يمتاز كل بلد إسلامي بعادات وطقوس خاصة في شهر رمضان المبارك، مع آخرى تتشابه بين البلدان الإسلامية، ومنها تجمع الأهل والأقارب على موائد الطعام، وتبادله مع الجيران، والتزاور، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وغيرها من العادات والطقوس لاسيما العبادات الخاصة بهذا الشهر الفضيل، لكن العولمة والتقنيات الحديثة وما انتجته من أجهزة ذكية أبعدت الكثير من الشباب لا سيما العراقي عن الطقوس والعادات المتعارف عليها.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
الباحث والأستاذ الجامعي، صفاء عبد الله برهان، يقول لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "الغاية من شهر رمضان الفضيل هو أن يعود الإنسان إلى ربه، وهنا قد عبر الله سبحانه وتعالى عن هذه الايام وعن هذا الشهر الكريم بـ (ضيافة الرحمن)، وبالتالي علينا أن نكون ضيوفاً كما أرادنا الله سبحانه وتعالى الذي يحبنا ويدعونا إلى رحمته وغفرانه والى كل ما يسعدنا في الدارين وقد درجت على تلك الحال الاجيال الى أن وصلنا الى الاجيال الرقمية التي تعشقت بالتكنولوجيا وأصبحت تعيش هوس هذا العصر".التكنولوجيا سلاح ذو حدين
يضيف برهان، "وكما نعرف فإن الانسان ابن وقته وابن ظرفه وابن بيئته، ونحن في هذا الشهر الكريم علينا أن لا ننساه إذ أننا مدعوون الى عبادة الله سبحانه وتعالى والى الانقطاع الى حد معلوم عن الدنيا، وعلينا أن نرتبط بالسماء وبحاجاتها وإرادتها ورغبتها"، مشيراً إلى أن "التكنولوجيا سلاح ذو حدين فهناك من استطاع ان يسخرها في الاشياء الايجابية في التواصل بالعلم في بث الافكار الجيدة في كل ما من شأنه ان يرفع من قيمة الانسان وينفعه ويسعده خصوصا في هذا الشهر فهناك من نراه يتواصل مع اقاربه عن طريق هذه الوسائل والتطبيقات التكنولوجية وهناك من يحفز على نشر ادبيات شهر رمضان الكريم من مواقيت صلاة وامساكيات وفضائل هذا الشهر وهو جيد".
ويردف بالقول: "ولكن للاسف الأعم الغالب قد تأثر تأثرا سلبيا بهذه التكنولوجيا ولا سيما الجيل الصاعد الذي كما هو معروف يعاني كثيرا من الخواء الروحي قبل الخواء الاجتماعي فتراه يرى في البرامج التي تبث سواء على برامج التطبيق الاجتماعية ووسائل التواصل الاجتماعي وكذلك البرامج التلفازية فرصة في ان يشاهد كل ما هو جديد وما يعرف من اشياء لا تمت الى رمضان المبارك بصلة من قريب أو بعيد بل العكس من ذلك فهي تخطف هذه الاجيال بعيداً عن روحانية هذا الشهر".
ويؤكد، أن "هذه الروحانية هي فرصة كبيرة وعظيمة ومنحة الهية عندما يكون في نوم الانسان عبادة وانفاسه تسبيح وصومه غفران للذنوب وقيامه مقبول وان قيود الشياطين تقيد في هذا الشهر"، مضيفاً: "ولكن مع كل هذا نجد ان هناك تطبيقات تمنع هذا الجيل بنسبة كبيرة عن موازاة هذه الروحانية فيرى أن اللذة الحسية التي يكسبها من هذه البرامج والتطبيقات وما يعرف فيها من اشياء مثيرة أهم من الاتصال بالله سبحانه وتعالى".
ويشير إلى أن "التكنولوجيا خطفت كثيراً من الشباب نحو هذه البرامج وأبعدتهم عن هذه الروحانية التي يجب ان يتمثلوها في هذا الشهر 30 يوماً إذ تعد فرصة يعتق الله في كل يوم ما شاء من عباده من النار، وبالتالي يجب ان ينظروا الى اهمية احراز السعادة الحقيقية وليس اللذة الوقتية كما قال الامام علي (عليه السلام): (طوبى لعمل تذهب تبعته وتبقى لذته واف لعمل تذهب لذته وتبقى تبعته)، وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ﴾، فالاغراق في التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها بعيداً عن ضيافة الله سبحانه وتعالى يعد من العبث الذي يبعدنا عن الله سبحانه وتعالى".
الصيام والتكافل الإجتماعي
بدورها، تقول المدرسة سارة علي التميمي، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إنه "في كل عام يأتي شهر رمضان المبارك لكي يحيي بنا مسؤولية الاحساس بالاخرين وبمعاناتهم، فشعور الإنسان بالجوع والعطش لساعات طويلة في اليوم، مع توفر الطعام والشراب يذكرنا بالعطش والجوع الذي يعاني منه الفقراء والمحرومون ويدفعنا ذلك الشعور إلى مساعدتهم وتخفيف معاناتهم".
وتضيف التميمي: "وفي الصيام تجسيد لمعنى التكافل والتعاون، وتجسيد لمعنى الأخوة في الإنسانية والأخوة في الدين، ولذلك لابد من الالتفاف الى واجباتنا في هذا الشهر والابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي والتلفزيون قدر الإمكان والاهتمام بحياتنا الانسانية وبعوائلنا وأقاربنا وجيراننا فجميعهم وصى الله بهم".
وشددت، على "ضرورة توعية المراهقين والشباب بضرورة قضاء وقت مفيد في رمضان بين الالتزام بالعبادة وتعزيز الروابط الأسرية وخاصة الحضور في فترتي الفطور والسحور لما له من آثر مهم في تقوية ارتباطهم باسرهم، بدلا من إنفاق وقتهم على مواقع التواصل بعيداً عن عوائلهم".
رمضان.. عاداته وطقوسه الغائبة
أما هدى الشمري (موظفة حكومية)، فتقول لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "هناك بعض العادات والتقاليد سرقت منا في شهر رمضان وحتى بقية الشهور الكثير، وعلى سبيل المثال كانت العائلة تجتمع على سفرة كبيرة ليس شرطاً نوعية الطعام وكثرته، فكل ما يتوفر خير وبركة، ايضا كانت هناك طقوس جميلة حيث اجتماع العائلة وتقديم الحلوى وسرد القصص المليئة بالوعظ والارشاد، فضلا عن الدور الكبير للاجداد في تقوية اواصر المحبة بين العوائل".
وتابعت الشمري: "في أيامنا كنا نجد الأبناء يتمسكون بهذه العادات والتقاليد ويطالبون الآباء بالذهاب الى بيت الجد للحديث معه ولقاء ابناء عمومتهم، حتى ان بعض المساعدة كانت تقدم فورا حال سماع ان هناك شخصا مريضا او يحتاج الى المساعدة اذ يتم في لحظة او غضون دقائق جمع مبلغ وتقديمه للمحتاج".
وأردفت بالقول: "هذه السلوكيات بدأت تقل بسبب انفاق الأبناء ووالديهم غالبية وقتهم بمسك الموبايل على مواقع التواصل، وبالتالي الوقت يذهب دون نفع فقط مجرد صيام وصلاة".
استخدام سيئ للتكنولوجيا
فيما تقول الإعلامية منى القزاز، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن " الكثير من العوائل نجدها اليوم تفتح التلفاز مباشرة مع الإفطار أو بعده لمشاهدة المسلسلات أو الكاميرا الخفية او البرامج غير الهادفة ومع الاسف بعض هذه الأعمال تكون غاية في الهبوط والإنحلال وتتناول كلمات مسيئة ومواضيع تمس فئات من الشعب العراقي وتتنمر على الآخرين".
وتضيف القزاز، أن "التكنولوجيا استثمرت في كل دول العالم أفضل استثمار، لكن مع الاسف الدول العربية وبمقدمتها العراق نلاحظ ان استخدامها يكون استهلاكيا ومنصباً على الموبايل ومواقع التواصل والألعاب".