ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
عبد الزهرة محمد الهنداويهذه المرة سأحاول الدخول في صلب الموضوع من دون مقدمات، ودعوني أوجه لكم سؤالا، قد يبدو غريبا، وليس ثمة مناسبة تستدعي طرح مثل هذا السؤال! وهو: هل بامكاني، أو بامكانك، أو بامكانك، أو بامكانكم، تغيير أو تبديل خلقتكم التي خلقتم بها؟.
وهنا قد يجيب احدهم أو احداهن، نعم بالامكان، فعمليات التجميل، مكّنت الانسان، من أن يغير مايشاء، لدرجة أنك عندما تراه، تظنه زيدا، وهو في الاصل كان عمرا!.
لا، أيتها المجيبة، وأيها المجيب، ليس هذا ما عنيته في السؤال، إنما أردت القول، إننا لن نستطيع تبديل خلقتنا التي خلقنا الله بها، لا سيما ما كان يرتبط منها بالتكوين العقلي، والبناء السايكولوجي للانسان، وهذه الحقيقة يعرفها ويدركها ويؤمن بها الجميع من دون استثناء، ولكن رغم هذا الادراك اليقيني، إلا أن «البعض»، وهذا البعض كثير من البشر، تجدهم يطلقون لموجات «التنمر» العنان، من دون سقوف، عندما يشاهدون إنسانا، خلقه الله بخلقة معينة، لحكمة ارادها سبحانه، فيتندرون ويتهكمون ويضحكون، ويتهامسون ويتصايحون، فيملؤون الأرض صخبا، وضحكا وسخرية، وكأنهم يشاهدون «قرقوزا» يرقص امامهم، أو مشهدا مسرحيا مضحكا!!..
وبالتأكيد ان ثقافة اجتماعية سائدة بهذا الشكل، بحاجة إلى تغيير، وريثما يحدث هذا التغيير، فإن الاسر التي لديها حالات اعاقة، تبقى تشعر بالحرج أو الخجل، ما يدعوها إلى إخفاء ابنها أو ابنتها المصابة باي حالة عوق!! ولكن هل هذا صحيح؟.. قطعا ليس صحيحا.. وهنا أتحدث تحديدا عن الأشخاص المصابين بمتلازمة داون، الذين يسميهم العراقيون تنمرا وسخرية قاسية بـ»المنغوليين»! ومناسبة الحديث عن هذه الشريحة، هو تزامنا مع اليوم العالمي لمتلازمة داون الذي يصادف في الحادي والعشرين من اذار من كل عام، هذا اليوم الذي اقرته الامم المتحدة عام 2011 وبدأ الاحتفال به سنويا منذ عام 2012، ارادت من خلاله لفت انظار المجتمعات في عموم الارض إلى التعامل مع هذه الشريحة، تعاملا ايجابيا، فهم بشر مثلنا، بل ومتميزون علينا، في ما يحملونه من نقاء وصدق وصفاء، وما يفيضون به من حب للاخرين، ومايشيعونه من فرح وسعادة وسرور وحبور في كل بقعة تطأها اقدامهم، يتعاملون مع الناس ببراءة منقطعة النظير، بينما يقابلهم الاخرون بسخرية قاسية بعيدة تماما عن الانسانية، سخرية اما بالكلمات التهكمية، أو الحركات الممجوجة، وفي اضعف الاحوال بالنظرات المستغربة وكأنهم يشاهدون كائنا هبط إلى الارض من الكواكب الاخرى!
ومما يبعث الالم في النفوس أن كثيرا من هؤلاء المتنمرين، يعدون انفسهم من «المثقفين» فتجدهم عندما يريدون النيل من شخص، يطلقون عليه «المنغولي»!!، وهم لا يعلمون أن «المنغولي» هذا هو اكثر منهم صدقاً، ونقاءً وبراءة، وقبل هذا وذاك هو انسان، اعطاه الله كروموسوما زائدا، فتغير عنده مسار التطور، وهنا حريّ بالمجتمع أن يحتضن ذوي الكروموسوم الاضافي، ويتعاملون معهم بايجابية، فهم قادرون على التعلّم، ولديهم الاستعداد للاندماج السريع في المجتمع، اذا ما فتح الاخير ذراعيه لهم، كما على الاسرة أن لا تتحرج من وجود هذا النقي بين افرادها، فيقينا ان وجوده بينهم، يمثل مبعث فرح وسعادة للعائلة، وعلى مستوى العالم، أثبتت التجارب ان اصحاب «متلازمة داون» بامكانهم التعلم، والتفوق والتميز في الكثير من المجالات، فهناك من برع منهم في الموسيقي والرسم، وسائر الفنون الصعبة، فضلا عن تميزهم في مفاصل اخرى قد يفشل «الاسوياء» في ولوجها..
فللانقياء في يومهم العالمي كل التحايا والحب والاحترام.