��بسم الله الرحمن الرحيم
" وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ". صدق الله العظيم
السيدات والسادة الحضور الكرام
السيد رئيس مجلس النواب المحترم
الاخ الصديق العزيز السيد عمار الحكيم
السلام عليكم ورحمة الله..
ما أجلّ وأسمى، من استلهام عظمة صمود السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) كرمزٍ توحّدَ فيه جلال التضحية دفاعاً عن الحق، ونبل الشخصية الصامدة بوجه العنف والظلم وسافكي دماء الشهداء الاطهار في واقعة الطف.
وما أنبل من استذكار ويلات ومعاناة العنف ضحايا الحروب والتطرف والارهاب من العراقيين طوال فترات تاريخنا المعاصر، لا سيما الامهات والزوجات والبنات ضحايا جرائم الانفال والمقابر الجماعية وسنجار وسبايكر. بيد ان سبي واغتصاب النساء وبيعهن في أسواق النخاسة او قتلهن غيلة بلا وازع من ضمير، هي الجريمة الاكثر بشاعة والاكثر ادانة والاكثر تضاداً مع الشرائع الالهية والقيم الانسانية والمبادئ الاخلاقية.
فتحية تقدير لمبادرة عزيز العراق السيد عبد العزيز الحكيم (رحمه الله) بالدعوة الى اعتبار مثل هذا اليوم يوماً اسلاميا ًسنوياً لمناهضة العنف ضد المرأة ولا سيما المرأة العراقية التي تعرضت الى اقسى اشكال الحيف والظلم على ايدي عصابات تنظيمي داعش وقبله القاعدة الارهابيين.
وتحية لجهودكم لإنجاح هذا المؤتمر الدولي العاشر لمناهضة العنف ضد المرأة والسعي لتمكينها اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وأكاديمياً ليكون لها الدور الرائد في صناعة الانسان والحياة.
وإذ نعبر عن أصدق تمنياتنا لكم بالنجاح وبالتقدم في تعزيز الجهود المناهضة للعنف ضد المرأة في مجتمعنا وبلدنا، نرى أن هذه المهمة النبيلة تستحق كل الدعم من الجميع. فمع أهمية مساهمة مؤسسات الدولة فيها، تظل جهود المجتمع والمنظمات المدنية والدولية ومبادراتها مطلوبة ومهمة لمنع العنف الموجه ضد المرأة. كما ان هناك ضرورة لتعزيز دور القضاء والتشريعات القانونية لمواجهة الحالات التي تتعرض فيها النساء لانتهاكات تسيء لكرامتهن الانسانية كتقديمهن ثمناً لفض نزاعات عشائرية او جرائم ارتكبها الذكور وسواها من ممارسات ترفضها الشرائع السماوية.
فلقد حقق التقدم المدني وتنامي الوعي بالحرية وبالكرامة الانسانية والمساواة الكثير من التطور لصالح المرأة، لكن من المؤسف بالمقابل أن كثيرات من النساء في بلدنا ما زلن ضحية العنف بأشكاله المختلفة. ويتجاوز العنف الذي تلقاه المرأة حدود العنف الأسري واللفظي الى العنف الجسدي وإلى ما لاقته عراقيات كثيرات على أيدي العصابات الاجرامية وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي وايضا ما نشهده في الآونة الاخير من اعمال قتل بشعة للنساء بدوافع شتى ومريبة في الغالب تستدعي الادانة والتدخل العاجل لسلطة القانون.
ولقد كان فخرا لنا نيل المواطنة العراقية الايزيدية نادية مراد جائزة نوبل للسلام كانصاف مستحق لضحايا الارهاب من ابناء شعبها وكل ضحايا والعنف والتطرف في العالم، وتعبير عن التضامن الانساني العميق معهم ونصر للقيم الانسانية كافة. ولقد شهد العالم بأسره كيف نهض العراقيون جميعا لتحرير سنجار ولنصرة اخوانهم الايزيديين الذين تعرضوا الى واحدة من ابشع الجرائم ضد الانسانية.
ونؤكد هنا ايضا على ان تصفية كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات من القيم الأساسية في الدستور العراقي كما في قرارات الأمم المتحدة واللوائح الدولية لحقوق الإنسان وعلينا جميعا اعلاميين ونخب دينية وثقافية واجتماعية النهوض بدور مهم في التوعية به.
ان من واجبنا ان نناصر بقوة من اجل تمكين المرأة في كفاحها لنيل حقوقها وكل ما من شأنه دعم واقعها والارتقاء به على الدوام. ونسعى في هذا الاتجاه الى تفعيل الخطة الوطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن (حول المرأة والأمن والسلام)، والمخصص للنهوض بواقع المرأة في العالم بعد ان كان العراق أول بلد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتبنى هذه الخطة التي تتضمن مجالات اشراك المرأة في عملية صنع السلام وفي اتخاذ القرارات أثناء النزاعات المسلحة وبعدها، لحمايتها من كل أشكال العنف الذي قد تتعرض له.
ونشدد على لزوم مناهضة اي شكل من اشكال التمييز او العنف ضد المرأة العراقية التي تشكل الآن اكثر من نصف المجتمع، ومحاربة كل ما يسيء الى مكانتها من موروثات بالية وتطرف وتخلف وجهل.
السيدات والسادة الحضور..
ان تاريخ نضال المرأة العراقية في مواجهة العنف ولنيل حقوقها كمواطنة كاملة الحقوق تاريخ طويل، وعظيم ايضا صمودها بوجه المصاعب والأزمات التي مرت بها من حروب سابقا وما تعرضت له في بعض المناطق بسبب همجية الارهابيين.
وَبدايةً.. فان تعزيز دور المرأة في بلادنا.. ومساندتها لتذليل العقبات التي تعرقل تحسين ظروف حياتها ومنحها مكانة قيادية لائقة.. في المجالات الاقتصادية والوظيفية والسياسية والادارية.. هو حاجة أساسية من اجل تحقيق التنمية المستدامة لبلادنا، في اطار دولة مدنية حديثة، تضمن حقوقَ وكرامة الجميع..
فلا حقوق بدون صيانة حقوق المرأة نصف المجتمع، وتعلمت من والدتي التي ربتني رحمها الله حيث كانت تقول لي دائما اذا كانت المرأة نصف المجتمع فهي ام للنصف الاخر. ولا تقدم ولا استقرار ولا رقي بدون مكانة لائقة وكريمة للمرأة.
أحيي باعتزاز وتقدير جهودكم وكل الجهود التي بذلت والتي تبذل من أجل العمل على حياة للنساء بلا عنف ولا تهديد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”