ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
عرفت العديد من مناطق العالم ظاهرة التنوع والاختلاف في صور متعددة إثنية، دينية، ثقافية،اقتصادية، منذ القدم.إلا أنها اتخذت أبعاداً جديدة في ظل التطورات الداخلية والإقليمية والدولية التي طرأت في الآونة الأخيرة؛ وتحديداً منذ مطلع التسعينيات.
واكتسبت التعددية الإِثنية أهمية خاصة على الصعيدين العملي والأكاديمي في ظل ما طرحته الصراعات الإثنية من تحديات شهدتها مجتمعات مختلفة على امتداد دول
العالم.
وتلعب التعددية الإثنية دوراً متعدد الجوانب في الحياة السياسية في الدول المختلفة، وتكشف خبرة الواقع الدولي وما شهده من صراعات إثنية عن أن ثمة إخفاقاً في إدارة النظم السياسية للتعددية الإثنية؛ الأمر الذي يبرر الحاجة إلى البحث والتقصي عن اسباب الآثار السلبية الناجمة عن سوء إدارة التعددية الإثنية وما تفرزه من تحديات ومشكلات.
أن التنوع الثقافي ظاهرة عالمية لا يكاد مجتمع من المجتمعات يخلو منها، ويعده خبراء التنمية البشرية بأنه عنصر قوة في المجتمع وفرصة مواتية للتنافس الخلاق من أجل الابتكار، والمجتمع العراقي واحد من المجتمعات، التي تتميز بهذا التنوع، وقد عاش العراقيون آلاف السنين جنبا إلى جنب يساهمون في بناء حضارتهم الإنسانية، لذا يكون الحديث عن الهوية الجامعة للعراقي هو تحصيل حاصل لهذا التعايش المجتمعي والاندماج الثقافي، الذي أنتج لنا الثقافة المشتركة والشخصية العراقية، ومن هنا فان كلمة مكونات قد لا تكون صائبة على الرغم - ما الدرج على تناولها في الاعلام-، لان العراقي هو العراقي، سواء كان عربيا أو كرديا أو تركمانيا أو آشوريا، أو شبكيا، كذلك إن كان مسلما أم مسيحيا أو صابئيا أو ايزيديا، إن هذا التنوع يزيد المجتمع قوة، فالتجارب المختلفة للاثنيات تخبرنا على أنها عنصر أساسي للتقدم، لأنها تضع كل الخبرات للهذه الاثنيات في خدمة المجتمع.
غن الذي يجمع أبناء العراق هو الثقافة العراقية المتجذرة في عمق التاريخ، التي تمثل عنواناً لأرض خصبة لهذا التنوع الحضاري.
فالعراقيون بجميع مكوناتهم يتعايشون سلميا، وهم على الاستعداد على ذلك من اجل صنع مستقبلهم ضمن وحدة الثقافة العراقية قادرة على تحقيق شروط التعايش المشترك، لأن الوعي المجتمعي بدأ يتفاعل، حينما اصبح هناك شعور مجتمعي بأن استمرار المجتمع العراقي حيا وفاعلا، يرتبط بوحدة ثقافته وهويته الوطنية، وبناء الدولة الحديثة التي يسودها القانون باساليب تعبر عن عادات وتقاليد المجتمع على اختلاف بيئاته الجغرافية وخصائصها الثقافية، ففي نهاية المطاف تعبر عن ضمير المجتمع العراقي بصفته من أقدم مجتمعات الأرض إنتاجا للحضارة.
إن الارتباط بين الوعي المجتمعي والتنوع الثقافي ارتباطا معترفا به من قبل أبناء المجتمع العراقي، وهو بكليته يشكل الثقافة العراقية التي يعتز بها كل عراقي، فالهوية العراقية تعلو على اي فكرة تدعو إلى التجزئة، فالامر مرتبط بعوامل تاريخية وحضارية امتزجت مع الأرض على مر التاريخ، ولا يستطيع أحد الخروج عن هذا المسار.
ولعل في هذا تكمن قوة العراق حضاريا.