ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد - واع - آية منصورتحت هيمنة التحولات السريعة في عصر التكنولوجيا، يتسارع البحث عن سبل لحماية الأطفال من التأثيرات السلبية للهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع مختصين للدعوة إلى إدراج كتب ملونة ذات محتوى هادف ضمن المناهج الدراسية لتعزيز بيئة تعلم إيجابية، مؤكدين أن هذه الكتب لا تقدم فقط محتوى ملهماً بل أنها ستكون وسيلة فعّالة للابتعاد عن الإدمان على الهواتف والمخاطر المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي وخطورة المخدرات.
كيف ننقذ الطفولة؟
وفي هذا الصدد، يوضح الكاتب في أدب الطفل قاسم سعودي، لوكالة الأنباء العراقية (واع) أن "الحصيلة المعرفية للطفل يجب أن تزداد وتنمو سواء في تجديد المناهج الدراسية لتواكب حركة العالم المتسارعة شيئاً فشيئاً، وخصوصاً الثقافي منها والإبداعي أو في رفد وترسيخ فكرة (مكتبة في مدرسة) ودعمها بالمنتج القصصي والشعري العراقي والعربي والإنساني بشكل عام كخطوة أولى لتعزيز مفهوم القراءة والاكتشاف".
وأضاف سعودي، أن "هذه الخطوات ستسهم في تغذية مخيلة الطفل وتشكيل ذائقته الجمالية والإنسانية بشكل مثمر وحيوي، لا سيما في التقليل من الأمراض الشعورية والنفسية التي تهيمن على الطفل، وكذلك الأمراض الاجتماعية كما في الخجل والشعور بالنقص وغيرهما".
وتابع أنه "سبق أن قام بتنفيذ مبادرة (تعال نكتب في بغداد) ومبادرة (مارثون الكتابة) لتعليم فن القصة القصيرة للطفل في المدارس والجامعات من خلال ورش تفاعلية وميدانية تضمنت ملامسة أهم الخصائص والوسائل الفنية في تعلم فن القصة القصيرة للطفل مع تمارين سردية متنوعة، ما أسهم في تعزيز وتنشيط الذائقة الجمالية والإبداعية للمشاركين وإثراء روح المعاصرة واستلهام رؤى معرفية تعزز مفهوم اللغة العربية بكل متطلباتها الجمالية والمعرفية".
وبين أن "مثل هذه المبادرات والأنشطة التفاعلية قد تقلل من الهيمنة التكنولوجية التي تغزو عقولنا جميعاً، وليس الطفل فقط، لكن الأفضل هو مواكبة تلك الوسائل وتغذيتها بالأنشطة الإبداعية والفنية والتربوية وطرحها لتلاميذ المراحل الأولى بصورة أفضل، بصورة تواكب مخيلة الطفل وذكائه ومداركه الحسية والشعورية"، مضيفاً": "اكتشفنا العشرات من المواهب في الرسم والكتابة من خلال مبادرة واحدة، تخيل كم سنكتشف من المبدعين لو أننا وبشكل مستمر، قمنا بحثهم على القراءة والكتابة الإبداعية والرسم".
مجلات الأطفال
بدورها، قالت رسامة الأطفال تبارك منصور، لوكالة الأنباء العراقية (واع): "فتحتُ ذهني عندما كُنتُ طفلة، وكانت أسعد لحظات حياتي حينما أقرأ مواضيع مجلة المزمار ومجلتي، كانتا تحتويانعلى قصص عن مدن في العراق، حيث لا يمكنني قراءتها ضمن المناهج الدراسية، بل كانت المزمار ومجلتي هما اللتان منحتا المعلومات الأساسية لي، وهذه المجلات والرسوم كانت مصدر إلهام لأطفال مثلي قبل سنين طويلة، كنتُ أقلب صفحات المجلة وأقلد ما أجده فيها، أقرأ خانة التعارف وأتساءل: متى سيصبحون أصدقائي؟".
وتابعت: "مجلات الأطفال كانت خير عون لعوالم متداخلة بالمعلومات والثقافة، كما تساعد بتقوية ذاكرة التلميذ وتعزز وصول المعلومات إليه"، مضيفة: "كنت أقتبس القصائد الموجودة في المجلات وأقرؤها في رفعة العلم يوم الخميس، هذا الشيء كان يضيف روح المنافسة من زملاء آخرين، يبحثون هم أيضاً عن قصائد في مجلات وكتب للأطفال، كما أن فقرة (هل تعلم) التي كانت مليئة بمعلومات غريبة، ما زلت أستخدمها في حياتي، وقد منحتني الثقافة والمعرفة".
أهمية المكتبة
وتبين منصور: "سابقاً كانت رحلة الحصول على المعلومة صعبة، اليوم أصبحت متاحة وسهلة، ومع ذلك، لا يتم الوصول إليها بنفس الشكل الذي كانت عليه، وكأنك تمسك المعلومة بيدك، فالكتاب بشكله الملموس مع الرسومات، تترسخ في الذاكرة وتصبح خلفية لعقل الطفل بشكل لا يتقارن مع الهواتف الخالية من الروح".
وذكرت: "كانت هناك مكتبات في المدارس الابتدائية تحتوي على مجلتي والمزمار والعديد من كتب الأطفال التي قامت حقاً بتعزيز أخلاقنا ومبادئنا التي نضجنا معها، فالمدرسة تحتاج إلى اهتمام من الدولة من خلال إضافة مكتبات مجهزة بالكراسي والألوان، مع تعليم الأطفال آداب استخدام المكتبة كالصمت أثناء التواجد بها، وإعادة الكتب المستعارة والالتزام بالهدوء، وأصبحت هذه الذكريات جزءاً أساسياً من مرحلة طفولتنا، وأسهمت بصقلنا حتى بطرق تعاملنا في الحياة"، متسائلة: بماذا سترتبط ذاكرة الأطفال العراقيين اليوم إذ لا وجود لعوالمهم الملونة في المدارس؟".
وتضيف تبارك، أن "أدب الأطفال وصناعته، يفرضان على الكاتب والرسام الالتزام بمعايير الكتابة الخلاقة، مع اعتماد مفردات ورسومات وأفكار تناسب عقل الطفل من دون إساءة، كما أنهما يكونان حذرين ويتجنبان تلويث أحلامه، إلا أن الهاتف والإنترنت لا يلتزمان بالالتزام نفسه، ويكونان مسؤولية العائلة بشكل رئيس في كيفية إدخال الإنترنت للطفل ومتابعة نوعية المحتوى الذي يتعرض له".
ولفتت إلى أن "أشكال الألوان والرسوم تفتح عقول الأطفال، ومن خلال معالمهم وخيالهم الواسع، تُعتبر الصور والرسوم حافزاً لزيادة رغبتهم في القراءة، ما يسهم في تطوير مهاراتهم اللغوية وتعزيز اهتماماتهم القرائية المبكرة، ويتعلم الطفل من خلال الحكايات الهادفة برسومات جميلة، وتكون الكتب الإبداعية وسيلة لهم لاستكشاف اهتماماتهم وتطويرها بشكل إيجابي".
الكتب التوعوية
من جهتها، أعربت سناء أحمد، وهي مديرة مدرسة ابتدائية، عن أمانيها في توفير المجلات أو كتب الأطفال، وقالت لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "بعض المنظمات، بالتعاون مع وزارة التربية، قد قدمت كتباً خاصة بالأطفال تحث على السلام والمحبة، وكانت تجارب رائعة، أحبها التلاميذ كثيراً، ولكن يتعين علينا الحصول على المزيد"، مبينة: "نحتاج إلى المزيد من الكتب التي تشد الأطفال بعيداً عن عالم التكنولوجيا وتربطهم بالعالم الحقيقي والأرض والتربة، عليهم استكشاف العالم بشكل ذاتي".
وتبين سناء، أن "الكثير من المدارس في أوروبا اعتمدت الآيباد والأجهزة الإلكترونية في مناهجها، ثم أثبتت عدم أهليتها لاستيعاب حجم عقل وخيال الطفل، لذا عادوا إلى الكتب، حيث الصور والألوان التي تمكن الطفل من اللمس والشعور بما حوله من صور".
وأكدت أن "العديد من العائلات، خاصة الأمهات، يأتون إلى المدرسة يومياً، مطالبين بإيجاد طرق للتخلص من الهواتف لأطفالهم: إنهم يهددون ذويهم بعدم الدراسة في حال منعهم من استخدام الهواتف، ولو كانت لدينا مناهج ترفيهية تقضي وقتهم وتشجعهم، سنرى اضمحلال فكرة الهواتف كعوالم لهم".
وتابعت أن "وزارة التربية يجب أن تركز على توفير كتب أطفال مخصصة لاحتوائهم وتحذيرهم من الظواهر الاجتماعية الضارة، مثل المخدرات وغيرها، ويجب أن تكون هذه الكتب محفزة لهم وتجعلهم أوفياء لبلادهم، ومحبين حقاً لها، حيث يتعرفون على قيمتها الحقيقية".