وسط العراق تقع محافظة واسط بوابة الجنوب وممره الى العاصمة بغداد، يلتف دجلة حولها ليشكل شبه جزيرة غنية المزارع، مشى على ثراها يحيى الواسطي، أحد أهم مؤسسي مدرسة بغداد للتصوير ويعتبر رائداً في فن المنمنمات التي زوق بها كتاب رباعيات الخيام وأحد أهم ملوني عصره، في نهاية فترة العباسيين.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
واحتضنت واسط أنفاس المتنبي الأخيرة ومنحته السلام، ويعد قبر المتنبي في النعمانية أحد أهم معالم مدينة واسط، بالإضافة الى سدة الكوت، وبالرغم من أن مؤسسها الحجاج بن يوسف الثقفي جلاد عصره إلا أنها أبت أن تحوي قبراً أو شاهداً له، بل على العكس احتفظت بمرقد أحد ضحاياه وهو الزاهد سعيد بن جبير وما زال ليومنا هذا يعد من أهم المزارات الدينية في العراق.مدينة المتنبي لا شارع ثقافياً لها
تستضيف هذه المدينة منذ عقد سنوياً مهرجاناً للشعر والأدب باسم المتنبي بالتنسيق مع وزارة الثقافة والمحافظة واتحاد الأدباء في واسط، إلا أن هذه المدينة بالرغم من أنها منحت المتنبي سلاماً ومزاراً وتمثالاً لكنها لا تمتلك شارعاً باسمه للكتب والأدب والشعر كما تمتلكه بغداد ومحافظات أخرى.
قبل أيام شهدت شوارع مدينة واسط استبياناً شعبياً قامت به مجموعة من شباب واسط، وكان الهدف من الاستبيان هو سؤال الناس عن مدى أهمية إقامة شارع للكتب على غرار شارع المتنبي في بغداد، وعن أي الشوارع يعتقد السكان يصلح لإقامة هذا الشارع.
ولتسليط الضوء على هذه المبادرة التقت وكالة الأنباء العراقية (واع)، أحد متطوعي فريق الإنماء الثقافي الذين قاموا بالاستبيان، يقول: "نحن مجموعة من الشباب المستقلين، يبلغ عددنا عشرة متطوعين من حملة الشهادات والبعض منا ما زال طالباً في الجامعة قمنا بتأسيس فريق ثقافي يحمل اسم فريق الإنماء الثقافي،هدفنا هو نشر الوعي والمعرفة وتنشيط القراءة والاطلاع على الكتب للنهوض بواقع المدينة".
وأضاف: "نعمل على إقامة الأماسي الفنية والأدبية والشعرية، في ليالي رمضان المبارك وقمنا بإقامة أمسيات رمضانية في أحد شوارع مدينة الكوت، وكانت الفعالية الأكبر هي وضع مكتبة كبيرة من الكتب المتنوعة لاستعارتها مجاناً".
وتابع: "كما تخللت الأماسي عروض موسيقية ورسم في الهواء الطلق لمجموعة من فناني وشباب المدينة، واستمر معرض الرسوم والحرف اليدوية طوال شهر رمضان المبارك وكانت الدعوة عامة لجميع الأهالي".
وأشار إلى أن "محافظة واسط يمكن أن تكون عامل جذب للسواح لأنها أول مدينة تم بناؤها في العهد الإسلامي سنة 78 هجرية على يد الحجاج الثقفي، وكانت تسمى واسط القديمة وما زالت بعض آثار هذه المدينة شاخصة ويأتي لها السواح والآثاريون والمؤرخون".
وأكمل، بالقول: "كذلك يوجد في واسط قبر الشاعر المتنبي والقصر النجمي الذي بني في العهد العباسي، إضافة الى معالم حضارية مثل سدة الكوت ومقبرة الانكليز التي تم إنشاؤها منذ الحرب العالمية الأولى في العام 1916 فضلاً عن وجود مقابر عثمانية ، وأيضاً هناك بيت الحاكم الانكليزي الذي تم بناؤه في عام 1917".
وأوضح أنه "بالرغم من أن واسط هي مهد المنمنمات وكتب التصوير والتلوين التي قام بها الواسطي في القرن الثالث عشر الميلادي إلا أننا لا نمتلك اليوم أي مدارس فنية تعلم الخط والرسم وتمجد الإرث العظيم للواسطي، لذلك نحاول تسليط الضوء على كتبه ورسوماته في معارض كتبنا".
يذكر أن الأهالي والعوائل الواسطية وبعض قوى الأمن أسهمت في الاستبيان الذي قام به فريق الانماء وتم نشر (هاشتاك) في مواقع التواصل الاجتماعي تحت مسمى (شارع الكوت الثقافي).وأبدت بعض الجهات والمؤسسات المدنية تفاعلها مع الموضوع إلا أن المحافظة لم تستجب للأمر وأبلغتهم بأنهم ما زالوا بصدد تخصيص الميزانيات والأولويات للخدمات.