ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
التنوّع مصدر غنى، والتعدّد هو أصل الحياة.تحضّ الطبيعة البشريّة على التعاون وكلّ طرف يمدّ الآخر بما يملكه من صنوف المعرفة والفائدة خدمة للمجتمع وطمعًا بالارتقاء.
لم تكن الأحاديّة يومًا النموذج الصالح لنهوض المجتمعات، إنما كانت مدعاة للتعصّب والتقوقع ولم تثبت نجاعتها. الانفتاح على الآخر نظير تلاقح الأشجار في بساتين
مثمرة.
أمّا العزلة فلا تولّد سوى الضبابيّة والأفكار الرماديّة المضلّلة عن الآخر، في حين أنّ العالم آخذ في الانفتاح لا بل يتسابق في اجتراح المزيد من قنوات التواصل والاستثمار في مجال الذكاء
الاصطناعي.
وترصد الحكومات الميزانيات الضخمة لتفعيل البحوث التي من شأنها تطوير أنظمة الاتصال.
ويمكن للفرد أيضا أن ينهض بمهمّة توعوية فيكون هو المبادر، لا بالقول والشعارات على المنابر، ووسائل التواصل الاجتماعي، وفي الواقع، أفعاله وتصرّفاته بعيدة كلّ البعد من التآخي، ويحرّض ويثير النعرات الطائفيّة والمذهبيّة والأحقاد والفتن التي لا فائدة منها سوى تأجيج الغرائز وإشعال ضغائن الكلّ في غنى عنها. وعلى العكس تمامّا، من السهولة بمكان استبدال هذا السلوك الشائن بعمل حضاري يتناسب مع المرحلة التي نعيشها.
من الضروري البحث عن كلّ ما يجمع بين العقول والسعي لما فيه مصلحة الجميع من دون
تمييز.
ليس المهمّ أين ولد المرء، وما هي ديانته، أو الطائفة التي وسم بها على الهويّة، ليتمّ أحيانا”اختزاله” فيها والنظر إليه انطلاقًا منها و” تصنيفه” بناءً عليها، فتتقدّم معايير تقييمه على حساب أخلاقه وسلوكه وكفاءته وأدائه وانتاجه وما يبذله في سبيل مجتمعه، في حين أنّ المحكّ الأساسي هو الأخلاق التي يتعامل بها الإنسان مع
غيره.
من السهل جدًّا أن تفسد في المجتمع وتفكّكه وتبثّ فيه العداوة وتعمل على زعزعة أواصره والعبث بمكوّناته، ولكن العمل الطيّب يحتاج إلى الرعاية والجهد ليؤتي ثماره سواء في المجال الإنساني أم الاجتماعي... ثقافة الانفتاح الحقيقيّة التي لا تسقط عند أقرب منعطف تحتاج إلى الوقت والصبر والجهد والإرادة، وكذلك، إلى التقبّل والترحيب من الطرف
الآخر.
آن لنا في القرن الحادي والعشرين، بعد كلّ ما حصل وسيحصل من ابتكارات في مختلف المجالات، أن يتمّ التعامل مع الإنسان على أنّه إنسان، بغضّ النظر عن دينه أو طائفته، آن لنا أن نتحرّر من لعنة الطوائف!
كاتبة لبنانيّة