على امتداد السنين السابقة لا يمكن النظر لطبيعة الأزمات التي عصفت بالبلد، إلا من خلال العودة إلى أحداث نيسان 2003، وما تلاها من تغيير شمل كل نواحي الحياة في العراق الجديد، من نظام حكم إلى طريقة إدارة دولة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وهي بالتأكيد أزمات أثرت بشكل او بآخر في الوضع العراقي، فمن أزمة إلى أخرى يدخل البلد، ومن ثم تتراكم تلك الأزمات بانتظار وضع الحلول المناسبة لها، فكل أزمة تولد أزمات جديدة معها، فكانت الأزمات السمة البارزة للحكومات ما بعد عام ٢٠٠٣ وبغض النظر عن طبيعة النظام السياسي الحاكم وأهدافه ورؤيته، وإذا ما تناولنا أسبابها وما آلت اليها، فأننا أمام انطباعات خلفتها كيفية معالجة تلك الأزمات، والتي كشفت عن مدى جدية معالجتها من قبل النخب السياسية، التي مسكت زمام الأمور ما بعد التغيير الشامل في ٢٠٠٣، ويكمن السبب الرئيس للأزمات في العراق إلى عوامل سياسية بالدرجة الأولى، مع الأخذ بنظر الاعتبار طبيعة المتغيرات الدولية والإقليمية وتأثيراتها في الوضع العراقي، وغالباً ما تتسبب الأزمات السياسية بشلل تام، يشمل تعطيل السياسات العامة للبلد لاختلاف وجهات النظر بين مجموعة الكتل والقوى السياسية المشاركة في الحكم، ومن ثم البحث الدائم عن حلول وخطط بديلة تتماشى مع واقع الحال، الأمر هذا انعكس بدوره على صياغة وتشريع قوانين تهم الصالح العام. وعلى الرغم مما حدث في تشرين الأول ٢٠١٩ وما نجم عنه من تغيير كبير على مستوى العملية السياسية، إذ لأول مرة، نجد أن الشعب أصبح فاعلاً مؤثراً فيها بعد أن كان مغيباً لسنوات طوال، نرى بأن القوى السياسية قد رضخت للإرادة الشعبية ومطالباتها المستمرة بضرورة إصلاح الواقع السياسي، وكان من نتائج ذلك أن تغيرت معادلات كانت قائمة في المشهد السياسي، فتمَّ تشريع قانون جديد للانتخابات وبما ينسجم ومتطلبات الواقع الحالي وبالشكل الذي يحقق مطالب الجماهير في تحقيق الإصلاح، وكذلك يسري الأمر على تغيير مفوضية الإنتخابات، ومن ثم التغيير الأكبر في إقامة انتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر لها.
ولا يمكن التعكز فقط على ما يحدث من أزمات تعصف هنا، وهناك على تكالب القوى السياسية وتأثيراتها على مجمل الأوضاع، بل يمكن القول بأن هناك مجموعة من العوامل أسهمت بشكل في إدامة تلك الازمات، فهناك العوامل الإقتصادية والإجتماعية وغيرها، فانعدام فرص العمل وتزايد اعداد الخريجين الجامعيين وإرتفاع مستويات البطالة بشكل كبير، مع عدم تناسي العوامل المجتمعية التي تؤثر في تنامي الأزمات بشكل مضطرد، وهنا تظهر وبشكل جلي مسألة عدم توفر متطلبات السكن اللائق للأسر العراقية وانخفاض مدخولات الشعب وبشكل لا يسد المتطلبات الأساسية للعيش الرغيد، كل تلك العوامل فاقمت من تلك الأزمات وحدّتها.
ولتجاوز الآثار المترتبة على الأزمات التي يعاني منها البلد، ومن أجل تجاوز تداعياتها على جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا بدَّ أن نشخص بعض الحلول لمعالجة الأزمات المتتالية، التي يعاني منها البلد؛ أن يتم الإسراع بتشكيل مجلس أعلى لإدارة الأزمات ووضع الحلول الناجعة لها، وضع خطط مستقبلية من قبل الحكومة لمعالجة الأزمات المستدامة، العمل على استيعاب شريحة الخريجين الشباب عن طريق آليات مستحدثة من خلال مدخلات ومخرجات سوق العمل في العراق، وأن يتم تشجيع القطاع الخاص والعمل على تنميته، وبما يتوافق مع الرؤية الاقتصادية للدولة وتوجهاته في هذه المرحلة، ووضع خطط ناجعة لمعالجة آثار عدم فسح المجال للقطاع الخاص بممارسة دوره في دعم وتطوير القطاعات في البلد.