كل السلطات في العالم تعاني الفساد بدرجات متفاوتة، ربما هنا استثناء أو هناك، وإن وجد فلا يذكر، لكن يبقى هذا “ الفساد يختلف باختلاف مستوياته بين سلطة وأخرى وبين دولة وأخرى، لكن أن يتحول هذا الفساد إلى سلطة بحد ذاته فهذا يؤدي حتما إلى انهيار الدولة أي دولة كانت.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
في العراق كما هو معروف تعددت طرق الفساد وأدواته وأشكاله، والأسباب كثيرة لا يمكن الإحاطة بها في هذه المساحة، كما أن معالجات الفساد وطرق مكافحته أيضا بحاجة إلى مختصين وفق أساليب حديثة أثبتت فعالياتها، إذ أثبتت التجارب العالمية أن ذاتها وسائل مكافحة الفساد يمكن استثمارها لتنمية الفساد وشرعنته وتأصيله بشكل لا ينفع معه بعد ذلك كل “راچيتات” علاج الأطباء.ظاهرة “نور”، ذاك الذي استطاع بطرق أفلام هوليود سحب مبالغ مليارية كبيرة من الأموال المودعة في هيئة الضرائب بسهولة ويسر مع ما يعرفه المواطن العراقي عن صعوبة سحب مبلغ بسيط من المصارف الحكومية دون “سين - جيم” وصحة صدور وتطابق التواقيع وفق بيروقراطية تكاد تكون مزعجة حد أن ترغب بعدم تكرار المسألة وتفضل أن تخزن أموالك “ تحت المخدة” على أن تودعها في مصرف “ تتبهذل” حتى تتمكن من سحبها، فكيف استطاع هذا الرجل سحب كل هذه الصوك بهذه البساطة وهذا القدر من دون أن يثير الرأي العام قبل انكشاف القصة “بالصدفة”؟.
ظاهرة نور اليوم تؤشر إلى تحول الفساد إلى سلطة بحد ذاتها لا تفيد الوسائل التقليدية لإيقافها فضلا عن معالجتها، لأنها محمية من قبل “رؤوس كبيرة” وهنا الأمر تحول من ممارسات فردية تعود لأصحابها إلى ممارسات جماعية تعمل بشكل منسق.
ظاهرة نور تحتم على المتصدين بشكل فعلي وحقيقي توجيه ضربة قاصمة تخسرهم الصديق قبل المحايد والعدو، ضربة لا تتراجع عنها عند أي نوع من أنواع الضغط السياسي مهما كان فعله وحجمه ونوعه، ضربة تؤكد للسياسي و”السرگال” والمسؤول قبل المواطن أن الإرادة جادة هذه المرة بمواجهة الفساد والحد منه إن لم يكن القضاء عليه الذي سيبقى هدفا لهذه الإرادة “السياسية” قبل كل شيء، إذ لا يمكن القضاء على ظاهرة “ نور” بلا إرادة سياسية.