ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
لا أريد أن أجلد المواقف الرسميَّة العربيَّة مما يرتكب من جرائم حرب في غزّة، فهذه المواقف وبالرغم من من التغيير الذي شهدته الدول العربية سواء بالانظمة أو من هو على رأس النظام رئيسا كان أو ملكا أو أميرا، ولم تستمر بالسلبية نفسها، إنما تسوء أكثر من سنة إلى اخرى أو من حدث إلى آخر.ودائما كان أو لا يزال هناك من يتسبب بهكذا مواقف اما لتوهمه بـ(مجد) شخصي غير آبهٍ بمآلات قراراته التي أضرّت أو تضر بالقضية الفلسطينيَّة التي يدعي الجميع أنها قضيتهم المركزية وبالشعوب التي يمسكون بمقدراتها، أو لكونهم مرتبطين بأجندات ترعى كراسيهم ولا يتمكنون من مخالفتها، وكلهم معا تسببوا ان تكون مواقف رؤساء المنظمات أو الحركات الفلسطينيَّة تسوء أيضا، لأن بينهم من يمولهم ولا بد من الاستماع إليهم وأيضا مهما كانت النتائج، وصولا إلى حصار الراحل ياسر عرفات في مكتبه في رام الله، ولم يحاول أي واحد من بينهم الاتصال به على مدى ثلاث سنوات حتى وفاته، التي يقال انها لم تكن وفاة بسبب مرض انما
اغتيال..
كانت غولدا مائير أفضل من عبرت عن هذه المواقف السلبية بعد حرق المسجد الاقصى في اب 1969، اي بعد أشهر من تسنم منصبها كرئيسة حكومة الكيان الصهيوني، اذ قالت “لم أنم طوال الليل كنت خائفة من أن يجتاح العرب إسرائيل أفواجا من كل مكان، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي، علمت أن باستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده “، وفعلا يفعلون ما يريدونه بدون التفات لاي موقف عربي.. ولا ننسى أنها نفسها من قالت بأنها تتمنى أن تستيقظ يوما ولا تجد “طفلاً فلسطينياً واحداً على قيد الحياة”، وفعلا فإن استهداف الاطفال الفلسطينيين واغتيالهم قرار سياسي ساري المفعول دائما، طالما ليس هناك من يوقفهم عند حدهم، ولا بد للعالم كله عامة والاوروبي خاصة أن يُكفر عن جريمة المحرقة، وبعض هذه الكفارة ليس السكوت عن جرائمهم ضد الإنسانيَّة فقط، إنما مباركتها أيضا ودعمها سياسيا وإعلاميا
وماديا.. والكل، سواء في الكيان الغاصب أو من يدعمونه، يعرفون أن الأرض التي طالبوا بها انما كانت فلسطين، مرة أخرى أعود إلى غولدا مائير، التي أشارت في شريط وثائقي عنها بأنها كانت فلسطينية، وقالت بأنها كانت تحمل جواز السفر الفلسطينى منذ العام 1921 وحتى عام 1948.
وحين اقدم ترامب على نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس المحتلة في 2017 وكلنا نتذكر كيف تحدث عن قراره بعنجهية قل نظيرها، كان على يقين أن العرب لن يجرؤوا سوى على تنظيم تظاهرات (غضب)، وإرسال برقيات استنكار وسيستمرون يصيحون لأيام كما فعلوا على مدى سبعة عقود.
في زيارته إلى اريحا سنة 1965، طرح الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، مقترحات لحل القضية الفلسطينيَّة، وكانت القدس والضفة الغربية بعدهما خارج الاحتلال، وكادوا أن يعدّوه خائنا لأنه دعا مبكرا جدا إلى (حل الدولتين).
وجاءت قمة الخرطوم، اب 1967، بـ(لاءاتها) الثلاث، لا صلح، لا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل، ومصر التي أعلنت هذه اللاءات، كانت أول دولة عربية تعترف بالكيان! في ما بعد في مؤتمر قمة بيروت اذار 2002، اتفق العرب على مبادرة للسلام طرحتها السعودية وكانت نسخة مشوهة من مقترحات بورقيبة والكيان يرفض.. في كتاب ( تصنيع المحرقة - the holocaust industry ) للكاتب اليهودي نورمان فيلنكشتاين، الذي يقول في المقدمة بأنه من غير الممكن أن يُتهم بمعاداة السامية، لأنه يهودي ومن أبوين نجيا من الموت في المحرقة، نقرأ بأن الهولوكست بالشكل المعروف حاليا بدأ تصنيعه بعد هزيمة أو نكسة حزيران 1967 حين تأكد السياسيون الأمريكان بأن الأنظمة العربية غير قادرة على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة، وطبعا من بينها النفط والمضائق البحرية.
سنة بعد أخرى، أصبحت مساحة الأراضي الفلسطينيَّة تتقلص والمساحة التي يحتلها الكيان تتوسع، والأخطاء تتكرر، والنتيجة كانت رهن المنطقة كلها بيد المصالح الغربية عامة، والامريكية خاصة، والسيطرة عليها بأساليب عدة تسببت بأن يحارب العرب بعضهم البعض ويعادون بعضهم البعض.
مع كتابة هذا المقال، تجاوز عدد الشهداء في غزّة العشرة آلاف، نصفهم تقريبا من الأطفال، اي بمعدل 334 شهيد يوميا على مدى شهر، وخسارة الأرواح قطعا ليست مثل خسارة البيوت والممتلكات، وإن كان الدمار يفوق الخيال، والمفروض أن هناك اجتماعا في الجامعة العربية في الحادي عشر من الشهر الجاري، وبعيدا عن الحكومات، جميعا نصلي أن تنتصر المقاومة الفلسطينيَّة ولا خيار آخر غيره، وأن يكون هناك من يوثّق محرقة غزّة الحقيقية وليست
المصنعة..