ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بمرارة وخيبة أمل شديدين كتب نبيل عمرو المستشار السياسي السابق للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والمستشار اللاحق للرئيس الحالي للسلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن)، مقالاً في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنيَّة بتاريخ السادس من كانون الاول – ديسمبر الحالي بعنوان (الفلسطينيون .. والتحالفات مع موسكو وطهران) تحدث فيه عن بدء العلاقة بين الثورة الفلسطينية ثم منظمة التحرير مع الاتحاد السوفيتي عندما قدّم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ياسر عرفات إلى الرئيس السوفيتي بدكورني وذلك عام 1969.وقد أقام ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير أول لقاء مع قائد الثورة الايرانيَّة السيد الخميني عام 1979 .
وإذْ عمدت الثورة الفلسطينية – منظمة التحرير إلى وصف تلك العلاقات بينها وبين كل من موسكو وطهران (بالتحالفات الاستراتيجية) مع العاصمتين اللتين لم تعتمدا وصف تلك العلاقات كما وصفها الفلسطينيون!، ويخلص كاتب المقال المستشار الفلسطيني بعد عرضه لمبررات وأهمية تلك العلاقات (الاستراتيجية) إلى نهاياتها المحبطة والمخيبة للآمال في مرحلتين وخلال احداث تاريخية مهمة، الحدث الاول محاصرة اسرائيل لبيروت ومنظمة التحرير ومقاتليها لمدة 88 يوماً عام 1982 وبعد إرغامهم على مغادرة بيروت وكل لبنان إلى دول شتات جديدة اهمها تونس.
أما مرد هذا الاحباط وخيبة الأمل المريرة فهو خذلان السوفيت بعدم التدخل لحمايتهم، وإن أقصى ما فعلوه تقديم اقتراح لياسر عرفات بتأمين مغادرته لبنان إلى اي مكان يقبل به مع ثلة من رفاقه وأعضاء قيادته مع آلاف المقاتلين الفلسطينيين (ومن العاملين معهم من اللبنانيين والعرب)، أما إيران التي مثلت ثورتها الحدث المهم التالي يضيف الكاتب نبيل عمرو، فقد وعدت عرفات (أبان حصار بيروت) بإرسال مئة ألف مقاتل إلى لبنان لمساعدتهم وحمايتهم، لكنها لم تفعل ولم يصل أحد؟!، لذلك يضيف كاتب المقال: لقد أيقظت حرب العام 1982 الفلسطينيين على حقيقة بدت مرة في حينها إذْ خذل السوفيت، وتالياً طهران، توقعاتهم بتدخل فعال لحمايتهم.
وبعد هذا الايقاظ (والصدمة) فإنّ الدرس (البليغ) لمنظمة التحرير وحماس، الذي كان ينبغي وعيه منذ البداية هو: (لا تحالف بين طرف صغير مع الطرف الأقوى والأكبر منه، بل صداقة وتعاطف غير ملزم.
وفي هذا السياق يقع اللوم على من أخطأ في فهم التحالف والتزاماته والباس الصداقة والتعاطف ثوباً لفظيّاً لا صلة له بالواقع.
أما بعد 7 أكتوبر – تشرين الأول من هذا العام فقد دعت (حماس) «الحلفاء الاستراتيجيين» إلى المسارعة للمشاركة في النصر ليس بالتمني والتباهي والاحتفال، وانما بما هو أبعد من ذلك، أي المشاركة في مواجهة رد الفعل الاسرائيلي، كما يرى الكاتب عمرو.
هذا المقال الصادم للكاتب في عرض التقديرات الخاطئة للقيادات الفلسطينية في اعتبار الصداقات والتعاطف اللفظي بمثابة ستراتيجيات مهمة وفعّالة يمكن الركون اليها، يحفز المرء أن يطرح، استطراداً لذلك، تساؤلاً مهماً فيما اذا كانت وستستمر علاقات الفلسطينيين مع الدول التي طبّعت علاقتها مع اسرائيل بما فيها تلك التي تسعى لتطبيعها كالسعوديّة، أو تلك الدول التي لم تطبّع ولا تريد أن تطبّع مستقبلاً.
من الواضح أنّ القيادات الفلسطينية ممثلة بالقيادة الشرعيّة لمنظمة التحرير وسلطتها الوطنيّة برئاسة محمود عباس وخصومها من القيادات الأخرى كحماس، وغيرها تعاملت بايجابيّة وتنسيق مع جميع الدول العربيّة المطبّعة وغير المطبّعة، بل أن تواصل هذه القيادات وتنسيقها مع الدول المطبّعة وطلب مساندتها وحتى توسطها لقضايا معينة مع اسرائيل وواشنطن مثل مصر والاردن وقطر والامارات وعمان والسعودية انطلاقاً من نظرة واقعيّة إذ ترى هذه القيادات أن لكل دولة مطبعة أو غير مطبعة من حقها أن تتخذ السياسة والمواقف التي تراها لمصلحة شعبها والشعب الفلسطيني في آن واحد؛ لذلك حرصت على عدم توجيه اي انتقادات أو مواقف سلبية تجاهها وذلك خلافاً لمواقف بعض الدول غير المطبعة التي توجه أشد الانتقادات للدول المطبعة.
ولعل اعتماد منظمة التحرير وحماس والفصائل الأخرى على الدول الرئيسية المطبعة كانت أكثر فائدة عملية لها، حيث لا تستطيع الدول غير المطبّعة القيام ما تقوم به المطبّعة كمصر وقطر والاردن والامارات.
غير أان تعامل مختلف القيادات الفلسطينية سيكون حذراً في الحديث مستقبلاً عن استراتيجيات وتحالفات مبالغ في دورها واهميتها بدعم القضية الفلسطينية، استناداً إلى الوقائع العملية الراهنة التي نشهدها من الحرب الإجراميَّة على غزة، وتجربة العام 1982 في احتلال لبنان وحصار بيروت.