أكد محافظ البنك المركزي علي العلاق، اليوم الأربعاء، إن حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي يزيد بنسبة 140% عن العملة المحلية المصدرة والتي تصل إلى 100 ترليون دينار، وفيما لفت إلى أن العراق يمتلك مرتكزات الاستقرار النقدي، أشار إلى أن السنة المقبلة ستشهد تحولات كبيرة في إعادة هيكلة المصارف الحكومية والخاصة، كاشفاً في الوقت نفسه أن الدين الخارجي للعراق يصل إلى 20 مليار دولار في الوقت الحالي.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وقال العلاق، خلال مشاركته في جلسة ملتقى الشرق الأوسط 2024 (ميري) في أربيل وحضره مراسل وكالة الأنباء العراقية(واع) ان "هذا الملتقى مهم ويشكل منصة مهمة في تبادل الأفكار ودراسة مختلف الجوانب من الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتنموي"، مؤكدا ان "البنك المركزي لا يمكن أن يختزل دوره من خلال نافذة بيع العملة أو النشاطات الهامشية بل يمثل ركنا أساسيا من أركان الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلد".
وأضاف، أن "البعد الأساس والأول في عمل البنك المركزي هو تحقيق الاستقرار ولا سيما الاستقرار النقدي ويترجم ذلك بمقياس الحفاظ على المستوى العام للأسعار والسيطرة على التضخم والحد من التضخم وإدارة الكتلة النقدية بحيث لا يكون هنالك فائض يؤدي إلى التضخم أو شحة تؤدي للانكماش"، مبينا "إننا ورثنا من بعد عام 2003 وضعا شاذا خاليا من وجود قاعدة حقيقية للاستقرار النقدي في العراق وكل احتياطيات البنك المركزي في عام 2003 كانت عبارة عن 900 مليون دولار استولى عليها قصي صدام حسين عشية سقوط النظام، وهذا يعني أن العراق بدأ من احتياطيات مقدارها "صفرا" وكان حجم الكتلة النقدية في التداول هو حوالي 4 ترليون دينار".
وتابع "اليوم لدينا أكثر من 100 تريليون دينار في التداول (عملة مصدرة) وليس كل المعروض النقدي واحتياطيات أكثر من 100 مليار دولار، وهذا يعني ان البنك المركزي حقق قاعدة مهمة للاستقرار النقدي"، موضحا ان "التضخم هو المقياس الأساس لقدرة البنك المركزي في أداء مهمته ووظيفته الأساسية هو أقل 3.8% تعتبر نسبة نموذجية تحقق فعلا الاستقرار والرفاهية".
كفاية الاحتياطيات من العملة الأجنبية
وأشار "لدينا مرتكزات لتحقيق الاستقرار النقدي في العراق من خلال مؤشرات التضخم أولا وكفاية الاحتياطيات من العملة الأجنبية والتي تتجاوز ال 140 % من العملة المصدرة واحتياطيات بنسبة 140% من مما يشكل ضمانة كبيرة في الاستقرار النقدي وهي تعتبر نسبة عالية جدا وهو رقم يشكل ضمانة للاستقرار النقدي".
التقدم نحو البعد التطويري
وبين العلاق أن "البنك المركزي يسير نحو البعد التطويري للتحول إلى الاقتصاد الرقمي وأنظمة المدفوعات المتطورة الرقمية"، مؤكداً "منح 16 شركة للدفع الإلكتروني ترخيصا وكذلك لدينا شركات للمحافظ الإلكترونية، ونعكف على ترخيص مصارف رقمية وإنشاء شركة وطنية للدفع الإلكتروني تتولى عمليات تنظيم الدفع الإلكتروني"، مؤكدا وصولها الى مراحل متقدمة بشراكة مع البنك المركزي".
خطط إصلاحية
وأشار العلاق الى وجود "خطتين كبيرتين الأولى لإصلاح المصارف الحكومية والثانية لإصلاح المصارف الأهلية عبر التعاقد مع شركات دولية تقوم بإنجاز هذه المهمة وستؤول السنة المقبلة إلى تحولات كبيرة في إعادة هيكلة المصارف الحكومية والخاصة"، كاشفا عن العمل على إعادة ترخيص المصارف الخاصة وفقا لأسس ومعايير جديدة تأخذ بنظرة الاعتبار الحوكمة والشفافية والإصلاح وهيكل الملكية بالانسجام مع المعايير الدولية".
وتابع العلاق أن "البنك المركزي العراقي يقوم بعملية تحفيز مباشر للاقتصاد من خلال مبادرات الإقراض التي يقدمها إلى مختلف القطاعات"، موضحا ان "حجم المبالغ التي تم اقراضها للمجمعات الاستثمارية والسكن والصناعية بلغت أكثر من 13 تريليون دينار"، مبينا ان "المبلغ المقرض يفوق كل ما قدم من قروض خلال تاريخ الدولة العراقية".
تأسيس مصرف ريادة
وكشف العلاق خلال حديثه عن "توجه لتحفيز تمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر وفق برنامج كبير عبر تأسيس مصرف ريادة والذي سيكون مركزا لتمويل المشاريع الصغيرة وفق تجربة دولية أثبتت التحفيز الاقتصادي والتشغيل والنمو".
نمو الكتلة النقدية
وأكد محافظ البنك المركزي أنه "لاحظنا في سنة عام 2023 نسبة التضخم كانت 7.5%، ولذلك كان على البنك المركزي أن يتخذ بعض الأدوات بسحب جزء من الكتلة النقدية من السيولة ليخفض مستوى التضخم لأن هذا هو المعيار والمقياس الأساس في قدرة البنك المركزي على تحقيق أهم أهدافه، ونحن دائما نسأل بالأعلام كم سعر الصرف لكن السؤال الأصح هو كم نسبة التضخم هذا هو السؤال الصحيح لأنه إذا كانت نسبة تضخم منخفضة هذا يعني أن البنك المركزي استطاع أن يوفر العملة الأجنبية للتجارة الخارجية بالسعر الرسمي ومعناها أن البنك المركزي يسيطر على حجم الكتلة النقدية بشكل صحيح".
وأضاف، "ونعود بالإشارة إلى أنه في عام 2023 كان التضخم 7.5% ، وكان هناك نمو سريع جدا في الكتلة النقدية مقارنةً بـ 2020 إذ كان حجم العملة المصدرة 46 تريليون دينار بينما وصلت نهاية العام 2022 وكذلك عام 2023 إلى 100 تريليون، وهذا يعني أن نسبة النمو في خلال سنتين تعادل نسبة النمو في 18 سنة ومعنى هذا الحقيقة أن البنك المركزي يجب أن يركز على هذا النمو بالطريقة التي تمنع حدوث تضخم وعندما قررنا سحب جزء من السيولة وواحدة من الأدوات هي رفع سعر الفائدة لجذب المدخرات، واستخدمنا سعر فائدة 7.5% واستطعنا أن نجذب تريليونات من الدنانير ونسيطر على مستوى ومناسيب الكتلة النقدية".
وتابع أنه "ولأول مرة وخلال سنة كاملة لم يرتفع المستوى الكتلة النقدية وبقيت ثابتة وهذا يدلل على أن إجراءاتنا والاعتماد على سعر الفائدة هذا حقق الهدف منه، والبنك المركزي مؤسسة تبني حساباتها على أساس تحقيق الأهداف، وهو ما فعلناه إذ أننا عمدنا إلى سحب جزء من الكتلة النقدية بعدما لاحظنا أن النمو توقف ويجب أن ننفذ تدابير لمنع حصول انكماش وعندما نجحنا بذلك عدنا إلى سعر فائدة 5.5% عندما لاحظنا أن الهدف تحقق".
ولفت العلاق إلى أن "تحديد سعر الفائدة ما بين رفع أو تخفيض للسعر الحالي يتوقف على المؤشرات التي يراقبها البنك المركزي، إذا أننا نلجأ لرفع السعر عندما يرتفع التضخم بهدف تخفيضه".
الدين الداخلي والخارجي
وعن الدين العام أوضح العلاق إن "الموازنة العامة للدولة تثبت أحيانا مبلغ عجز كبير وتغطية هذا العجز تكون عن طريق الدين وهو أسهل وأقرب ويكون عبر الاقتراض من المصارف الحكومية وهو يمثل ديناً داخلياً، والعجز متأتي من ارتفاع النفقات بشكل مستمر وبحيث لا يقابله نمو فيه الإيرادات وخاصة الإيرادات المحلية، لذلك أصبحت هناك نفقات ملزمة وغير مرنة في الموازنة العامة للدولة مثلا الرواتب التي تحتل النفقات الأكبر وبعض النفقات الضرورية، والعراق يعتمد على الإيرادات النفطية لتغطية نفقاته بشكل شبه كلي وأي تذبذب بأسعار النفط ينعكس على تغطية هذه النفقات التي أصبحت ثابتة وغير قابلة للتخفيض".
وتابع أن "التحدي الكبير أمام الاقتصاد العراقي وما تسعى الحكومة إليه في الوقت الحاضر هو محاولة إيجاد قنوات جديدة لتنويع الاقتصاد العراقي ويتحقق عبر توسيع القاعدة الإنتاجية المحلية سواء كانت الزراعية أو الصناعية أو الخدمية أو مختلف القطاعات، خاصة مع وجود فرص هائلة في العراق للاستثمار بالاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية الموجودة التي يجب أن تقود إلى تصحيح المعادلة المالية الواقعة حاليا، من خلال مسايرة الدورة الاقتصادية وهذا بحاجة لسياسة تعظم الإيرادات غير النفطية وتسيطر في الوقت نفسه على مستوى النفقات ".
ولفت العلاق إلى أن "الشيء الجديد أن الدين الخارجي في أقل مستوياته ويصل حالياً لما هو أقل من 20 مليار دولار، والدين الأكبر هو الدين الداخلي".
ملف الموازنة
وبخصوص ملف الموازنة بين العلاق إن "بناء موازنة لثلاث سنوات تجربة مهمة أوجدت استقراراً في التنفيذ، وهو أمر عملت به عدة دول قبل العراق، والموازنة بطبيعة الحال تحتاج كل عام إلى إصدار جداول ولربما بعض التعديلات بسبب عدد من المتغيرات ومنها سعر النفط، والتقديرات الخاصة بالمالية العامة يجب أن تكون دقيقة وقائمة على معايير وأسس وأنظمة تستطيع أن تحدد بالضبط التدفقات النقدية المطلوبة وحجم الالتزامات والبيانات التاريخية التي تبنى على أساسها البيانات الحالية".
وأشار إلى أن "العراق يحتاج إلى توفير نظام دقيق ومتطور للبيانات المالية، يستطيع أن يرفد الموازنة بالبيانات الصحيحة والدقيقة لكي يكون بناء الموازنة لأكثر من سنة بناء دقيقا وهذه الممارسات ضرورية في إعداد الموازنات لاكتشاف التحديات ونقاط الضعف والقوة".
وعن موضوع المصارف، أوضح العلاق، أن "القطاع المصرفي الحكومي يشكل 80% من القطاع المصرفي بشكل عام ولكن مع الأسف المصارف الحكومية بقيت مثقلة في كثير من تراكمات الماضي ومشاكلها و فوات عقود كثير دون تطوير قدراتها".