سعد العبيدي
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
لقد اشتهر العراق بكثرة الانقلابات العسكرية، والانقلاب بحد ذاته واقع حال يعتقد أصحابه أنه ثورة لأغراض التغيير الى الأحسن، وحصوله بطبيعة الحال، لا يقتصر على العراق، بل وقد لجأت قيادات عسكرية في عديد من الدول الموجودة ضمن جغرافية المنطقة والبعض المصنفة نامية، لم تنضج سياسياً الى استخدام سلاحها سبيلاً الى تغيير سلطة الدولة بالقوة، استخدام اصطلح عليه انقلاب عسكري وان زينته انقلابات نجحت بلفظ الثورة.
ان الانقلابات العسكرية في العراق، كانت من حيث العدد وغزارة التنفيذ قد فاقت جل الدول العربية التي شهدت انقلابات، بعضها نجح وغيّرَ شكل الحكم، واسلوب ادارة الدولة، مثل (١٤ تموز ١٩٥٨، و٨ شباط ١٩٦٣، و١٨ تشرين ١٩٦٣، و١٧ تموز ١٩٦٨). ونجحت أيضاً في تكوين نتائج سياسية ومجتمعية أسهمت في اتمام عملية الهدم التي طالت القوات المسلحة والدولة، وبعضها الآخر لم ينجح، وهي كذلك متعددة وعلى الرغم من عدم نجاحها، فإنها اسهمت من جانبها أيضاً في عملية الهدم لأركان الدولة وقواتها المسلحة، سواء بالتجاوز على سلطة الدولة التي أريد تغييرها باستخدام القوة، أو بتجاوز مؤسسات الدولة على ضوابط وقيم الجيش التابع لها، حيث الاعتقال العشوائي للضباط والاحالة على التقاعد الكيفي وتنفيذ أعمال الاجتثاث لفئات من الضباط والمسؤولين الحكوميين. هذا وقد يرد على مخيلة القراء العراقيين سؤال عن أسباب هذه الانقلابات أو دوافع كثرتها بالمقارنة مع المجتمعات المثيلة أو قريبة الشبه من العراق، والاجابة عن هذا السؤال من الناحية المنطقية يعود الى شكل الإدارة التي تأسست في العراق، غير المنسجمة أصلا وطبيعة المجتمع العراقي وتركيبته القومية والدينية والمذهبية، والى التخلف في فهم طبيعة الدولة ونقص المواطنة والى خصائص الشخصية الراغبة بالتفوق والتحكم واسلوب قيادة العسكر وعلاقتهم بالدولة التي دفعت بهم منذ النشأة باتجاه الخوض بمشاكل الأمن الداخلي الى الحد الذي كونت في نفوسهم رغبات ذات مساحات واسعة لتحريك الجيش سياسياً، وأنتجت في الوقت ذاته ميولاً واتجاهات سياسية الطابع متفاعلة مع مشاعر وطنية، متوافقة أحياناً مع مساعي تدخل خارجية دفع تفاعلها جميعاً الى حصول الانقلاب.
ان الانقلابات التي حصلت في العراق وان اختلفنا نحن العراقيين في تقييم دوافع حصولها ونتائج الحصول، كانت قد تسببت جميعها من حيث لا يريد أصحابها في احداث الهدم البنيوي للقوات المسلحة والدولة، إذ ان الاستقواء بالسلاح للتدخل بشؤون الدولة، خرق لقوانين الدولة.
واستخدام نفوذ القادة العسكريين المسلح للضغط على أطراف سياسية في الدولة، هدم لمعايير إدارة الدولة. والتلويح بالقوة لردع المجتمع سعياً لإبعاده عن طريق الانقلاب، تفتيت للمجتمع وتجاوز على حقوق المواطن والوطن.
هذا ولإلقاء الضوء على عملية الهدم التي طالت الدولة العراقية وقواتها المسلحة، لابد من تناول الانقلابات الحاصلة بقدر من التفصيل لاحقاً.
المصدر: الصباح