ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
المتلازمون، هم اؤلئك الاشخاص الذين، يحملون من المشاعر انقاها، ومن النفوس اسماها، لا يعرفون الكذب، صادقون مع الناس، ومع انفسهم، يزرعون البهجة، حيثما حلّوا، واينما دبّت اقدامهم.. ولكن على الرغم من كل هذه المزايا والصفات، فإن كثيرا من الناس، يتعاملون معهم بسوء نية، ويتخذونهم هزوا، ويضربون بهم كل مثل سيئ، بل ويتنمرون عليهم، مستخدمين اقذع واقسى مفردات التنمّر، فيطلقون عليهم أوصافا قاسية، وينظرون اليهم نظرات فيها الكثير من الاستهزاء! لا لذنب اقترفه هؤلاء المتلازمون، إلّا لأنهم جاؤوا إلى الدنيا وهم يحملون في اجسادهم كروموسوما زائدا، فكل البشر لديهم 46 من هذا الكروموسومات، فيما يأتي المتلازمون ومعهم 47 منها، الامر الذي يغيّر تطور الدماغ والجسم لدى الطفل، مما قد يؤدي إلى مشكلات في النمو الجسمي والعقلي لدى هؤلاء، الذين صاروا يحملون اسم المصابين بـ (متلازمة داون)، بينما يكنيهم الناس بـ(المنغوليين)!!!، ولهذا نجدهم عرضةً للتنمر من خلال اطلاق اسم (المنغولي) على اي شيء يثير الضحك والاستهزاء، تأتي سوء المعاملة هذه في ظل توجه عالمي، لإحاطة هذه الشريحة بالكثير من الرعاية والاهتمام، في مختلف المجالات، بهدف انقاذهم من قسوة المجتمع، وإدماجهم فيه، حيث حددت الأمم المتحدة، يوم الحادي والعشرين من آذار من كل عام يوما عالميا، للوقوف مع المتلازمين، وقد بدأ الاحتفال بهذا اليوم منذ عام 2012.ويمثل هذا اليوم، دعوة للدول والشعوب ومنظمات المجتمع المدني في ارجاء الكوكب، للاحتفاء والاهتمام بشريحة اجتماعية، باتت تتسع على مستوى العالم، من أجل تغيير النظرة السلبية ازاء هؤلاء الناصعين اللافت في الامر، ان متلازمي داون، وعلى الرغم من الاعتقاد السائد لدى بعض شرائح المجتمع، بعدم قدرتهم على التطور العقلي، بحكم وجود الكروموسوم الزائد، الا اننا نجد الكثيرين منهم، وقد برعوا في مجالات كثيرة، ربما تفوقوا خلالها على (الاسوياء) من البشر، وبعض من تلك المجالات، ليست سهلة، مثل الرسم، والرياضة، بل من بينهم من حصل على براءات اختراع لأجهزة متميزة، وبعضهم حصل على ادوار البطولة في اعمال درامية، وافلام مهمة، وغيرها من المعتركات الحياتية، ومعنى ذلك انهم لا يختلفون عن باقي البشر، اذا ما توفرت لهم البيئة التي تنّمي قدراتهم الذهنية والعقلية والجسمانية.
واذا تحدثنا عن واقع حال شريحة (متلازمي داون) في العراق، فانهم ما زالوا بحاجة إلى الكثير من الرعاية والاهتمام، ابتداءً من الاسرة، اذ ما زالت بعض الاسر، تشعر بالحرج من وجود احد افرادها مصابا بمتلازمة داون، وهذا ناتج من نظرة المجتمع التي تصل إلى درجة (الوصمة الاجتماعية)، وهذا الامر يدفع الأسر إلى محاولة اخفاء الحالة، وعدم اظهارها امام الناس، وكأن هذا الانسان محكوم عليه بالسجن مدى الحياة! وهنا سيتحول إلى كائن اخر مختلف تماما عن كونه إنسانا، وفي هذا فان الاسرة تكون قد ارتكبت جناية بحق ابنها مدفوعة من حكم المجتمع وقسوته المفرطة في هذا الجانب. ثم يمتد الامر إلى الجهات المعنية، اذ ما زال مستوى الخدمات الطبية والتربوية المُقدمّة إلى هؤلاء، لا ترقى إلى مستوى ما يحتاجونه من رعاية واهتمام، فالمؤسسات الحكومية المعنية، ليست بالمستوى المطلوب، اما ما يقدمه القطاع الخاص فهو الاخر دون ذلك، فضلا عن اكلافه العالية. لذلك فإن يوم 21 اذار، وهو اليوم العالمي لـ(متلازمة داون)، يمثل فرصة مهمة للفت الانظار لهذه الشريحة المظلومة اجتماعيا وخدميا، وضرورة الانتباه لها والاهتمام بها، فهم فضلا عن كونهم بشرا يستحقون الرعاية والاهتمام، فهم مبدعون، وبإمكانهم ان يسهموا في خدمة الانسانية، اذا ما حصلوا على الاهتمام الانساني، فثمة حاجة إلى مراكز متطورة، تتوافر على كل متطلبات الرعاية الصحية والتربوية والتعليمية، وكل ما من شأنه تنمية عقول ومهارات متلازمي داون.. وكل عام والمتلازمون بخير.