ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
عضو مجلس النواب تمَّ اختياره من قبل الشعب بالانتخاب المباشر السري، الذي أشار اليه الدستور في المادة ٤٩/ أولا ٬ كما يطلق عليه في بعض الأنظمة (عضو مجلس الشعب) أو (عضو البرلمان) أو (عضو مجلس الامة) أو الجمعية الوطنية، ومهما تعددت التسميات تبقى المهمة الأساسية المناطة بعضو المجلس التشريعية٬ وفي جميع الأحوال فإنه يعتبر ممثلا ليس فقط للأصوات التي انتخبته واختارته ليمثلها في المجلس٬ وهي التي حققت له الفوز وممارسة دوره في المجلس٬ إنما يكون ممثلا لكل العراقيين، بغض النظر عن قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم.ومجلس النواب يمثل السلطة التشريعية، التي تتقاسم الدور مع السلطتين التنفيذية والقضائية لتكوين السلطة الاتحادية٬ وبهذا فإن المهام الملزمة لعضو مجلس النواب محددة ومقيدة٬ وفي سبيل تلك المهام منحه الدستور دورا فاعلا ليكون صريحا ومدافعا عن الحقوق، من خلال اصدار التشريعات التي يحتاجها المواطن٬ وفي سبيل تلك المكانة منحه الدستور حصانة عما يدلي به من آراء (خلال دورة الانعقاد)٬ وهذه الحصانة التي يتم منحها للعضو خلال مدة الفصل التشريعي توفر له إمكانية البحث والتقصي وجمع المعلومات الدقيقة، فلا يتم القبض عليه في حال وجود شكوى أو قضية ضده، إلا إذا كان متهما بجناية حصرا وبشرط استحصال أصوات اغلبية أعضاء مجلس النواب المطلقة٬ او في حال تمَّ ضبطه متلبسا بالجرم المشهود في جناية.
وينظم عمل أعضاء مجلس النواب قانوناً لتحديد الحقوق والامتيازات٬ وهذا القانون مبني على الأهمية التي ينبغي توفرها في عضو مجلس النواب قانونيا وسياسيا واجتماعيا ٬ ليكون مؤهلا لمراقبة عمل السلطة التنفيذية ومتابعة تطوير القوانين النافذة لتكون متناسبة مع التطور السياسي والاجتماعي والحضاري للشعب٬ وعلى عاتقه تقع مهمة معرفة القوانين وتعديلاتها وملاحقها٬ ومعرفة الاتفاقيات التي ينظمها قانون يصدر عن مجلس النواب.
ومجلس النواب يعد اعلى هيئة تشريعية في البلاد٬ ومن خلال هذه المكانة المتميزة لأعضاء مجلس النواب٬ فان المجتمع من الطبيعي أن يمنحهم المكانة التي تليق بهم كممثلين عن الشعب٬ ولهذا فان قانون مجلس النواب رقم ١٣ لسنة ٢٠١٨ منع العضو في المادة ٥/ ثانيا منه التعرض للقضايا الشخصية وتحقير المؤسسات الدستورية للدولة العراقية، حيث لا تعد مثل تلك الأفعال تعبيرا عن حرية الرأي والفكر٬ ولهذا فإن مهمة الحفاظ على هيبة المجلس ومكانته وكرامة الأعضاء والالتزام بمدونة السلوك النيابي، مهمة إضافية يجب أن يلتزم بها
العضو.
وفي سيبل تسهيل مهمة النائب منحه القانون حق اجراء المخاطبات والمراسلات الرسمية، وفق السياق القانوني وبصورة مباشرة إلى جميع أجهزة السلطة التنفيذية والهيئات المستقلة.
لم يتحدث أي نص في قانون مجلس النواب العراقي أعلاه ولا في نصوص الدستور عن فتح مكاتب لأعضاء مجلس النواب في المحافظات٬ حيث إن تلك المكاتب وهي تستقبل المواطنين لتقديم شكاواهم او طلباتهم تتداخل ضمن مهمة السلطة التنفيذية٬ كما أن عضو مجلس النواب ليس مراسلا لإيصال الطلبات٬ ولا وسيطا يصلح لتحقيق الشكوى أو الطلب٬ ولا يقع عبء البحث عن وظيفة لأحد المواطنين في أجهزة الدولة.
المهمة التشريعية التي يختص بها المجلس ويلتزم بها اعضاؤه حددها الدستور في المواد من ٦١- ٦٢ ٬ ويفترض أن جميع أعضاء المجلس يعرفون تلك المهام، ويحترمون عمل السلطة التنفيذية أو القضائية، ويترفعون عن التدخل في عملها٬ ولعل الزيارة الشخصية التي قام بها عدد من أعضاء المجلس إلى وزارة المالية في الفترة الأخيرة صورة لا تنسجم مطلقا مع مهمة المجلس ورقابته على عمل السلطة التنفيذية.
وإذ يمر المجلس تحت ظروف معقدة وبالغة الأهمي، حيث تمَّ تقييد عمله وشل حركته٬ أمام حكومة تصريف أعمال مستمرة٬ وامام استقالات لعدد كبير من أعضاء مجلس النواب، يمثلون الكتلة الأكبر عددا في المجلس٬ وعدم إمكانية الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية ولا تكليف مواطنا لتشكيل وزارة٬ يتطلب الامر مواقف تخدم فئات الشعب العراقي وتعالج أزماته٬ وتضع الحلول القانونية السريعة والمستعجلة لأوضاع الفقراء والمتقاعدين وشريحة العاطلين والمعدمين في ظل تصاعد جنوني لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، نشعر أننا بحاجة لمواقف حكيمة ورصينة توقف التدهور والانحدار الجاري حتى نستعيد أنفاسنا ونرمم أحوالنا٬ فالشعب العراقي وهو يضع أمانته في أعناقكم، يحملكم مسؤولية عظيمة يفترض بكم تحمل نتائجها.