لا يمكن أن نغفل أن معرض الكتاب، الذي يجمع آلاف الكتب، هو ليس فقط مكانًا لشرائها واقتنائها، بل هو أيضًا ملتقى للعديد من المحافل والمنظمات الأدبية والثقافية، ومن بين تلك المحافل تأتي "رابطة المجالس البغدادية الثقافية"، والتي تشارك في المعرض للسنة الثامنة على التوالي.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
صادق الربيعي، مؤسس الرابطة، يوضح أن هدف الرابطة في مشاركتها بمعرض الكتاب هو تعريف الجمهور بنشاطاتها ودورها في تعزيز الثقافة في المجتمع العراقي. إذ تضم الرابطة نخبة من مثقفي وأدباء بغداد، ويقومون بتنظيم جلسات ثقافية وأدبية منتظمة.يضيف الربيعي في حديثه لوكالة الأنباء العراقية (واع): "في كل شهر نقيم من أربع إلى خمس جلسات متنوعة، حيث تتناول هذه الجلسات مواضيع تثقيفية وتعليمية مختلفة، ويحضرها مئات من الناس، مما يعكس أهمية هذه اللقاءات في دعم الحركة الثقافية".
ويرى، أن "هذه المجالس هي رئة ثقافية تنعش أنفاس بغداد أدبياً وثقافياً وعلمياً".
ويتابع، "تأسست الرابطة في عام 2010، ومنذ ذلك الحين وهي تسعى إلى الاحتفاء بالثقافة والفن والأدب والعلم في العراق، لم يكن الهدف فقط تعزيز الثقافة العراقية المحلية، بل أيضًا إثراء المجتمع العراقي باستضافة أدباء وعلماء من الدول العربية، حيث تم تقديم العديد من النشاطات والنقاشات التي تمتع العقل والقلب على حد سواء".
كما يشير الربيعي إلى، أن" الرابطة تهدف إلى جمع المجالس الأدبية التي كانت تُعقد في بيوت بغداد القديمة في إطار واحد، لتكون وسيلة ترفيهية للمواطن العراقي عبر الثقافة والفن".
الحركة الثقافية بنكهة شبابية
من جهتها، تؤكد انتظار جمعة، عضو الهيئة الإدارية في الرابطة، أن "الرابطة تضم نخبة من المثقفين من الجنسين، وتسعى جاهدة لدمج الشباب والجيل الجديد في هذه الأنشطة الثقافية؛ بهدف إشراكهم في الحركة الثقافية وتوسيع دائرة المعرفة"، تقول جمعة: "لقد أصدرنا كتابًا بعنوان مئة عام من المجالس البغدادية، وهو توثيق لما يزيد عن 35 مجلسًا ثقافيًا في بغداد، مثل مجلس الغبان وآل مطر، حيث نناقش مواضيع متنوعة تتراوح بين التراث والحاضر، الأصالة والغربة ونتناول كل شيء من الشعر والغناء إلى المحاضرات الفكرية".
كما أكدت جمعة، أن "النشاطات والمحاضرات التي تنظمها الرابطة ليست حكرًا على أعضائها فقط، بل تستضيف العديد من الشخصيات من مختلف فئات المجتمع، وذلك من أجل تحقيق هدف التنوع في الفعاليات والنقاشات".
المجالس بين الأمس واليوم
تعود أصول المجالس الأدبية في بغداد إلى العصور القديمة، حيث كانت تُعقد في بيوتات بغداد التاريخية ولها مواعيد محددة، وكانت تُقام فيها جلسات نقاشية فكرية واجتماعية وأدبية وسياسية ودينية، وتمتد جذور هذه المجالس إلى العصر العباسي الذهبي، حين كانت بغداد قبلة العلماء والشعراء والأدباء من كل حدب وصوب، لم يكن يخلو قصر أو جامع آنذاك من مجلس يجتمع فيه الأدباء والشعراء مع الأمراء والعلماء لتبادل الأفكار والنقاشات المثمرة، وكانت تلك المجالس تعكس المكانة الثقافية الرائدة لبغداد في ذلك الوقت.
إن هذا الإرث الثقافي العريق كان السبب وراء إنشاء رابطة المجالس البغدادية، كما أوضح الربيعي، أن الرابطة جاءت لتجمع تلك المجالس تحت مظلة واحدة وتستهدف من خلالها المواطن العراقي بشكل عام، مقدمةً له الترفيه من خلال الثقافة والفن.
من بغداد إلى العالم
وأضافت جمعة لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "الرابطة لم تقتصر على نشاطاتها المحلية، بل توسعت إلى السفرات والإيفادات الطويلة إلى دول متعددة منها تونس والجزائر وإيران ومصر، وقد استضافت الرابطة في المقابل أدباء ومثقفين من هذه الدول، مشددةً على أهمية التبادل الثقافي والمعرفي بين العراق وهذه البلدان"، وأكدت، "بلدي هو واجهة الثقافة في العالم، ومن الضروري أن يستمر هذا التبادل ليعزز مكانة بغداد الثقافية على الساحة العالمية".