د. علاء هادي الحطاب
يوما بعد يوم يتعقد المشهد السياسي العراقي، الذي يرمي بظلاله على بقية المشاهد الاقتصادية والأمنية والاجتماعية وحتى الثقافية، ولا حل قريبا يلوح بالأفق وكأن عقول السياسيين وصانعي القرار تجمدت وعقمت عن التفكير بطرق وسيناريوهات لحل أزمة تشكيل الحكومة وإدارة البلاد من خلال مجلسي نواب ووزراء كل منهما يعمل في مساحة اشتغاله وواجباته.
اللقاءات الثنائية هي الأخرى باتت شحيحة، لا سيما بين المختلفين في وجهات النظر، وكأن جميعهم ينتظر ما يفعله الآخر ليقرر ردة فعله، الأمر الذي خلق نوعا من اليأس والإحباط لدى عامة الناس في المجتمع، فضلا عن مثقفيه ونخبه، في مستقبل النظام السياسي برمته، بل لم تخف بعض القراءات والاحتمالات حدوث ردود أفعال اجتماعية كبيرة مع ارتفاع درجات الحرارة ودخول الصيف أوقات ذروته الأمر الذي يحفز المواطن على زيادة نقمته وإظهارها للعلن من خلال فعل اجتماعي مؤثر يتمظهر تارة بالتظاهرات وأخرى بأفعال أكثر راديكالية كالاعتصامات أو غيرها.
وسط كل ما يمكن قراءته من مشاهد للوضع السياسي القائم، لا تزال مسارات الحوار شبه غائبة وإن وجدت فإنها لم تتجاوز المجاملات، من دون التفكر بحلول واقعية، على الأقل ما يترشح من تلك اللقاءات لم يتجاوز (السوالف)، وجميع المبادرات التي يتم طرحها الآن لم تخرج عن تمسك متبنيها برؤيته وموقفه وإن غلفها بعبارات أخرى، لم يفكر أي من صناع القرار خارج الصندوق في إمكانية وجود مسارات أخرى غير التي يتم البحث فيها من دون جدوى.
ما نحتاج إليه اليوم هو صناع قرار يمتلكون الإرادة الحقيقية في صناعة حوار سياسي قادر على إنتاج حلول جريئة من دون النظر إلى ما سيقال عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، فصانع القرار هو من يجب أن يحرك تلك الوسائل، لا هي التي تحركه وفقا لما تريد، نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى جهات وسطية ضامنة لكل الأطراف في إنتاج حوار حيادي بين طرفي الصراع السياسي للوصول إلى مرحلة تفكير غير نمطية تنتج طروحات وحلولا غير تقليدية، فما نعيشه اليوم هو مقدمات لردود أفعال لن تكون تقليدية تتمثل برفض شعبي أو تظاهرات جماهيرية، لا سيما مع دخول الصيف في تموزه الراديكالي دائما في العراق.