدأت عمليات تجريف الاراضي الزراعية المحيطة بمدينة بغداد، وتحول اغلبها الى مناطق سكنية غير مسجلة في دائرة التسجيل العقاري وتتم عمليات بيع وشرائها عبر عقد مشترك يضم عشرات الاسماء من المالك الاصلي للمشترين، فجنس الارض زراعية وليس سكنية، وبرغم بقاء بعض اصحاب البساتين على الاراضي التي يملكونها، الا انهم رضخوا في نهاية المطاف وباعوا اراضيهم بعد ان قُطِعَ الماءُ المخصصُ للسقي عنها بسبب تجاوزات المناطق السكنية وعبث اصحاب البيوت بمنظومات المياه.
سكن
احد سكان المنطقة الزراعية في حي البساتين في بغداد اشار الى ضغط ازمة السكن على العوائل العراقية التي لجأت الى الاراضي الزراعية، بسبب رخصها، مقارنة بالمناطق النظامية، جواد كاظم رب اسرة من خمسة افراد كان يسكن في منزل مستأجر بمبلغ 400 الف دينار شهريا، وبسبب معاناته من المردود المالي الذي يؤمن معيشة عائلته مع دفع مبلغ الايجار، قام بشراء قطعة ارض مساحتها 100 متر في المنطقة الزراعية بمبلغ 35 مليون دينار وبنى عليها مسكنا متواضعا من اجل التخلص من الايجار، مبينا أن آلاف المواطنين قاموا بشراء تلك الاراضي بسبب رخص ثمنها، مقارنة بالاراضي الاخرى التي يتم تسجيلها في دائرة ( الطابو) بشكل رسمي.
الزراعية
الباحث الزراعي رائد عبد الواحد قال: حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي كانت اغلب المناطق المحيطة باطراف العاصمة بغداد بساتين نخيل واشجار حمضيات ضمن اراض زراعية كاملاك خاصة تختلف مساحاتها من 5 دونمات الى 10 او 20 دونما للبستان الواحد او اكثر من ذلك، ولم يجز القانون التصرف بها لغير اغراض الزراعة، لكن تلك الاراضي تعرضت الى عمليات تجريف واسعة، ادت الى اختفاء اغلب المساحات الخضر، وتحولت الى مناطق سكنية ومعامل بعد ان وجد اصحابها ربحا ماديا كبيرا من خلال تقسيمها الى مساحات 100- 200 متر مربع ، وبسبب ازمة السكن الكبيرة، اضطر آلاف المواطنين الى السكن في تلك المناطق، برغم عدم توفر الخدمات فيها، فتحولت الى مناطق آهلة بالسكان وتعاني من نقص كبير بالخدمات، ولها اضرار بيئية على مجمل المناطق النظامية المحيطة بها، ولم تتدارك المؤسسات الحكومية في حينها هذه المشكلة، بل استمرت بالتغاضي عنها، حتى توسعت وأتت على مجمل الدونمات الزراعية التي كانت تحوي آلاف اشجار النخيل المنتجة للتمور وباقي الانواع الاخرى من الفاكهة والمحاصيل الزراعية الموسمية.
اجراءات
وزارة الزراعة دعت الى تفعيل قوانين الحد من تجريف البساتين، واكدت انها اعدت برنامجا طموحا من اجل اعادة تأهيل النخيل، مبينة انها من اجل المحافظة على قطاع النخيل في العراق واعادة تأهيله والحد من تجريف البساتين وتفعيل القوانين النافذة بهذا الشأن واستنادا الى القانون ٦٣٤ لسنة ١٩٨١ وقرار مجلس الوزراء رقم (٥٠) لسنة 2016 وبناءً على موافقة هيئة الرأي في الوزارة، وجّه وزيرُ الزراعة بتفعيل قوانين الحد من تجريف البساتين"، معتبرة ان "ذلك بمثابة انذار نهائي لغرض الحد من تجريفها وتحويلها الى اراض سكنية وخارج الضوابط القانونية ، واوضحت الوزارة ان "البساتين المهملة العائدة الى اصحاب حق التصرف والملك الصرف والتي لم يعتن بها اصحابها تعد محلولة وتسجل مملوكة للدولة"، مشيرة الى ان "هذا الاجراء يعد تبليغا رسميا للجميع دون الحاجة الى اجراءات اخرى داخل حدود امانة بغداد والبلديات او خارجها".
ودعت الوزارة "لجان الاراضي والاستيلاء المشكلة في المحافظات باجراءات حلها اذا ما كانت غير مستوفية لشروط العناية بالنخيل وحسب الضوابط المعدة لهذا الغرض وتسجيلها باسم وزارة المالية للحد من تدني انتاجيتها وانهاء وجودها".
المتحدث الرسمي للوزارة حميد النايف قال إن"هذا البيان يأتي انسجاما والبرنامج الحكومي لاصلاح حميع قطاعات الدولة وتفعيل القوانين ذات العلاقة، ومنها القطاع الزراعي، لاسيما ان وزارة الزراعة أعدت برنامجا طموحا من اجل اعادة تأهيل النخيل وفق الأسس الجديدة من خلال استخدام الفسائل النسيجية وآلية الري بالتنقيط شرطا لمنح الاجازة لاي بستان جديد، فضلا عن تشجيع الاستثمار في مجال انشاء البساتين الجديدة والتي اثمرت نتائجها الى زيادة انتاج التمور كما ونوعا".
واضاف النايف ان قرار الوزارة بتفعيل القوانين النافذة المتعلقة والحد من تجريف البساتين يعد انذارا اخيرا لاصحاب البساتين للكف عن عمليات تجريفها وتحويلها الى اراض سكنية خارج الضوابط القانونية، فضلا عن اعتبار البساتين المهملة العائدة الى اصحاب حق التصرف والملك الصرف التي لم يتم الاعتناء بها من قبل اصحابها محلولة العقد وتسجل مملوكة للدولة.
وبين ان هذا الاجراء يعد تبليغا رسميا دون الحاجة الى اجراءات اخرى داخل حدود امانة بغداد والبلديات او خارجها، داعيا لجانَ الاراضي والاستيلاء المشكلة في المحافظات لاتخاذ اجراءات حلها اذا ما كانت مستوفية لشروط العناية بالنخيل وحسب الضوابط المعدة لهذا الغرض وتسجيلها باسم وزارة المالية للحد من تدني انتاجها.
واكد النايف ان هذه الخطوة تأتي انسجاما مع البرنامج الحكومي لاصلاح جميع قطاعات الدولة وتفعيل القوانين ذات العلاقة بما فيها المتعلقةُ بالقطاع الزراعي.
محافظات
مدير اعلام دائرة زراعة كربلاء باهر غالي قال:" تعمل وزارة الزراعة على حل مشكلة عمليات تجريف البساتين وحل مشكلة البساتين المهملة من قبل اصحاب حق التصرف بها، وعليه فان المديرية تعمل على تنفيذ توجيهات الوزارة بتفعيل قوانين الحد من تجريف البساتين من خلال توجيه الانذارات الى المنفذين لمثل هكذا عمليات، لغرض الحد من تحويل هذه المناطق الزراعية الى اراض سكنية خارج الضوابط وخلاف القانون النافذ مثلما يتم اعتبار البساتين المهملة العائدة الى اصحاب حق التصرف والملك الصرف التي لم يعتن بها اصحابها محلولة وتسجلها مملوكة للدولة"، مشيرا الى ان" الدائرة ومن اجل المحافظة على قطاع النخيل في العراق واعادة تأهيله والحد من تجريف البساتين وتفعيل القانون رقم ٦٣٤ لسنة ١٩٨١ وقرار مجلس الوزراء رقم ٥٠ لسنة 2016 وبناء على موافقة هيئة الرأي في الوزارة حتى لا تتحول الاراضي الزراعية الى اراض سكنية خارج الضوابط القانونية"، وبين غالي ان" جميع المنفذين لمثل هذه العمليات يعلمون بمثل هكذا تعليمات، لذا يعد الامر تبليغا نهائيا ورسميا للجميع دون الحاجة الى اجراءات اخرى داخل حدود البلديات أو خارجها وان لجان الاراضي والاستيلاء المشكلة في المحافظة ستعمل على اتخاذ إجراءات جذرية لكل الاراضي غير المستوفية لشروط العناية بالنخيل وحسب الضوابط المعدة لهذا الغرض وتسجيلها باسم وزارة المالية للحد من تدني انتاجيتها وانهاء وجودها.
المصدر: الصباح