ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
عشرون عاماً مضت ولم يشهد العراق حركة تنموية شاملة تستثمر الثروات المهمة التي يتمتع بها هذا البلد، حيث لا زراعة، ولا صناعة، ولا سياحة، ولا خدمات، ولا تطور مؤسساتيا. كل شيء حاضر إلا التنمية. معظم القطاعات المذكورة شبه مشلولة. على مستوى الزراعة لا يغطي منها المنتج المحلي سوى نسبة ضئيلة، بسب شح المياه وظاهرة التصحر وتقلص المساحات الزراعية. أما الصناعة فهي خارجة عن الخدمة بشكل كبير، ذلك أن البنية التحتية للصناعة العراقية متداعية إلى حدكبير.
والسياحة، المهمة والمتميزة والمتنوعة في العراق، غائبة عنها الاستثمارات كلياً، حتى أننا نشعر بالخجل هذه الأيام نظراً لزيارة بعض الوفود السياحية لمواقعنا الأثرية، فماذا سيجدون يا ترى، وما الانطباعات التي سيحملونها حين يشاهدون هذه الأطلال؟!. المراقد الدينية، التي تتمتع بجاذبية خاصة لدى المؤمنين، هي القطاع الأنشط من بين جميع القطاعات، وتُستثمر عائداتها بشكل جيد في محافظة كربلاء لأغراض التنمية الزراعية والصناعية وتطوير المراقد المقدسة. لكن فلنتصور لو كان بلد في هذه المعمورة يمتلك ما يمتلكه العراق من أرث حضاري، كيف ستكون عائداته الاقتصادية يا ترى؟ المهم في الأمر، يمكننا أن نشير إلى الوضع الكارثي لأحد القطاعات، وأعني به قطاع الطاقة لنفهم إلى أين وصلنا، وبالأخص قطاع الكهرباء الذي بقيَّ لغزاً طيلة السنوات العشرين.
لقد بات هذا القطاع لغزاً محيّراً، ولو جمعت كل الذين تعاقبوا على وزارة الكهرباء لخرجت بتصريحات متناقضة. يمكنك أن تفهم الغيب يوماً ما، لكنك لا تهتدي إلى لغز الكهرباء، فالأجدر أن تسمى هذه الوزارة بـ "وزارة
الغيب".
على الرغم من كل الأرقام الفلكية التي التي صرفت لهذه الوزارة، غير أنها ظلت فقيرة وشحيحة في تقديم الخدمة الكاملة للمواطن العراقي، والصيف على الأبواب وسنبدأ رحلة عذاب جديدة في شهور الصيف اللاهبة، وسنشهد تصريحات متضاربة لا نفهم منها شيئاً على الإطلاق. كل شيء تضع أصبعك عليه في هذا البلد الحزين سيتفجر منه القيح. طيلة السنوات العشرين العجاف لم نشهد صراعاً سياسياً على خطط وبرامج تنموية بين الأحزاب، بل عادة ما ينحصر هذا الصراع على ذلك الشغف العجيب للسلطة حتى لو ذهب البلد إلى
المجهول.
كل الأحزاب الحاكمة تتصارع من أجل مكوناتها ومصالحها الشخصية، والحقيقة المرة أنه حتى المكونات لم تنل من هذه الحياة الباذخة التي تتمتع بها النخب السياسية شيئاً. وفي التحليل الأخير لا يوجد كيان سياسي مهموم بالمصير المجهول الذي ينتظر العراق.