أكد صناع الأفلام الذين تشارك مشاريعهم في ملتقى قمرة السينمائي 2024، الحاضنة السينمائية السنوية للمواهب من تنظيم مؤسسة الدوحة للأفلام، على أهمية دور الملتقى في بناء أصوات سينمائية جديدة، مشيدين بالدعم الذي يحظى به صناع الأفلام خلال مختلف مراحل عملهم، ابتداءً من كتابة النص وصولاً إلى عرضه على الشاشة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
في نسخته العاشرة.يوفر قمرة فرص التواصل والتطوير لأكثر من 40 مشروعا لصناع أفلام ناشئين من أكثر من 20 دولة، ضمن مهمته في تسريع وتيرة النجاح لصناع الأفلام من المنطقة وخارجها وإعدادهم لسرد قصصهم للجمهور في مختلف أرجاء العالم.
وفي هذا الصدد، قالت المخرجة وئام الحداد والمنتجة رندة معروفي عن فيلم "الليل بالكاد" من انتاج (فرنسا، تونس، قطر) عن مشروعها بإن "هذا الفيلم يمثل أرشيفا تخيليا عن الحياة اليومية في مخيم صبرا وشاتيلا ما قبل المجزرة، ولا أحد يعلم كيف كان شكل حياة الناس العادية ما قبل المجزرة في المخيم، ولا توجد صور أرشيفية أو توثيقية كافية، فيأتي هذا الفيلم لملء هذا الفراغ لتذكر المخيم في إطار بعيد عن العنف".
وأضافت: "كصناع أفلام نفضل أن نتلقى الدعم من جهات عربية مثل مؤسسة الدوحة للأفلام، وعلاقتنا مع مؤسسة الدوحة للأفلام لم تكن فقط علاقة حصول على تمويل فقط، بل تلقينا أيضاً تشجيعا وتتبعا في رحلتنا في إنتاج هذا الفيلم، فمن خلال أعمالنا التي لا بد أن تستند على وجود فكرة حقيقية، نحن نعالج القضايا العربية بأصواتنا ومن منظورنا، فلا نريد أن يعالج الآخر قضايانا ولا نريد استعماراً فنياً". وأوضحت أن "المشاركة الحالية في قمرة هي الأولى لها معتبرة الملتقى فرصة مميزة لإيجاد مساحة للتواصل وتلقي الآراء والتعليقات".
بدورهما، تحدثت المخرجة ريتا محفوظ والمنتج جوزيف خلوف عن مشروع فيلمهما القصير "الأرض تجاوزت ذروتها" من انتاج (لبنان، قطر)، بأنه "عبارة عن مقالة تجريبية تستعرض التشرذم وتأثيره على أفق بيروت بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020".
وقالت محفوظ إن "الدعم الذي تقدمه مؤسسة الدوحة للأفلام لا يقدر بثمن، خصوصاً في الوقت الذي تحتاج فيه الصناعة الإبداعية والمواهب إلى هذا الدعم، لقد كانت ردود الفعل التي تلقيناها من الخبراء والموجهين في قمرة مشجعة".
وأضافت: "إنه عمل شعري وتأملي وبصري للغاية يجمع بين السينما والفنون الجميلة، وهو مستوحى من الفن البيزنطي، فكل إطار يحتاج إلى طبقات مركبة، وعندما تكون صادقًا قدر الإمكان في أسلوبك، مثلنا، فإننا نعلم أن الفيلم سيلامس الجمهور."
من جانبها، أوضحت المنتجة تينا تيشلار عن فيلم "احتفال" من انتاج ( كرواتيا، قطر) للمخرج برونو أنكوفيتش، أن "المشروع عبارة عن فيلم خيالي مقتبس عن رواية كرواتية استلهم المخرج فكرتها، وتقع أحداث الفيلم في الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية وتركز على رحلة الشخصية منذ طفولته وحتى بلوغه، ونرى الظروف التي مر بها والقرارات التي اتخذها حتى ينتهي به المطاف بانخراطه في الجيش الفاشي، وقصة الفيلم ترينا التقاربات بين ما حصل مع الشخصية وما يحصل الآن في الأحداث الحالية". ونوهت: "لم تقتصر تجربتنا مع مؤسسة الدوحة للأفلام على تلقي التمويل فقط، ولكن التجربة ككل كانت مثيرة ومفيدة، والمشاركة في ملتقى قمرة كانت فرصة للتعرف على صانعي أفلام من مختلف أنحاء العالم حيث أتيحت لنا الفرصة لرؤية التشابهات والاختلافات بين السينما العربية والعالمية".
ولفتت هند بكر مخرجة فيلم "ناس الكباين في ظل القصر الملكي" (مصر، قطر) إلى أن "الفيلم هو ثاني عمل لها، ويدور حول حياتها عند دخولها إلى عالم المدينة وتفاعلها معها"، مشيرة إلى أن "منطقة الكباين التي عاشت فيها مهددة بالزوال وتحاول من خلال مشروعها توثيق المكان والحديث عن علاقتها بالمدينة".
وأكدت "أهمية الدعم الذي حصلت عليه من المؤسسة لتنفيذ مشروعها حيث تقوم بتطوير مشروعها في قمرة لمواصلة الإنتاج، وهناك أرشيف كبير سأعمل على الاستفادة منه يوثق ارتباط الأشخاص المكان وهي قصة من الواقع يجب تسليط الضوء عليها".
وتحدث المخرج الجزائري يانيس كوسيم على هامش ورشة عمل للشباب أصحاب مشاريع الأفلام عن تجربته في ملتقى قمرة، التي وصفها بالفريدة من نوعها، معربا عن "انبهاره بمستوى التنظيم وحجم الضيوف والخبراء، الذين سنحت له الفرصة بالالتقاء بعدد كبير منهم، ومدى الشغف والاهتمام الكبير بالسينما في قطر، كما تطرق إلى مشروع فيلمه الطويل "رقية" (الجزائر، فرنسا، قطر) الذي تدور أحداثه حول شخص فقد ذاكرته إثر تعرضه إلى حادث مروري في فترة العشرية الحمراء التي شهدتها الجزائر في فترة التسعينات".
وفي تعليقه على تجربته بقمرة، قال كوسيم: "قمرة بالنسبة إليّ تجربة مثالية، بحثت كثيرا عن الجوانب السلبية هنا لكن لم أجد، وبعكس بعض المهرجانات والورشات العالمية، ما أتاحته لي قمرة من تجارب وأفكار وعلاقات ولقاءات، لم يتحقق لي على مدى سنوات. وقد أتاحت لي قمرة فرصة العثور على منتج فرنسي لفيلمي القادم، ولن يكون آخر فيلم بطبيعة الحال".
وفي السياق ذاته، قدم خبير قمرة السينمائي جيم شريدان، المؤلف والمخرج والمنتج الإيرلندي الذي رسمت أفلامه بعضا من أكثر الفترات العصيبة في تاريخ إيرلندا الحديث، رؤيته السينمائية للجمهور، حيث يرى السينما بمثابة انعكاس للحقيقة وتختزن مستوى من "العنفوان الروحي".
في ندوة سينمائية في ملتقى قمرة، الحاضنة السينمائية السنوية للمواهب من تنظيم مؤسسة الدوحة للأفلام، أضحك شريدان الجمهور بقصصه الذكية، وكثيرا ما أثنى على ملاحظاته الصادقة حول الحياة والسينما.
وقال المخرج المرشح لجائزة أوسكار، ومؤسس مهرجان دبلن للأفلام العربية في عام 2014 إنه: "لا أزال أحاول معرفة كيف أوصل رسالتي إلى الآخرين وتقديم مفاهيم فريدة حول الشعب والثقافة العربية".
وتابع: "الناس لا يدركون أن عدم العنف يحمل نفس مستوى الشدة كما في الحرب، إنها طريقة أخرى للقتال. العنف هو شيء ينفي ذاته ولكن الناس يُدفعون إليه، لأنهم لا يعرفون في كثير من الأحيان ماذا يفعلون غير ذلك".
ووصف شرديان فيلم "كازابلانكا" بأنه "أفضل فيلم دعائي تم إنتاجه على الإطلاق"، وقال: "الفن يمكن أن يكون في خدمة الصواب أو الخطأ. إلى جميع الفنانين ومرودي الدعايات، يجب أن تكون الدعاية في خدمة فكرة نبيلة لتقدم البشرية بدلاً من وضع جانب ضد الآخر."
وأضاف: " لقد دفعني مسلسلي الوثائقي "جريمة في الكوخ" إلى السؤال عن معتقداتي الخاصة وطرق نظري إلى العالم أكثر من أي ميزة أخرى. لا تمتلك هنا نوعًا من التحكم كما في فيلم السينما، لكنه أمر جيد للغاية للتحري عن نفسك".
وأشار في حديثه إلى أنّ حبه للسينما بدأ في سن مبكرة عندما رأى مشغل فيلم لأول مرة: "أتذكر أنني كنت مرعوبًا منه، ولكن منذ ذلك الحين فقط أصبحت مفتونًا بالجوانب التقنية للسينما، وما زلت أعتقد أن سحر مشاهدة فيلم على مشغل بسرعة 24 إطارًا في الثانية مختلف بصريًا وروحيًا. فله تأثير مغناطيسي، ونحن نعلم بأنه لا يوجد تلاعب في الصور".
وقال: "إن الثنائية الحقيقية في السينما ليست بين "العقلية والسرد"، ولكن بين "الإيمان والشك"، وإذا شاهدت فيلماً ولم تؤمن به، فإنه يتحطم ويتلاشى".
وفي حديثه عن تجربة فيلمه الطويل الأول "قدمي اليسرى (1989)"، وهو فيلم سيرة ذاتية يستند إلى مذكرات كريستي براون التي كانت تعاني من الشلل الدماغي، ذكر شريدان أنه اندهش عندما رأى شابين في سوق واقف بالدوحة يقدمان الرعاية والاهتمام لشاب من ذوي الإعاقة، "أعتقد أن الناس في الثقافة العربية يحترمون ذوي الإعاقة".
وبصفته صانع أفلام، يستكشف شريدان المشاعر التي تتجاوز الكلام، لأن الكلمة المنطوقة لها حدود.
وأضاف أنه: "يفضل عدم اتباع لوحات القصص، لأنه يفكر في العواطف أولاً، لكل المشاعر غير مرئية، لذلك إذا كنت تحاول التقاط ما هو غير مرئي في كل عنصر مرئي، فإنك تقلل من حرية الممثلين في الحركة، وتعيق قدرتهم على نقل المشاعر بطريقة دقيقة للغاية".
وعن فيلمه "باسم الأب"، قال إنه تأثر بشكل كبير بفيلم جيلو بونتيكورفو "معركة الجزائر"، "لقد كان فيلمي المفضل أثناء نشأتي، ولا أعتقد أنه كان هناك حينها فيلم يعكس عالم الحروب بشكل جيد، كان هذا الفيلم يمثل مرجعاً بالنسبة لي".
وفي افتتاح الفيلم في دبلن، قال شريدان للجمهور إن "باتريك كونلون، الذي يلعب دور والد جيري كونلون، كان والدي، تماما كما كانت الأم في فيلم "قدمي اليسرى" بمثابة والدته. وختم: "صفق الجميع لوالدي وصعد على المسرح وعانقني وهمس في أذني: "أنا أحبك". كانت تلك المرة الأولى والأخيرة التي قال فيها ذلك. لم أره بعدها فقد توفي بعد أسبوعين".
في المقابل، قدمت المخرجة والكاتبة الفرنسية البارزة، كلير دينيس، التي تشكل واحدة من خبراء النسخة العاشرة من ملتقى قمرة السينمائي، خلاصة آرائها وخبراتها في ندوتها الدراسية في الملتقى، مشيرة إلى أن "تركيزها الثابت كصانعة أفلام يتمثل في تقديم وجهة نظرها الخاصة، وهي عملية تتماهي من خلالها مع شخصياتها".
وتعيد دينيس النظر باستمرار في نصها من منظورات عديدة للشخصيات، وفق ما يرتدونه، وكيف يتحدثون، وماذا يشعرون ، حتى تكتشف ما يفتقر إليه في عملية كتابة السيناريو. وأكدت كلير للحضور في قمرة أهمية تحديد جوهر الفيلم.
وأخذت كلير الجمهور في رحلتها السينمائية، التي تتسم بأعمال معقدة ولكن مقنعة تدور في غرب أفريقيا الاستعمارية وما بعد الاستعمار وفرنسا الحديثة. في فيلمها الأول، "شوكولاتة" (1988) الذي تم ترشيحه لجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، نظرت كلير بعمق في تجاربها الشخصية من خلال نشأتها في غرب أفريقيا.
وحظيت أفلام كلير التالية بإشادة مماثلة لفيلمها الأول، منها "أميركا اذهبي لمنزلك" (1994)، "نينت وبوني" (1996)، "عمل رائع" (1999)، "مشكلة في كل يوم" (2001)، "أمسية الجمعة" (2002) و "35 رم" (2009)، وفاز فيلمها "كلا جانبي النصل" بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي، بينما رُشح فيلمها "النجوم في الظهر" لجائزة السعفة الذهبية وفاز بجائزة الحكام الكبرى في مهرجان كان السينمائي.
وفي ندوتها الدراسية، استرجعت كلير لحظات بارزة من صناعة بعض هذه الأفلام، مؤكدة على أهمية التعاون في صناعة السينما وضرورة العثور على صوت الفرد من خلال الاستفسار المستمر: "أنا شخص متشائم للغاية ومن الجيد جدًا أن أكون قادرًا على التحدث بصوت عال مع الآخرين. من الرائع أن نكون قادرين على الضحك حول العمل ومناقشة المشاهد والحوارات، وهذا هو أفضل جزء في صناعة الأفلام".
ولفتت كلير إلى إنها لن تصوّر العنف في فيلم لإعطاء سبب للقصة، هذا لأنها تعتقد أن "العنف مثل بركان. يمكنك الاستناد إلى العشب الأخضر والنظر إلى السماء الزرقاء، وفجأة، ينفجر، ونحن في هذا العالم حيث العنف ينفجر ويؤذي مشاعرنا، لكنني لا أعتقد أنني أريد عملًا سينمائيًا عن ذلك. ولكن دائما هناك لحظة عندما يبدأ تكوين السيناريو وفجأة ينفجر العنف، لا أستطيع أن أمنع ذلك."
وبخصوص اختيار الممثلين، أشارت كلير إلى إنها تمتنع عن إجراء اختبارات الشاشة، معللة ذلك بقولها: "لأنني أشعر أنني آخذ شيئًا منهم بشكل مجاني" بدلاً من ذلك، تفضل كلير أن تخاطر بـ "التخمين والثقة - لأنه دائمًا هناك لحظة عندما تشعر بأنك قد اتخذت الخيار الصحيح.
وكانت أول ندوة سينمائية في النسخة العاشرة من ملتقى قمرة، الحاضنة السينمائية للمواهب العربية والعالمية، شاركت خبيرة قمرة السينمائية توني كوليت (الحاسة السادسة، وليتل مس سنشاين، زفاف مورييل) علاقتها التحولية مع الأفلام. وكيف مكنتها من أن تفهم ذاتها وتكون على طبيعتها
وتنقلت توني في حديثها من الأفلام إلى الحياة، ومن الهوية إلى الفردية، ومن التمثيل إلى استكشاف دروس جديدة كمنتجة، وقدمت من خلال خبرتها معارف لا تقدر بثمن لجمهور غفير في قمرة.
وأوضحت توني فيما يتعلق بدخولها عالم السينما أنها بينما كانت غير متأكدة من نفسها عند الاختيارات المهنية الأخرى، كانت تعرف بالفطرة أن التمثيل مقدر لها. "إنه أمر غريب لأنني لم أكبر حول هذا النوع من الأشياء. لقد كان الأمر غريبًا مثل القول بأنني سأصبح رائدة فضاء". بدأت توني رحلتها في المسرح الموسيقي وكانت تحب الرقص النقري في طفولتها، وكانت لحظة انطلاقتها هي التمثيل في فيلم "سبوتسوود" (1992) مع أنتوني هوبكنز وراسل كرو.