الأنبار - واع - أحمد الدليمي - نصار الحاج
تحرير: حسين الناصر
يواجه العراق، أزمة شح مياه وجفاف حاد، تسببت بانخفاض المخزون المائي الاستراتيجي، وتنذر بمخاطر بيئية، فيما تؤكد وزارة الموارد المائية اتخاذ إجراءات ومعالجات وتدابير لمواجهة الأزمة.
الأزمة طالت مناطق واسعة، وألقت بظلالها على أنهر وبحيرات وأهوار العراق، من بينها بحيرة الحبانية في محافظة الأنبار غربي البلاد.
وكالة الأنباء العراقية (واع)، وثقت شح المياه في أجزاء كبيرة من بحيرة الحبانية، والتقت مدير الموارد المائية في الأنبار، جمال عودة سمير، لاستعراض إجراءات الوزارة ودائرته ومعالجاتهما.
يقول سمير: إن "بحيرة الحبانية تعد منخفضاً خزنياً، أي خزان لخزن الكميات الفائضة الواردة من بحيرة حديثة، وكذلك من الحدود السورية والتركية عبر نهر الفرات، ويتم تمرير هذه الموجة الفيضانية عن طريق ناظم الورار وخزنها والاستفادة منها في موسم شح المياه".
تقلبات مناخية وإيرادات مائية منخفضة
وأضاف سمير، أن "العراق تأثر في التقلبات المناخية، وكذلك قلة الإيرادات المائية المتأتية من دول المنبع مثل تركيا وسوريا خلال المواسم الأربعة الماضية، لذلك تم استخدام الخزين المائي في جميع البحيرات مثل بحيرة سد الموصل وبحيرة الثرثار وبحيرة حديثة، وكذلك بحيرة الحبانية، وتم ملء خزان البحيرة في العام 2020، ووصل منسوبها إلى أعلى مستوى لها".
وتابع أن "السعة الخزنية وصلت إلى 3.3 مليارات متر مكعب، أي الطاقة الاستيعابية لها أصبحت كاملة، وبعد العام 2020، تعرض العراق والدول الإقليمية والجوار إلى التقلبات المناخية وقلة الإيرادات، ما أدى إلى سحب كميات من بحيرة الحبانية".
ولفت إلى أنه "تم تعزيز نهر الفرات بالمياه المخزونة في بحيرة الحبانية ودفع هذه المياه لتعويض النقص الحاصل في نهر الفرات بالنسبة للفلوجة، وكذلك نزولاً إلى المحافظات الجنوبية، وذلك ضمن خطة تعد من قبل المركز الوطني لإدارة المياه في بغداد".
وأكد أن "إدارة المياه مسيطر عليها من قبل الوزارة، لذلك يتم استخدام الخزين المائي الاستراتيجي في جميع البحيرات وتعويضها لسد النقص الحاصل في قلة الإيرادات المائية المتأتية من الحدود السورية العراقية".
خروج البحيرة من الخدمة
يقول سمير، إنه "خلال الموسم الشتوي السابق، لم يتم تزويد بحيرة الحبانية بالمياه بسبب قلة الإيرادات المائية، وقلة المطر في أعالي نهر الفرات، أي المناطق الغربية، إضافة إلى قلة الإطلاقات المائية المتأتية من الحدود السورية العراقية".
وأضاف أن "ذلك أدى إلى انخفاض منسوب بحيرة الحبانية إلى أقل من المستوى التشغيلي في ناظم الذبان، ما أدى بالتالي إلى خروج هذه البحيرة من الخدمة".
سدة الفلوجة ومنطقتا العنكور والمجر
وأكد أن "مناطق العنكور والمجر فيهما تجمعات سكانية، وما يقارب 9 آلاف نسمة تسكن في مناطق العنكور ويعتمدون بالدرجة الأساس على صيد الأسماك في بحيرة الحبانية".
وتابع: "هذه المناطق بتوجيه من قبل وزير الموارد المائية تم إعطاء الموافقات الأصولية لمحافظة الأنبار بمد أنبوب وحصة مائية في مقدمة سدة الفلوجة، يغذي مناطق العنكور والمجر وكذلك الرحالية".
وبين أن "هذا المشروع تم تنفيذ قسم منه، والجزء الثاني سوف يتم إكماله من تخصيصات محافظة الأنبار للعام 2023 عند تنفيذ الموازنة".
نسبة أملاح مرتفعة وصعوبة بزيادة منسوب المياه
ولفت إلى أن "وزارة الموارد المائية عملت على إرسال حفارات، وكذلك حفر آبار، ولكن نسبة الأملاح عالية ولم تنجح الآبار هناك، لذلك تم توجيه محافظة الأنبار وكذلك الحكومة المحلية ودوائر الماء والقائممقامية في الحبانية وكذلك الرمادي بإرسال حوضيات لهذه المناطق وإسعافها بالسرعة الممكنة".
وأكد أنه "من الصعوبة حالياً زيادة منسوب المياه إلى بحيرة الحبانية لعدم توفرها، ولا توجد كميات كافية لتعويض هذا النقص الحاصل في بحيرة الحبانية التي تعد فراغاً خزنياً، وكذلك هي معرضة للتبخر في موسم الصيف".
وأوضح أنه "يتم الحفاظ على كل الخزين المائي وعدم تعرضه إلى المسطحات المائية كونه سيؤدي إلى استهلاك كميات كبيرة بسبب الحر الشديد وتبخرها وعدم الاستفادة منها، لذلك تتركز خطة وزارة الموارد المائية بضخ الماء من بحيرة حديثة، وكذلك بحيرة الثرثار على عمود النهر فقط لإيصال الماء إلى المجمعات المائية وإسالات الماء فقط لهذه الأعمال وليس للبحيرات وخزنها في مجمع أو منخفض مائي مثل بحيرة الحبانية أو بقية البحيرات والمنخفضات".
أولوية وزارة الموارد
ونبه سمير، الى أن "أولوية وزارة الموارد المائية هي تقديم أو توفير المياه الصالحة للشرب، وكذلك البستنة للحفاظ عليها، وكذلك المحاصيل النادرة مثل الرز والشلب حيث تم تحديد مساحة قليلة للحفاظ على البذور والناتج المحلي القومي وعدم الإضرار به، وتم السماح بزراعة محصول الشلب بكميات قليلة فقط للحفاظ على خصوبة البذور وكذلك توفرها في الأعوام المقبلة".
أهالي العنكور يناشدون والوزارة تتحرك
وناشد أهالي منطقة العنكور، عبر وكالة الأنباء العراقية (واع)، بـ"إعادة مياه الشرب التي باتت غير متوفرة في كثير من المناطق، ومياه السقي بعد أن انقطع رزقهم".
فيما أكد سمير أن "وزارة الموارد المائية، اتخذت عدة قرارات بشأن منطقة العنكور وكذلك المجر المحاذية لمنطقة الحبانية من الجانب الغربي باتجاه قضاء الرحالية.
وقال إن "هذه المناطق تأخذ مياه الشرب من بحيرة الحبانية بشكل أساسي، حيث تم توجيه كتاب من وزير الموارد المائية إلى ديوان محافظة الأنبار أي مكتب محافظ الأنبار مباشرة، بالموافقة على إعطاء حصة مائية لهذه المناطق من مقدم سدة الفلوجة".
ولفت إلى أن "وزارة الموارد المائية أبدت استعدادها الكامل للتعاون مع الحكومة المحلية بدراسة وإيصال المياه الخام إلى هذه القرى التابعة إلى قضاء الحبانية، كذلك ناحية الرحالية".
وبين أن "الحكومة المحلية متمثلة بالمحافظ أوعزت إلى التشكيلات الهندسية ودائرة ماء الرمادي وقائممقامية الحبانية بإعداد الكشوفات اللازمة، كذلك إدراج مشروع مد أنبوب إلى مناطق العنكور والمجر ضمن تخصيصات الموازنة الاتحادية على تنمية الأقاليم في محافظة الأنبار لسنة 2023، وسوف يتم إطلاق المشروع عند توفر التخصيصات المالية من ضمن خطة المحافظة لهذا العام".
وتابع أن "دائرة حفر الآبار في الأنبار، قامت بحفر عدة آبار بأعماق تتراوح ما بين 38 و 78 متراً"، منوهاً بأن "عمق هذه الآبار غير صالح للاستخدامات بسبب نسبة الأملاح العالية، لذلك لا تجني نفعاً".
وأضاف أن "هذه الآبار تم الاستغناء عنها، ويتم العمل حالياً بسحب كميات كبيرة عن طريق إرسال حفارة مائية لشق مجرى مائي إلى إسالة ماء المجر والعنكور، لإيصال المياه الصالحة للشرب من عمق البحيرة إليها".
اهتمام حكومي وبرلماني
يضيف سمير، أن "هناك زيارات أجراها مستشار رئيس الوزراء عمر الحاج، وعدة وفود من وزارة الموارد المائية، إلى مناطق العنكور والمجر".
وتابع: "وكذلك هناك مسؤولون ونواب والعديد من منظمات المجتمع المدني، أجروا زيارات إلى هذه المناطق، للوقوف على واقعها".
الخطة الزراعية
وبخصوص الخطة الزراعية للمحافظة، قال سمير: إن "وزارة الموارد المائية بالتعاون مع وزارة الزراعة، لم تقر الخطة الصيفية لهذا العام بسبب قلة الإيرادات المائية من دول المنبع، لذلك تكون الأولوية لوزارة الموارد المائية وكذلك الزراعة هي توفير المياه الخام لارسالات الماء للمواطنين واستخدامات البلدية، وكذلك للبستنة فقط".
وتابع: "أي أن الخطة الصيفية لهذا الموسم الصيفي تعتبر (صفر) حسب قرار وزارة الموارد المائية بالاتفاق مع وزارة الزراعة".
بدوره، قال المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية المهندس خالد شمال لوكالة الانباء العراقية (واع) إن "المشاهد التي تظهر الجفاف في اجزاء من بحيرة الحبانية أمر طبيعي فمثل ما هو معروف أن المناسيب في نهر الفرات منخفضة بفعل تصاريفها المتدنية جدا والتي لاتتجاوز الـ 30% من تصاريف نهر الفرات الطبيعية، لافتا الى ان " العراق مر منذ اربع سنوات بظروف شحيحة بالمياه وهي 2020 و2021و 2022 وايضا 2023، وبالتالي تناقصت الإيرادات من دول المنبع وقيام هذه الدول وخصوصا تركيا التي انشأت السدود الكبيرة من دون التنسيق مع الجانب العراقي، وبالتالي تشغيل هذه السدود الكبيرة اضر بمصلحة العراق وايراداته المائية".
وأضاف أن "كل ما موجود في الوقت الحالي من خزين في السدود التركية كان سابقا هو ايراد مائي للعراق وبالتالي هذا الأمر اثر بالشيء الكبير على بحيرات الخزن الطبيعية كالثرثار والحبانية والتي انخفضت بشكل ملحوظ فضلا عن البحيرات الصناعية ومقدمة السدود التي شهدت مناسيب المياه فيها انخفاضا"، مشيرا الى أن "الخزين الستراتيجي المتحقق هو الاقل منذ سنوات طويلة او اقل خزين منذ تاريخ الدولة العراقية الحديثة".
ولفت الى أن "وزارة الموارد المائية تأمل باستعادة هذه البحيرة بشكل طبيعي بعد زيادة الاطلاقات من تركيا أو خلال موسم الشتاء المقبل".