الرئيسية / شابة عراقية تقع في فخ المخدرات تروي حكاية انتصارها على الإدمان

شابة عراقية تقع في فخ المخدرات تروي حكاية انتصارها على الإدمان

بغداد-واع- آية منصور

أحياناً أدرك أن بعض الأشخاص يولدون وليس لهم أمل في هذه الحياة، رحلتي كانت شاقة، وتم سحبي لعالم المخدرات من دون دراية أو طلب مني، صادفت أياماً سيئة، ولا يمكنني أن أشرح مدى سوئها، حتى أنني فكرت بالانتحار مراراً وتكراراً، لكنني قاومت، أعتقد أن هذا ما يجب أن يفعله مدمن المخدرات، المقاومة، بهذه الكلمات بدأت الشابة حنين أحمد تحكي قصتها بالصراع مع آفة المخدرات والتي استطاعت أن تنتصر عليه رغم الصعاب والتحديات.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
الأمل وسط الحزن
تبدو اليوم حنين احمد، سعيدة بشبابهاـ تحمل قوة وإرادة لمحو ما تبقى من الماضي الحزين وجعله مجرد ذكرى لتجربة قاسية، لم تكن فيها يوماً سوى ضحية لعالم المخدرات ونفقه المظلم، تتحدث حنين وتخبر وكالة الأنباء العراقية (واع) حكايتها مع الحبوب المخدرة، والتي بدأتها بشكل عرضي، وبسبب صداع، صداع فقط. تقول حنين، إنها كانت تبحث عن مسكن للألم، حيث تدرس علوم الحاسوب، ثم تغيرت حياتها الى الأبد تضيف بحديثها: "في الباص العمومي كانت تجلس بقربي بالصدفة فتاة جمعتني بها صداقة قديمة تعود الى أيام الدراسة، لاحظت تشنجات وجهي، منحتني حبة وردية اللون، ما زلت اتذكرها جيداً، قالت إنها مسكن قوي، وأنني سأتمكن من التركيز في المحاضرات المقبلة وسأنسى الألم ليومين، ثم منحتني حبتين أخرتين قائلة: هذه احتياط في حال أنك شعرت مرة أخرى بالوجع، كنت أراها ودودة ولطيفة للغاية، وتود مساعدتي ليس إلا، فبدأنا نسترجع أيام الدراسة وتبادلنا أرقام الهاتف". 

الأعراض التي لا تدركها 
تبين حنين، أنها نست تلك الحبة، حتى عاد الصداع إليها مرة ثانية، بعد أقل من أسبوع، توضح أنه كان أكثر قوة، ولكنها لم تفكر بشيء، فتناولت تلك الحبة الثانية، وأصبحت أفضل، لكن الأمر تطور معها، وصار الصداع معها شبه يومي، حتى إن زملائها اقترحوا عليها مراجعة الطبيب لمعرفة ما يحصل معها، لكنها قالت: "اتصلت بي بعدئذ لتتطمئن علي، فسألتها عن الحبوب، وقالت إنها مسكن قوي للألم، لا يتوفر في العراق، وأنها يمكن أن توفره لي بمبلغ مناسب، يومها قلت لها إن الحبة مثل السحر، بمجرد أن أتناولها أصبح بخير، ضحكت وقالت، سترين العجب". 
توضح حنين أحمد، أن تلك الحبوب صارت هي العلاج لصداعها، تؤكد أنها كانت ودون أن تنتبه، تعيش صداعاً مستمراً لا ينتهي إلا من خلال تلك الحبة، وأن الأمر أصبح خارج السيطرة، إن حبتين وثلاث لا يبعدا الصداع بل يجعلناها أحياناً تنام، وأحياناً تنتشي، توضح أنها لم تنتبه لأن هذه الأعراض مرتبطة بالمخدرات، تكمل بحديثها قائلة: "التقيت بالفتاة لتعطيني الحبوب، إذ أنني وبعد أن سألتها عن اسمها لشرائها من الصيدلية، كررت أن العلاج غير متوفر في البلاد، أردت منها معرفة آثارها الجانبية، تجيبني بسخرية، بأننا العراقيين لا نفهم بالطب، ومعتادين على البراسيتول فقط، لكنها من الممكن أن تمنحني دواء آخر وأغلى قليلاً، ولا أعلم كيف أنني وافقت، كنت أريد أي شيء، ثم لاعترف أنني قليلاً بدأت الشك فعلاً بأن ما يحصل غير طبيعي، لكنني كنت أخاف، أخاف أن يقول لي أحدهم، إنها حبات مخدرة، وتنتهي حياتي". 

ما الحل؟ 
راقب الخوف حياة حنين، وأصبحت لا تفعل شيئاً سوى تناول كل ما تجلبه له تلك الفتاة على أمل أن تصبح أفضل، لكن حالتها تسير نحو الأسوأ واستمرت بتناول الحبوب لأكثر من ستة أشهر، مضيفة: إنها صارت تدرك كلياً، أن ما تأخذه هو حبوب مهلوسة ومخدرة، إذ فقدت شهيتها، فقدت الوزن، والرغبة بعيش أيامها أو حتى الدراسة، انزوت وأصبحت غرفتها ملاذها الوحيد للخلاص من هذا الهم، كنت أخشى مصارحة عائلتي بهذا الأمر، من سيصدق أن حبة مسكن للرأس أوصلتني لما أنا عليه؟ كنت أبحث بالانترنت عن وسائل للخلاص من المخدرات، أحاول، أحاول وأبكي وأصرخ في غرفتي، أصيب بانهيارات متكررة، أدعو من الله أن يبعد هذه الحاجة الملحة بتناولي للحبوب، التي أصبحت لا تفي بالغرض، ولا تبعد الشعور السيئ عني، وصرت أتغيب كثيراً، وقلت لعائلتي إن إحدى الصديقات توفيت وحالتي النفسية سيئة، الفتاة نفسها اتصلت بي لتسألني إذا ما كنت بحاجة للحبوب، وكنت أخاف منها كثيراً، أريد الحبوب، وبنفس الوقت أصارع لتركها، أعيش حرباً، وتضغط هي علي، استجمعت قواي وقلت لها: رأسي لم يعد يؤلمني، ولو اتصلت ثانية سأبلغ عليك، أيضاً قررت أن أخبر صديقتي التي لم تصدقني في البدء، الأمر الذي جعلني أتردد أكثر بإعلام عائلتي". 

أشهر العناء 
لأكثر من ستة أشهر، صارعت حنين ولوحدها، بسبب خوفها من رد فعل عائلتها، كانت قد تواصلت مع أشخاص يساعدونها على تخطي الادمان، توضح أن الأيام كانت ثقيلة للغاية، وأن عائلتها بدأت تشعر بها، حتى واجهت أمها يوما ما".
وأضافت: كان لزاماً علي فعل ذلك، لا أخفي أنني تعرضت حتى لتعنيف جسدي وقتها من قبل أمي وأخي، ولم يصدقني أي أحد منهما، ومنعاني من مواصلة الدراسة، وأخذا مني الهاتف حيث أكدا أن رفاق السوء هم من أدخلوني عالم المخدرات، كنت أقسم لهم حقيقة ما حصل، ثم طلب مني أخي أن يتصل بالفتاة التي ورطتني في هذا العالم، وكنت أرفض لشدة خوفي، وكل مرة كنت أعاني أكثر".

لحظة الانتصار
تمكنت حنين، بعد صراع وخوف كبيرين، من التعافي، تقول إنها "كانت تخشى الاتجاه الى مراكز التأهيل لخوفها من نظرة المجتمع حسب قولها، لكنها قررت المواجهة، والذهاب لأخذ العلاج اللازم، ثم العودة الى المنزل، وتنصح حنين الفتيات اللواتي وقعن بهذا العالم، على عدم الخوف وتقبل الأمر والتوجه الى المراكز العلاجية، حيث لن يفعل الأطباء شيئاً لهن، ولن يكون المركز مثل السجن كما يتم تصويره، أن يعيش المدمن فيه لفترات من حياته، الأمر يعتمد على مدى استجابة المدمن، ومدى إدمانه".
وتابعت: "أخذ مني الأمر سنة كاملة لأعود لحياتي الطبيعية وليصدق أفراد عائلتي أنني تعرضت للخداع، كانت أياماً مجهدة ومليئة بالعراك والأذى النفسي والبكاء والحاجة للحبوب، لكن المراكز والعلاج انقذاني". 

إدعم المدمن وساعده
من جهتها، توضح مديرة منظمة نقاء لمكافحة المخدرات، إيناس كريم، أن "دخول عالم المخدرات سهل للغاية، لكنه يسحب من الإنسان كل شيء حي ويتركه جسداً منهكاً فقط، وتوضح بحوارها مع وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن بعض الفتيات يتعرضن للخداع خاصة في فترة الدراسة والضغط حيث يتم منحهن حبوباً توصف على أنها فيتامينات ومقويات ومنشطات، تكمل قائلة: "من المشاكل التي نواجهها هي مسألة تقبل العائلة لابنتهم أو ابنهم المدمنين، حيث تكون ردود الأفعال قاسية، ومؤذية، وللأسف فإن هذه الأفعال لن تنقذ الوضع بل تأزمه، وتجعل السيطرة على استمرارية الادمان صعبة وتكاد تكون مستحيلة، كل ما يجب أن يفعله الأبوين في هذه الحالة، هو تقبل الواقع والتفكير بالحلول بدلاً من استمرار اللوم، لأن دخول ابنهم هذا العالم لن يأت بدون أسباب، ولا بد من وجود خلفيات جعلته يصل هذا المكان، وعليهم استيعابه، وتقبله ومساعدته". 
وتبين كريم، أن الكثير من العائلات تخشى على أبنائها من دخول السجن، فيتم رفض ارسالهم للمراكز التأهيلية، لكن يجب أن ننوه الى أن من يتجه بمحض إرادته للمراكز من أجل العلاج، فلن يتقرب منه أحد، بل إن القاء القبض والسجن، يكون لمن يتم القبض عليه متلبساً بالتعاطي أو المتاجرة، تكمل بقولها: "يجب أن ندرك جيداً، أن التوعية ضرورية، إننا نحتاج للحديث بشكل مستمر عن المخدرات وبشاعة ما تفعله للمدمن، فالمخدرات سم بطيء يقتل دون رحمة.


21-11-2023, 11:47
المصدر: https://www.ina.iq/197756--.html
العودة للخلف