بغداد – واع
أكد رئيس مجلس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، اليوم الخميس، انه سيسلم الأمانة والبلد بوضع اقتصادي أفضل.
وقال الكاظمي في بيان تلقته وكالة الانباء العراقية (واع) "أتحدث اليوم، وأنا أسلّم الأمانة الوطنية في قيادة العراق إلى دولة الرئيس محمد شياع السوداني، الذي صوّت مجلس النواب على برنامجه الحكومي، متمنياً له التوفيق في أداء الواجب الوطني، وإكمال مسيرة خدمة شعبنا، موصياً كل القوى السياسية بدعم كل مسعًى للحكومة الجديدة على طريق الاستقرار والنمو والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدم تعريض المتصدين لهذه المهمة النبيلة إلى الطعن والتنكيل والضغوط والابتزازات على حساب مصالح الناس والوطن".
واضاف "بكل شرف واعتزاز، نسلّم الأمانة والبلد ليس فقط بحال أفضل، وإنما والعراق هو أسرع اقتصاد عربي نمواً في العام 2022، بمعدلات 9.3 بالمئة بحسب صندوق النقد الدولي؛ في الوقت الذي يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً واسعا، وبالأرقام... استلمنا الاحتياطي النقدي 49 مليار دولار، والاحتياطي اليوم 85 مليار دولار؛ استلمنا احتياطي الذهب 95 طناً، والآن 134 طنا ، مبينا "اني استلم الخزينةً شبه خاوية، حتى رواتب الموظفين ما كان بالإمكان دفعها".
وتابع ان "خزينة البلاد اليوم عامرة بحمد الله، وهي بانتظار موازنة مسؤولة ونزيهة لصرف الموارد في بناء الوطن والاستثمار في الإنسان العراقي".
وأكد الكاظمي أن "واحدة من أهم أولوياتنا، كانت الحفاظ على المال العام وزيادة الخزينة والاحتياط وليس هدر مال الناس، مثل ما يروّج البعض بهدف تشتيت المسؤولية عن المتورطين الفعليين بقضايا فساد، وإحداث بلبلة حتى يكون عندهم مساحةً للتلاعب؛ هذا كله رغم أن حكومتي لم تُمنحْ الموازنة إلا لمدة ستة أشهر فقط"، موضحا "قلناها سابقاً، ونقولها اليوم، إن الأزمة الاقتصادية تحتاج إلى إجراءات عقلانية طويلة المدى، وضعنا أسسها في إصلاحات اقتصادية نتمنى أن يتمّ الاستـمرار بها؛ لحماية مستقبل أجيالنا".
ولفت الى انه "من الضروري تحقيق التضامن السياسي لدعم المشاريع الاستراتيجية مثل: ميناء الفاو الكبير، الذي تقدّم خطوات كبيرةً مؤخراً، ومشاريع الغاز والطاقة والطاقة البديلة والمستشفيات والمدارس ومشاريع الإعمار والإسكان، التي دخلت الخدمة أو التي ما زالت في طور الإنشاء؛ وإنّ الحفاظ على مستوى النمو الاقتصادي الذي تحقّق، وتطويره، يحتاج إلى تكاتف بين الجميع بروح الأخوّة لا بروح التصادم الذي يضعف الوطن ويستنزف قدراته، ويفوّت الفرص في تحقيق تطلعات الشعب".
وفيما يخصّ الوضع الأمني، أكد الكاظمي "نسلّم وضعاً أمنياً متماسكاً تم فيه القضاء على جيوب الإرهاب، وتعزيز القوات الأمنية بمختلف صنوفها، بالتدريب المهني والتجهيز والتسليح، مما أدى إلى ارتفاع التصنيف العالمي للجيش العراقي من 57 إلى 34، وسيكون على الحكومة الجديدة البناء على كل ذلك وتطويره، واستـمرار دعم الجيش وأجهزة الأمن، وحفظ السلم الاجتماعي"، مشيرا الى ان "الأزمة الاجتماعية التي صاحبت التظاهرات الشعبية في تشـرين وما بعدها، كرّست أجواء انعدام الثقة بين الشعب وأجهزة الدولة، وسالت دماء زكية كثيرة وبريئة من أبناء شعبنا، حيث بذلنا كل جهد لأجل استعادة ثقة الشعب بالدولة، وعملنا بقوة من خلال تدريب قواتنا على التعامل السلمي مع المتظاهرين، وحظر استخدام العنف والسلاح تجاهم. واعتمدنا سياسة الاعتراف بالتضحيات الكبيرة التي قدّمها شباب العراق وشاباته، وعوّضنا عوائل المتضـررين، وحفظنا حقوقهم وندعو كذلك إلى استكمال هذا الواجب".
وواصل الكاظمي حديثه "ليس العراق بلداً استثنائياً في ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالتأريخ يحدثنا عن تجارب عديدة من سنغافورة ودولة الإمارات إلى كوريا الجنوبية وراوندا، وغيرها الكثير، تجاوزت فيها تلك الشعوب الأزمات عندما نظرت نخبها السياسية إلى الواقع برؤية تضامنية مسؤولة، وليس بمنطق التغانم، ومحاولة امتصاص الموارد، والصفقات الحزبية"، لافتا الى انه "بإمكان شعبنا تجاوز كل الأزمات؛ ليصنع واقعاً ومستقبلاً يليق به، بشرط الولاء للوطن، وأن يدرك الجميع أنْ لا طريق إلا بالحوار والتفاهم ومصارحة الشعب بالحقائق واحترام المؤسسات الدستورية".
وتابع الكاظمي "لقد نفّذتْ هذه الحكومة واجبها بإجراء انتخاباتّ عادلة ونزيهة بشهادة وإشادة الجميع داخلياً، وعلى المستوى الدولي، رغم كل الاتهامات الظالمة والأكاذيب التي وجهت إلينا، مع إننا لم نشاركْ في تلك الانتخابات؛ لحماية نزاهتها، ودعمنا كل جهد لتشكيل الحكومة وفق الدستور، وتعهّدنا بتسليم الأمانة، وحفظ التداول السلمي للسلطة وفعلنا، وأثبت الواقع بطلان كل ما نفثوه من سموم وأباطيل، بدأت قبل تسلمنا المسؤولية حتى اليوم ضمن حملة ممنهجة ذات طابع سياسي انتقامي تستهدف كل جهد وإنجاز ونجاح قامت به هذه الحكومة".
وذكر "من واجبي النصيحة بأن الضغوط الحزبية والابتزاز السياسي لأي حكومة سوف يعيق استكمال الإصلاحات الإداريّة والاقتصادية، ومواجهة تحديات المستقبل، بل ويعيق واجب القضاء على الفساد الذي ما يزال –للأسف- يمتلك أذرعاً قوية، ويحتاج إلى موقف وطنيّ شامل وجاد لانتزاعه من خلال دعم الإصلاح واحترام القانون".
وتابع "نسلّم المسؤولية اليوم للحكومة الجديدة والعراق يحظى بتقدير إقلمي ودولي متزايد، وأصبح وجهةً لحلّ الخلافات المعقدة، وتعقد فيه المؤتمرات الإقليمية والدولية مثل: مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون، ولقد فتحت حكومتي آفاق تعاون واسعة مع أشقاء العراق وجيرانه، ومع المجتمع الدولي وسياسة العراق الخارجية انسجمت مع تطلعات شعبنا المسالم التوّاق إلى التقدم والازدهار والرفاه، والمتمسك بأصالته وسيادته وروحه الوطنية".
وقدم الشكر "إلى شعبنا العزيز الذي دعمنا طوال المرحلة الماضية. ومقام المرجعية الرشيدة، التي كانت وسوف تبقى صمام أمان لهذا الوطن وكل شباب العراق وشاباته، الذين أثبتوا بتضحياتهم حرصهم على الوطن وإدراكهم للتحديات والقوات العسكرية والأمنية، بكل صنوفها، التي صبرت من أجل حماية العراق وأهله، وكادر الدولة، من وزراء ووكلاء ومدراء وصولاً لكل موظف، حافظ على الأمانة رغم المصاعب والتحديات والمغريات، وكل الداعمين، الذين ما بخلوا علينا بالنصح والمشورة والنقد البنّاء وحتى النقد القاسي، والفريق المهني الذي رافقني طوال هذه المهمة النبيلة، غير مبالٍ بالتهديدات والتجاوزات، ودول العالم وحكوماتها كافة، الشقيقة والصديقة، التي وقفت معنا وما زالت، لنتجاوز الصعوبات ونواجه الإرهاب وندحره، ولكل العراقيين، في كل بيت وحي ومدينة على امتداد الوطن، الذين كانوا أهلي وسندي وحزبي منذ لحظة تولي المسؤولية، وسيبقى دينهم وفضلهم في عنقي".