ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
ثمة ظاهرة أخذت تتفشى في التقاطعات المرورية، أطفال دون العاشرة يحملون قناني الماء البارد، ربما تكون نصف وزن أجسادهم النحيلة، ومنهم من يحمل علب المحارم الورقية، لبيعها وسط ظهيرة قائضة ويتقافزون بين السيارات دون أي تدارك لمخاطر الدهس، أو المخاطر الصحية، نتيجة لبقائهم ساعات تحت أشعة الشمس اللاهبة، كل ذلك لأجل توفير لقمة عيش كريمة، وعدم مد اليد والانخراط في عالم التسول.السكوت على هذا الظاهرة وعدم متابعتها ودراستها ووضع الحلول اللازمة، سيسهم بإنتاج جيل أُمي لا يعرف الكتابة والقراءة، ومتمرس بالعيش في أقسى الظروف المناخية والبيئية، ويتحمل مختلف الاعباء، جيل يجيد التعايش والانسجام في أي بيئة خارجة عن التقاليد والأعراف المجتمعية المحترمة، فهم بهذا العمر ووسط بيئة ملتبسة وغير منظمة، يتأثرون بشكل سريع بما يحيط بهم، ويمكن أن يسيرون وفق من يريد ذلك.
بقاء هؤلاء القُصر في التقاطعات المرورية والساحات العامة، سيجعلهم عرضة للانحراف المجتمعي أولا، والأخلاقي ثانيا، وسيفتح ثغرات في التماسك العائلي والالتزام الأسري، وسيزيد المصاعب والعقبات في حل المشكلات الناتجة من اي إنحراف، ما يعني أننا قد نحتاج لجهود اكبر، مما يمكن أن نحتاجه الآن في تفادي اي مخاطر أمنية أو مجتمعية، وكلما طال امد البقاء صعُب حل المشكلة وتلافي مخاطرها.
والأمر يسري أيضا على الصبيان العاملين في المطاعم والمحال والأحياء الصناعية خاصة ممن تركوا الدراسة، بسبب الفقر والحاجة للعمل، فهم وإن كان بعضهم تحت مراقبة أصحاب العمل إن كان ذويه أو أقرباءه، فهذا لا يعني أنهم في حال أحسن من أطفال وصبية التقاطعات والساحات العامة، فالكثير من المخاطر قد تصبيهم وتحولهم إلى شباب غير منضبطين سلوكيا أو أخلاقيا، في وقت تنتشر فيه تجارة المخدرات.
ليس صعبا على الجهات المعنية، وبوجه الخصوص وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبالتنسيق مع الشرطة المجتمعية ودوريات النجدة متابعة هؤلاء الصبية وإنقاذهم من واقعهم المرير وتخليصهم من أن يتم استعلالهم من قبل عصابات الجرائم المنظمة، والتسول والمتاجرة بالمخدرات، ما يعني تعاطيها مستقبلا، بالتالي يتحولون إلى عبء وثقل على المجتمع، بدلا من أن يكونوا مساهمين ومنتجين في بناء البلاد.
ما زال العمل ساريا بقانون إلزامية التعليم المجاني، الذي ينص على (يلتزم ولي الولد بإلحاقه بالمدارس الابتدائية، عند إكماله السن المنصوص عليه في الفقرة أعلاه وإستمراره فيها، لحين إكمال الولد مرحلة الدراسة الابتدائية، أو الخامسة عشرة من عمره) و (تلتزم الدولة بتوفير جميع الإمكانات اللازمة له)، وهذا يعني اذ تم الالتزام وتنفيذ هذا القانون تنتفي الحاجة لما يعرف بقانون محو الامية الذي يراد إعادة العمل به.