بغداد ـ واع
تعد القضية الفلسطينية من القضايا المهمة والحساسة وللدولة العراقية جهودٌ متميزةٌ وآثارٌ بارزةٌ في الوقوف مع الشعب الفلسطيني، ونصرة قضيته في مختلف عهودها.
حيث حازت القضية الفلسطينية منذ نشوئها على اهتمام الشعب العراقي، الذي كان موقفه بمختلف أحزابه السياسية وجمعياته وصحفه ومنتدياته مسانداً لها وداعماً لحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه، وحماية مقدسات المسلمين في القدس، والوقوف بوجه المؤامرات الصهيونية الداعية لاحتلال فلسطين.
الحراك الحكومي وموقف العراق الثابت
الحكومة العراقية عبرت عن موقفها تجاه الأحداث الأخيرة التي تجري في فلسطين المحتلة، وأن موقف الحكومة هو تأكيد لموقف العراق الثابت تجاه القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني.
وأكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أن "هذه الانتفاضة هي نتيجة طبيعية بسبب حجم الظلم الكبير الذي لحق بأبناء الشعب الفلسطيني طيلة الفترة الماضية، من استمرار الانتهاكات والتجاوزات على المسجد الأقصى وسياسة الاستيطان والجرائم التي ارتكبت بحق أبناء الشعب الفلسطيني طيلة الفترة الماضية، وللأسف هذه الجرائم وهذه الانتهاكات كان أمامها صمت وتجاهل المجتمع الدولي، والتنصل عن قراراته".
وأشار رئيس الوزراء، إلى أن "الشعب الفلسطيني فقد الثقة بالمنظومة الدولية، وبما يسمى بالمواثيق التي تحكم الأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتفاقيات الدولية، في أن تضع حداً لهذا الاستهتار الصهيوني، تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، ولم يجد سبيلاً سوى المقاومة".
وتابع، أن "جهود الحكومة مستمرة وما يهمنا الآن ،إيقاف هذا التصعيد خوفاً من الانزلاق في مستوى خطير من التداعيات الأمنية التي قد تخلق أوضاعاً مأساوية على المنطقة".
ونوه رئيس الوزراء في كلمته خلال أعمال قمة القاهرة للسلام 2023، بأن "الشعب الفلسطيني يتعرض إلى عملية إبادة جماعية باستهدافِ المدنيين في المجمعاتِ السكنية والكنائس والمستشفيات"، لافتاً الى أن "مجزرة مستشفى المعمدانية أظهرت الوجه الحقيقي للاحتلال الصهيوني، ونواياه التي تجاوزت كلَّ الخطوط الحمراء".
وأضاف أن "ما يحدث جريمةُ حرب مُكتملة الأركان، بدأت بقتل العُزل وفرض حصار خانق على ما تبقى من الأحياءِ منهم، ومن الصعب أن نصوّر بالكلمات ما يحدث يومياً من أعمال فظيعة ومذابح، ودفن للأبرياء تحت أنقاضِ منازلِهم على أرض نزوحهم الأوّل أيامَ نكبة عام 1948".
وشدد على أن "غزة تشكل اليوم امتحاناً جديداً للنظام العالميِّ، الذي فشل مرات عدةٍ في تطبيق ما ينادي به من قيم الإنسانية والعدل والحرية، وفلسطين شاهد حيّ على هذا الفشل"، مضيفاً أنه "حان الوقت لوضع حدٍّ لهذا الاحتلال البغيض، ووقف معاناة الشعبِ الفلسطيني".
وتابع رئيس الوزراء ،أن "الظلم لا ينتج سلاماً مستداماً، ولا سبيل لتحقيق الأمن وإنهاء العنف إلا بإزالة أسبابه، وفي مقدمتها الاحتلال وسياسات التمييز العنصري، وأن الكيان الصهيونيّ مستمرٌ في خرق القوانين، بما فيها قوانين الحرب، وأن ذلك سيؤثر في الأمن الدولي وامتداد الصراع إقليمياً، ويهدد إمدادات الطاقة للأسواق العالمية، ويضاعف الأزمات الاقتصادية العالمية، ويفتحُ الباب على صراعات أعمقَ وأوسع".
وذكر أن "الاحتلال مستمرٌ في خرق اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بأسرى الحروب، والاتفاقية الرابعة التي توفرُ الحماية للمدنيين في الأراضي المحتلة"، مبيناً أن "الكيان الصهيوني يواصل خرقه للعهد الدوليِّ الخاصِّ بالحقوق المدنية والإعلان العالمي لحقوقِ الإنسان، وأكثر من 78 قراراً لمجلس الأمن متعلّقاً بالقضية الفلسطينية".
ولفت الى أنه "لو جرى احترام القرارات الدولية، وتولت الهيئات الدولية مسؤولياتِها، ما وصلت القضية الفلسطينية إلى هذه الأوضاع المأساوية ويرفض العراق بشدةٍ محاولات إفراغ قطاع غزة من أهله، ولا مجال للحديث عن إعادة التوطين، أو خلق معسكراتٍ للّجوء، ولا مكان للفلسطينيين إلّا أرضهم".
وشدد السوداني على "ضرورة الوقفِ الفوري لإطلاق النار، وفتح المعابر الحدودية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وموادِّ الإغاثةِ، ثم العمل على ضمان تبادل آمن وشاملٍ للأسرى والمُعتقلين"، مؤكداً أنه "يجب بذل الجهود لرفع الحصار، بشكلٍ كامل، عن قطاع غزة لضمان عدم تكرار المأساة".
داعياً إلى "إنشاء صندوقٍ لدعم وإعمار القطاع، ولن يتأخر العراق عن تقديم أي مساعدةٍ ممكنة"، مشدداً على أنه "يجب وقف تذويب القضية الفلسطينية ومحاولة دفنها، وليس من حقِّ أحدٍ أنْ يتصالح ويتنازل أو يتبرّع نيابةً عن الشعبِ الفلسطيني، فالفلسطينيون هم أصحابُ الأرض والقضية".
وأوضح أنه "ما زالت الشرعيةَ الدولية، ومعها كلُّ الشعوبِ الحرة، تنادي بدولة فلسطينية عاصمتُها القدس، لا تمزّقُها المستوطنات، أو تذلُّها المعابرُ وسياساتُ التجويع، وأن الاستمرار بتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا يُنتج إلّا المزيد من العنف والتطرف، والمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة والعالم".
من جانبه أكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين، على وقوف العراق إلى جانب الشعب الفلسطيني في تحقيق تطلعاته ونيل كامل حقوقه المشروعة وإدانته للجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وخلال الجلسة الختامية للدورة الـ54 لمجلس حقوق الانسان، ألقى الممثل الدائم لجمهورية العراق لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف السفير عبدالكريم هاشم مصطفى، كلمة أكد فيها موقف العراق الثابت تجاه القضية الفلسطينية في تحقيق تطلّعاته ونيل كامل حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، بما فيها حق تقرير المصير، والحق بالعودة، والحق بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
كما وتم التأكيد خلال المؤتمر الطارئ الخامس والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي والذي عقد في بغداد، على أهمية توحيد الموقف العربي من أجل دعم القضية الفلسطينية وإدانة الجرائم الصهيونية، والضغط من أجل إنهاء العدوان على الشعب الفلسطيني وإدخال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة.
فيما شارك وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، في اجتماع الدورة الـ 43 لوزراء الشؤون الاجتماعية بالقاهرة.
وأشار الأسدي، الى أن "القضية الفلسطينية كانت أولى المحاور التي تطرق إليها الاجتماع، وأهمية النظر الى ما يحدث في غزة والمطالبة بوقف إطلاق النار وإرسال الاحتياجات كافة وتوفير الدعم المستمر".
والتقى وزير العمل على هامش الاجتماع نظيره الفلسطيني أحمد مجدلاني، حيث أكد "موقف الحكومة العراقية في دعم القضية الفلسطينية".
تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني
وأعرب العراق عن رفضه لنقل السفارة الأمريكية الى مدينة القدس العربية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد محجوب: "ما يجري اليوم من نقل سفارة الولايات المتحدة الى مدينة القدس العربية والإصرار على اعتبار هذه المدينة العربية عاصمة للكيان الصهيوني يعد أمراً مرفوضاً ومثيراً لغضب مئات الملايين من العرب والمسلمين والمسيحيين في جميع أرجاء العالم، ويعد مخالفة صارخة للقرارات الدولية ومسار السلام".
وأشار الى أن "الإجراءات العنفية التي تستخدمها قوات الكيان الصهيوني ضد المدنيين تعد خرقاً سافراً لحقوق الإنسان، ومن هذا المنطلق فإننا ندين وبشدة استهداف المتظاهرين المدنيين في غزة، والذي تسبب باستشهاد العشرات وإصابة المئات من أبناء شعبنا الفلسطيني".
وأصدر العراق قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني رقم (1) لسنة 2022، حيث صدر في العدد 4680 لجريدة الوقائع العراقية بتاريخ 20 حزيران 2022.
تصاعد ردود الأفعال العراقية إزاء المقاومة الفلسطينية
وعن آراء المراقبين للأوضاع في فلسطين، ترى مجموعة من الكتاب والمحللين السياسيين العراقيين، أن عمليات المقاومة الفلسطينية أحدثت صدمة غير مسبوقة، وفاجأت العالم أجمع.
ويتوقع الخبراء الأمنيين، أن ردود الأفعال العراقية ستتصاعد إزاء المقاومة الفلسطينية، مؤكدين أن العراق يدعم الفلسطينيين في حقوقهم المشروعة، وكلما توسع القتال بين أهالي غزة والاحتلال الصهيوني، كان هناك تأييد أكبر من العراق والشعوب العربية والإسلامية، لتحفيز المقاومة الفلسطينية.
الجماهير العراقية تساند غزة
وشهدت مناطق مختلفة في العاصمة بغداد، خروج مسيرات جماهيرية مؤيدة لعملية "طوفان الأقصى"، وأظهرت مقاطع مرئية وصور المواطنين العراقيين وهم ينظمون المسيرات داخل المدن العراقية رافعين الأعلام الفلسطينية، معبّرين عن استعدادهم لمؤازرة المقاتلين الفلسطينيين، وتقديم كل أشكال الدعم والإسناد لهم في حربهم ضد الاحتلال الصهيوني.