ما تزال لحظات سقوط الموصل بعد سيطرة عصابات داعش الإرهابية على المدينة، حاضرة في ضمير العراقيين، إذ لا يزال يوم 10 حزيران 2014 يحمل بقايا وجع وجرح لم يندمل، إذ أن الجميع يتذكر تلك الجريمة الوحشية والانتكاسة التي لن تتكرر بوجود أبناء الوطن المتراصين كالجبل الأشم، للتصدي لكل من تسول له نفسه الاعتداء على أرضهم.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
ففي ذلك اليوم سرحت الخيالات الخبيثة لتلك العصابات بعيدا، ظنا منهم بأن كل شيء انتهى وأنهم تمكنوا من النيل من أرض الحضارات والانبياء، وأنهم قادرون على انشاء دولة الوهم والخرافة خاصة بعد أن تمكنت تلك العصابة من الدخول لعدد من المحافظات والمدن.وعلى الرغم من أساليب الموت والبطش والعبث التي اعتمدتها العناصر الارهابية ومحاولتهم طمس حضارة البلد وتمزيق لحمته الوطنية، إلا أنهم اصطدموا بتكاتف العراقيين وعمق روح الوطن في وجدانهم الذي يفيض عطاء ويكشف عن معدن رجاله ونسائه وشبابه وروحهم الحرة، التي قدمت الأرواح الغالية لاسترداد الأرض التي سيطر عليها الإرهاب.
وعلى الرغم من شدة وقع ما حدث من انتكاسة سيطر فيها الإرهاب على عدة مدن، والتقارير الدولية التي توقعت بقاء هذه العصابات لعقود من الزمن، الا أن العراقيين أثبتوا أنهم ابناء حضارة اعتادت على مجاراة الغزاة وترويعهم، وبرهنوا أن هذه الارض لن تسمح لهم بالبقاء مهما كلفت التضحيات.
اليوم، وفي الذكرى الثامنة لدخول عصابات داعش للموصل تستذكر وكالة الأنباء العراقية (واع) تلك الأيام العصيبة والتي حولها العراقيون من نكسة الى بداية لتوحيد جهودهم ورص صفوفهم لحماية وطنهم ورد الاذى عنه.
وفي هذا الصدد، يقول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "قيادة العمليات المشتركة ومنذ اليوم الأول لوجود هذه العصابات الارهابية دأبت بالعمل على مطاردة وملاحقة ومكافحة الفكر الضال الذي حمله هذا التنظيم"، لافتا الى أن "قيادة العمليات المشتركة وبعد أن تمكنت القوات الامنية من دحر داعش الإرهابي ومن خلال العمل الكبير الذي تقوم به لا زالت تعمل وتخطط وتطارد هذه التنظيمات الارهابية والتي لا يزال لها جذور في بعض الأماكن".
وأضاف، أن "ما قامت به قيادة العمليات المشتركة والقوات الامنية أسهم إسهاما كبيرا في الحد من هذا الفكر الإرهابي الضال وكذلك تجفيف موارده ومنابعه وايضا مطاردة وملاحقة كل قياداته وتدمير جميع امكانياته وقدراته، وما تبقى من هذه العصابات مطاردون ويوميا يقتل ويلقى القبض على كثير منهم".
وبين أن "قيادة العمليات المشتركة استطاعت أن تنهي قوة تنظيمٍ سيطر في يوم ما على 47% من مساحة العراق، واليوم لم يعد للتنظيم تواجد او وجود الا في مناطق قليلة جدا وهي جبال حمرين وصحراء الرطبة وفي بعض الوديان والسهول والإرهابيون تحت مطاردة وملاحقة القوات الامنية والتي تقوم بعمل كبير في هذا المجال واستطعت أن تنهي أسطورة داعش الارهابي".
وتابع الخفاجي أن "القوات الامنية تعاهد الشعب العراقي وكل الشرفاء في العالم بأنها ماضية في انهاء هذا التنظيم من العراق قريباً جدا بإصرار القوات الامنية".
بدوره، قال الناطق باسم جهاز مكافحة الارهاب صباح النعمان في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إنه "على الرغم من صعوبة تقبل الحدث ومرارة الوضع الذي حصل من خلال احتلال عصابات داعش الارهابية لجزء من العراق وانهيار بعض من وحدات الجيش الا أن ذلك زاد جهاز مكافحة الإرهاب عزما واصرارا على منع استمرار هذا التنظيم من التقدم والتوسع من خلال فوج الموصل الذي قاتل ودافع عن المنطقة ببسالة رغم كثرة الانتحاريين الذين يرسلهم التنظيم وايضا الصواريخ والهاونات التي رميت على الفوج لكن بقي مقاتلوه صامدين وثابتين ومنعوا تقدم العدو لاحتلال مناطق اخرى".
وبين أن "جهاز مكافحة الارهاب في تلك الفترة أوقف اطماع العدو لاحتلال مصفى بيجي ومنعه من السيطرة على هذه المنشأة الاستراتيجية، وكان هذا تحديا بالنسبة لابطال جهاز مكافحة الارهاب بعد أن صمدت قوة صغيرة لأكثر من 9 اشهر في هذا المصفى محاطين بعصابات داعش الارهابي من كافة الجهات ولم يسلموا شبرا واحدا او يفقدوا شبرا واحدا من المصفى وكان هناك إصرار على منع التنظيم من التوغل".
ولفت النعمان إلى أن "قيادة جهاز مكافحة الارهاب ومنذ احتلال الموصل أعدت خطة لاستعادة المدينة وتحريرها، وهذه الخطة نوقشت من قبل قيادات الجهاز في تلك الفترة وحدد التوقيت لكن بالتأكيد كان هناك تمهيد لعملية التحرير إذ انطلقت قبلها عمليات تحرير الفلوجة والرمادي وبعض مدن الأنبار ومن ثم بيجي وصلاح الدين وتوجت جهود ابطال جهاز مكافحة الارهاب بملحمة كبرى بعملية تحرير الموصل".
وأوضح أن "عملية تحرير الموصل كانت تثير مخاوف المجتمع الدولي ومخاوف المراقبين السياسيين والعسكريين والكل راهن على فشل عملية التحرير في توقيت محدد بسبب وجود اكثر من خمسة ملايين مدني في المدينة اضافة الى سيطرة التنظيم الكاملة على الموصل، وبالتالي فإن عملية التحرير في تقديراتهم ستستغرق اكثر من خمس سنوات وستخلف خسائر بشرية اكثر من الخسائر التي سقطت في الحرب العالمية الثانية، لكن اصرار ابطال القوات الامنية وخاصة جهاز مكافحة الارهاب الذين أسندت اليهم مهمة تحرير الأحياء السكنية في الموصل كسرت جميع الحسابات والتوقعات".
ويقول المحلل السياسي احسان الشمري لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "أسباب انتكاسة الموصل جاءت بسبب سوء الادارة من جانب والفساد المستشري من جانب اخر، وتحويل هذه الانتكاسة الى نصر تمثل بإعادة الثقة بالمؤسسة الامنية العراقية وتنظيم المتطوعين ودعمهم للمؤسسة الامنية العراقية، الى جانب ذلك فإن الشعب العراقي واجه تحديا كبيرا بتنظيمات داعش الارهابية وجميع المكونات استشعرت الخطر، لذلك فإن الجميع تكاتف من اجل مواجهة خطر داعش الارهابي مما أدى الى تحقيق تقدم كبير وبالاضافة الى معالجة اسباب هذه الانتكاسة والاستثمار في السياسة الخارجية وتشكيل تحالف دولي لمكافحة الارهاب".
من جهته أكد الخبير الامني احمد الشريفي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أنه "حقيقة لا يختلف احد على أن سقوط الموصل كان يمثل تحديا وتهديدا كبيرا لوحدة العراق وسيادته، وهذا التحدي كان يتعلق بنوعية وطبيعة المعركة مع العدو وامكانية استدراج القطعات الى حرب المدن وبالحقيقة كانت الظروف غير مؤاتية ولكن بفضل الله وتضافر الجهود تحقق نصر كبير اختزل به الزمن وتحقق النصر ليس بارادة المؤسسة الأمنية فقط بل بموقف جماهيري وشعبي داعم بقوة".
وأضاف، أن "العمليات العسكرية ارتكزت الى قتال مؤسسات مسنود بتعبئة شعبية وهذه قليلا ما تحصل في دول العالم عندما تتعرض لمثل هكذا تهديدات لا سيما وأنها كانت حربا قاسية ومؤلمة شاركت بها المؤسسة الامنية والعسكرية بدعم وتعبئة شعبية أدت الى تضافر الجهود لتحقيق نصر فالنصر كان وطنيا بامتياز نصرا للعراقيين جميعا".
وأضاف، أن "التجربة التي مرت ليست بالسهلة بدليل أنها باتت نموذجا يدرس بارقى الأكاديميات العسكرية في العالم ومن قبل دول كبرى عملاقة لها جيوش فاعلة ومؤثرة ولها تأثير فاعل ومؤثر في الامم المتحدة، فالنصر كان كبيرا وبارادة وطنية".
ويقول الاعلامي علي هدار العكيلي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إنه "بعد فترة من الظلام والموت والقتل من قبل فلول داعش انتصرت مدينة الموصل الحدباء لنفسها وللحياة وعادت محملة بالامل والامان لتحافظ على مكتسبات النصر الذي حصل بدماء العراقيين الابطال لتنهض من تحت الركام وتثمر من جديد بهمة الغيارى من ابطال العراق ولتبقى امنة تحميها العيون الساهرة لتعطي كلمة وعنوانا لكل العالم ولكل الاحرار بأن العراقيين صناع الحياة والنصر الابدي".
من جانبه يقول الناشط المدني محمد جليل لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "داعش الإرهابي فيروس كاد أن يصل الى كل العالم والى الوطن العربي ودول الجوار لولا سواعد الابطال من العراقيين الذين حولوا انتكاسة سقوط الموصل الى نصر كبير وأثبتوا أنهم قادرون على أن يحموا الارض، كما أن المرجعية الدينية كان لها دور كبير وفضل على العالم والعراقيين في تحرير الاراضي العراقية من خلال رسالتها التي كانت موجهة للعراقيين بأن يتطوعوا لقتال العصابات الإرهابية".