ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد- واعتنشر وكالة الانباء العراقية كلمة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح في ملتقى الرافدين للحوار الذي انطلقت اعماله في بغداد اليوم.
وفي ما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من دواعي السعادة أن نلتقيكم هنا، وأن نحضرَ معكم جانباً من هذا الملتقى المهم في بغداد العاصمة.
تمنياتنا لكم بأوقاتٍ هانئة في بغداد، وبنتائجَ مثمرةٍ لحواراتِكم ونقاشاتِكم
وتمنياتي أن يساعدَ الملتقى في إنضاجِ آراءٍ مفيدة في هذه الظروف التي تمرّ بها المنطقة، ونحن نحيا في عالم قائمٍ على التشارك بالمتغيراتِ والأحداثِ والتطورات، وفيما تلتقون في بغداد فإنكم تلتقون في قلب منطقة تلتهب هنا وهناك، في أكثر من بلدٍ طحنته أو ما زالت تطحن به التمزقاتُ والعنفُ والتحديات الإرهابية. واقل ما يقال عن الوضع الاقليمي والعلاقات بين دول المنطقة بانها متوترة ومتأزمة.
في وسط هذه الظروف، وفي موقع جيوسياسي حساس، يقف العراق، وهو يخوض منذ 2003 حرباً هي الأشرسُ ضد الإرهاب بنسختِه القاعدة ثم داعش. لقد دفعنا انهاراً من دماء، وخسرنا الكثيرَ من فرصِ البناء والتقدم، وتهدمت مدنٌ لنا، ونُهبت أموالٌ وآثارٌ، وأُحرقت جامعات ومكتبات، ولم يكن أمامنا سوى أن ننتصر، والحمد لله انتصرنا.
انتصرنا بجهود العراقيين وتضحياتهم .. انتصرنا بدعم التحالف والمجتمع الدولي وانتصرنا بدعم اصدقائنا وحلفائنا من جيراننا.
ان الهزيمة العسكرية لداعش وتشكيل حكومة جديدة في بغداد قد تمثل نقطة تحول ليس فقط للعراق وانما للمنطقة عموما.
لقد كان العراق دوما بؤرة التغيير في الشرق الاوسط، وكان العراق في كثير من الاحيان هو المحفز والمحرك لتحديد معالم المنظومة الاقليمية او الاخلال بها.
اجرؤ على القول اننا الان امام فرصة لاعادة توحيد مسار البناء في البلاد نحو الرخاء والاستقرار، وسيتطلب ذلك الشروع باصلاحات داخلية اساسية سياسية واقتصادية على حد السواء.
وهذا يتطلب انهاء الازمات التي عانى منها العراق على مر عقود من الزمن، يتطلب اساسا اعادة بناء النظام السياسي الحالي واصلاحه لاستعادة ثقة المواطنيين في الحكومة.
ان اصلاح النظام يجب ان يتم على اساس حماية الدستور وقيم الدولة المدنية المثبتة في الدستور وتضمن الالتزام بحقوق الانسان.اصلاح النظام السياسي و نظام الحكم في البلد يتطلب اصلاحات حقيقية في نظام حوكمة البلاد.
الحكومة الجديدة برئاسة الاخ الدكتور عادل عبد المهدي لديها برنامج حكومي يتطلب اصلاحات اقتصادية بنيوية الهدف منها الاستفادة القصوى من موارد العراق وتسخير هذه الموارد لخدمة المواطنين.
لقد كنا في فترة سابقة نعاني من سجالات وصراعات كانت تحسب وكأنها قومية او طائفية لكن يقينا ما نراه في البصرة والمناطق الاخرى تدلل ان المشترك في الوضع الحالي هو تطلع العراقيين الى حياة حرة كريمة، وحكومة تخدم المواطنين وتوفير الخدمات لهم.
في هذه الظروف وضمن الامكانيات المتاحة هناك امل كبير ان تتمكن الحكومة الجديدة بتلبية المطلوب في برنامجها الحكومي وتوفير هذه الخدمات، وفي هذا السياق اتمنى على كل القوى السياسية ان تعمل ما بوسعها من اجل الانتصار لتحقيق هذا البرنامج الحكومي، ويقينا هو هذا المشترك بين القوى السياسية المختلفة.
ان الاصلاح الداخلي السياسي والاقتصادي واصلاح نظام الحوكمة يتطلب بيئة اقليمية مستقرة، نحن نعيش في قلب هذه المنطقة وتتجاذب القوى وتتصارع وتتلاحم، العراق على مر اربع عقود ماضية كان مسرحا صراعات دموية وكانت الساحة العراقية ساحة تناحر القوى الاقليمية والدولية وقد دفع العراق ثمنا باهظا من اموالنا وثمنا من ارواحنا وفرص التقدم في البلاد. الدرس المستخلص من العقود الاربعة الماضية ان المنظومة الاقليمية، هي منظومة غير مستفقرة ومتأزمة والسبب الرئيسي هو غياب العراق من هذه المعادلات، طرحنا واضح ان العراق الخارج من الحرب ضد الارهاب يستحق ان يعيش في امان ويكون له الفرصة في تحقيق مايتطلع اليه المواطنين.
آن الاوان للمنطقة ان تعي جيدا ان استقرار العراق هي مصلحة مشتركة وان دحر الارهاب، وان تحقق عسكرياً لكن المهمة لم تنجز فهناك خطورة حقيقية في عودة فلول الارهاب اذا لم تعالج حواضنه ومكامن الخلل في المنظومة الاقليمية.
لقد قمنا بزيارات للمنطقة وتكلمنا مع العديد من القادة في المنطقة وطرحنا مشروعاً واضحاً، نريد ان يتحول العراق من ساحة صراع الى ساحة تلاقي المصالح.
آن الاوان لهذه المنطقة ان تشترك في رؤية هادفة في تحقيق الرخاء الاقتصادي وتوفير فرص عمل للشباب العاطل عن العمل في العراق وعموم المنطقة.
آن الاوان لهذه المنطقة ان تشترك في هدف اجتثاث الارهاب واستئصاله وعدم اتاحة الفرصة لهذا الارهاب المتطرف والتكفيري ان يعود مرة اخرى ويستبيح بلادنا. لن يكون سهلا لكن الدرس الذي يجب ان نستوعبه من الماضي ان العراق دولة محورية وبدون دور فاعل وجدي له في هذه المنطقة لن تكتمل المنظومة الاقليمية.
نعم نعي جيدا بان المنطقة تعيش رؤى وصراعات مختلفة، وهناك محاور تتشكل في المنطقة، نريد ان نكون جسرا للتواصل بين دول و شعوب المنطقة من خلال التكامل الاقتصادي ، ومن خلال الانتصار لمفهوم الامن المشترك ، ومن خلال رؤية اقليمية مشتركة للتعاطي مع القضايا الاقليمية.
العراق بلد محوري ومهم .. هناك بلاد وقوى اخرى مهمة جدا في هذه المنطقة لكن من دون منظومة اقليمية قائمة على اساس التكامل والتعاون الاقتصادي والامن المشترك لن تستقر هذه المنطقة، ومحور هذه المنظومة يجب ان يكون الانتصار الى عراق مستقل صاحب سيادة تلتقي فيه المصالح والرؤى ودول المنطقة لاتتصارع فيها.
وبهذا اختتم كلمتي مرة اخرى اتمنى لهذا الحضور ملتقاً مفيدا ، وعسى ولعل ان تكون حواراتكم مفيدة لمعالجة الاختناقات في المنطقة.