ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
في تقريره السادس لتوقعات أحوال البيئة لمنطقة غرب آسيا، يصنفُ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي العراق كخامس أكثر دولة في العالم هشاشة من حيث شح المياه والغذاء وتأثيرات التغير المناخي، وذلك بسبب تأثر مياهه بعوامل خارجية مثل انخفاض هطول الأمطار وعوامل الاحتباس الحراري نتيجة انبعاث الغازات (الدفيئة) المنبعثة من الآبار النفطية ومن بينها الغاز المصاحب والذي تؤكد وزارة البيئة العراقية إنه كذلك واحدٌ من أسباب الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الحادة والسرطان.ووفقاً للبنك الدولي، ينبعث 65% من الغاز المحترق في العراق من 5 آبار نفطية بمحافظة البصرة، وتعالج "شركة غاز البصرة" معظم الغاز المصاحب حاليا بمعدّل ألف مليون مقمق، من ثلاثة حقول.
ويقول المهندس فلاح حسين العامل في أحد حقول النفط بالبصرة في حديثه لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن "البعض من حالات الإصابة بالسرطان المسجلة في صفوف العاملين تبين بحسب التقارير الطبية أن سببها التلوث الناجم من الانبعاثات السامة جراء احتراق الغاز".
ويبين إن "هنالك 20 وفاة بالسرطان من العاملين في الحقل منذ العام 2016 وخمسة منها بسبب انبعاث الغاز".
متخصص: التلوث جراء الغازات المنبعثة يمهد لعدة أمراض بينها سرطان الدم
وكالة الأنباء العراقية استقصت الموضوع واستطلعت رأي أحمد العيداني اختصاصي الأورام والأمراض السرطانية والذي يسكن محافظة البصرة عن مدى إمكانية أن يتسبب إنبعاث الغاز في الإصابة بالسرطان.
ويوضح العيداني إن "وقوع مساكن بعض أهالي الرميلة في البصرة على سبيل المثال على بعد لا يقل عن ميلين من الحقول النفطية عرض البعض منهم للإصابة بسرطان الدم نتيجة استنشاق الغاز المنبعث من الحقول لكن حالاته لم تصل بعد لأرقام عالية جداً من الممكن تسميتها بالظاهرة".
ويضيف إن "التعرض للبنزين الموجود في الغازات المشتعلة لفترات طويلة يتسبب بالإصابة بسرطان الدم الليمفاوي الحاد، وكذلك فإن الغازات المنبعثة تعرض الناس لأكاسيد الكبريت والنيتروجين وغاز أول أكسيد الكربون".
ولفت إلى أنه ورغم ذلك فإن "غالبية حالات الإصابة بالسرطان في البصرة ليست مرتبطة بالغاز المصاحب بل بالإشعاعات ومن بينها اليورانيوم ومخلفاته اثر الحرب بعام 2003 وكذلك نفايات المواد الخطرة والمشعة وعوامل وراثية".
بيئة الجنوب: ألفا إصابة بالسرطان سنوياً جراء الشعلات النفطية
ويؤكد مدير عام دائرة حماية وتحسين البيئة في المنطقة الجنوبية وليد حميد تسجيل 2000 مصاب بمرض السرطان في البصرة سنوياً بسبب الشُعلات النفطية.
ويوضح في حديثه لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "الشعلات النفطية تطلق الكثير من الغازات السامة المستخرجة التي تؤدي لإصابات مباشرة بسرطان الرئة والأنواع الأخرى منه، وبحسب الإحصاءات فإنه يتم تسجيل 2000 حالة سنوياً بالسرطان في البصرة بسبب تلك الشعلات".
وتابع إنه "لا يمكن السيطرة على تلوث الهواء ما لم تلتزم الشركات النفطية المستخرجة له بالمنظومات والضوابط البيئية والصحية المعتمدة"، داعيا "وزارة النفط والشركات تلك الى مراعاة المعايير الصحية".
وزارة البيئة: احتراق الغاز المصاحب يتسبب بأمراض سرطانية وتنفسية
ويشير مدير عام الدائرة الفنية في وزارة البيئة عيسى الفياض إن لانبعاثات الغاز أضرار واضحة تؤثر على صحة الإنسان وكذلك تسبب هي وغيرها من العوامل بارتفاع معدل درجات الحرارة في البلاد.
ويوضح في حديثه لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن "عملية حرق الغاز المصاحب للعمليات الاستخراجية للنفط الخام لها تأثيرات سلبية على الجهاز التنفسي بسبب إطلاق الانبعاثات إلى الجو والتي تشمل أكاسيد الكربون وأكاسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين وكبريتيد الهيدروجين وغاز الميثان، وتتم بسبب الاحتراق غير المتكامل نتيجة عدم توفر الظروف الملائمة للحرق".
ويضيف إن "أغلب الحالات المسجلة بسبب انبعاثات الغازات الدفيئة وبالتحديد الانبعاثات المصاحبة لحرق الغاز المصاحب والعمليات النفطية ركزت على الأمراض السرطانية والجلدية والتنفسية مثل الربو و ذات الرئة".
ويشير إلى إنه "حسب الاحصائيات العالمية المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية فإن معدلات الوفيات والإصابات بسبب انبعاثات العمليات النفطية في تزايد على مستوى العالم أجمع، أما في العراق فإن أغلب هذه الحالات مسجلة في المدن والقرى والتجمعات السكانية القريبة من الاستخراجات النفطية".
ويتابع إن "أكبر تحدٍ يواجهه العراق حاليا هو نوبات الجفاف المتكررة والشديدة بسبب الارتفاع المتطرف لدرجات الحرارة المتطرف الذي سبب زيادة غير مسبوقة في معدلات التبخر وخصوصا للمسطحات المائية الواسعة مثل الأهوار مضافاً له الانخفاض غير مسبوق في معدلات الهطول المطري وتعتبر مناطق الجنوب العراقي الأعلى تأثرا ونعتقد أن زيادة معدلات التلوث في هذه المناطق نتيجةً للعمليات الصناعية و النفطية ستزيد من تعقيد الموقف وتسهم بارتفاع معدلات درجات الحرارة".
وأشار إلى أن "وزارة النفط بدأت بتنفيذ خطط استثمار الغاز الطبيعي بشكل تدريجي وسيتم الانتهاء من تنفيذ المشاريع الخاصة خلال الفترة ما بين عامي 2024-2027 وصولا إلى استثمار كامل للغاز المنتج عام 2030".
ويقول المحلل في مجال البيئة صادق الجميلي إن "دراسات أكاديمية تشير إلى أن متوسط درجة حرارة العراق يرتفع بمقدار ضعفين إلى 7 أضعاف مقارنة بالمتوسط العالمي، وهو ما يهدد البلاد بتفاقم مشكلة الجفاف وندرة المياه".
البنك الدولي: العراق ثاني دول العالم بعد روسيا في حرق الغاز المصاحب
ويبلغ انتاج العراق من النفط بحسب شركة تسويق النفط الوطنية (سومو) أكثر من 4.5 ملايين برميل من النفط يوميا وتمثل واردات القطاع أكثر من 94% من الناتج المحلي للبلاد، في الوقت الذي يخسر فيه العراق من 8-10 مليارات دولار سنويا جراء حرق الغاز وفقا للمتحدث باسم الحكومة باسم العوادي.
وتفيد بيانات البنك الدولي بأن العراق يحرق ما يزيد على 17 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، ليحتل المرتبة الثانية بعد روسيا، وتعادل انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون الناجمة نحو 10% من إجمالي الانبعاثات العالمية.
الحكومة العراقية تطلق جولة تراخيص لإنهاء مشكلة احتراق الغاز المصاحب
وأطلقت الحكومة العراقية، بتاريخ 21 شباط/فبراير الماضي جولة تراخيص لاستثمار الغاز المصاحب من 6 حقول لاستغلاله في توريد الطاقة وتقليل انبعاثاته السامة.
وأكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال رعايته حفل توقيع (جولة التراخيص الخامسة) "إنها تأخرت لـ 5 سنوات، وهذا الأمر كبّد البلاد خسائر كبيرة وأضرارا بيئية، مشددا على أن "التوجه نحو استثمار الغاز المصاحب والغاز الطبيعي نابع من قناعة راسخة، لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية التي تشكل محورا أساسيا في البرنامج الحكومي".
ويقول المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن "استثمار الغاز صناعة معقدة وتحتاج إلى شركات عالمية متخصصة تستعين بأدوات تكنلوجية متطورة والعراق خطى خطوات مهمة جداً في هذا الاتجاه بالتعاقد مع شركات رصينة لإيقاف حرق الغاز المُضر بالبيئة".
وأضاف، أن "العراق أسس شركة غاز البصرة مع شركتي شل وميتسوبيشي لاستثمار الغاز من 4 حقول نفطية بخطط تستهدف ألفي مليون م3 قياسي يومياً ووصلت حالياً إلى القدرة على استثمار 50% من هذه الكمية والتي تساوي بحدود ألف مليون م3 وهو تطور مهم جدا".
وتابع أن "هنالك اتفاقاً ثانياً مع شركة (بتروتشاينا) الصينية باستثمار الغاز المصاحب بحقل الحلفاية في ميسان وهذا سيوفر بحدود 300 مليون م3 قياسي يومياً وكذلك اتفقنا مع شركة بيكرهيوز الأميركية لاستثمار 200 مليون م3 قياسي من حقلي الغراف والناصرية في ذي قار وهذه الاستثمارات بمجموعها توفر كميات جيدة يضاف لها اتفاق سيتم المضي به قريباً مع شركة توتال الفرنسية قريباً وهو من ثمار زيارة رئيس الوزراء الأخيرة إلى فرنسا ".
وأكد أن "إكمال المشاريع الحالية في ميسان وذي قار وجزء كبير من مشاريع البصرة سيعني توفير كميات كبيرة من الغاز لتغطية الحاجة المحلية وإيقاف عمليات الحرق المضرة بالبيئة".
وأكد أن "هذه الاستثمارات هدفها الأساسي وقف حرق الغاز وتغطية الحاجة المحلية لمحطات الكهرباء وإيقاف الأضرار التي تلحق بالبيئة جراء حرقه وكذلك هي تدعم إقامة مشاريع للصناعات البتروكيمياوية ذات المردود الاقتصادي الكبير".