ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بعد أن كان العراق في منتصف السبعينات قاب قوسين أو أدنى من التخلص تماما من الأمّيَّة، تأتي التقارير المحلية والدولية لتسجلَ ارتفاعا كبيرا في مستويات محو الأمّيَّة في مجتمعنا، ففي احصائية للأمم المتحدة صدرت مطلع العام الحالي تشير إلى وجود 12 مليون أمي في العراق، (أي بما يصل إلى 27%) في حين يشير الجهاز المركزي للأحصاء بأن نسبة الأمّيَّة في العراق لمن هم فوق العاشرة من العمر تبلغ 13%،أي أكثر قليلا من خمسة ملايين أمي.هذه الاحصائيات الخطيرة والصادمة تستدعي دق ناقوس الخطر، ووضع الخطط والمبادرات والحلول العملية لوقف هذه الانتكاسة المجتمعية، في بلد اخترع الكتابة والتدوين قبل آلاف السنين عبر الحروف المسمارية؛ فالمجتمعات الحديثة والمتطورة تجاوزت الأمّيَّة في عدم معرفة القراءة والكتابة منذ عقود لتتجه نحو معالجة الأمّيَّة المعرفية، التي تعني عدم الاستمرار في تحديث المعلومات والمعارف والتدريب بشكل فردي دون الاعتماد على المعلم والأمّيَّة المعلوماتية، التي تعني عدم إجادة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومواكبة التطورات التقنية في هذا المجال نظريا وعمليا.
المجتمع الأمّي الجاهل لا يصنع حضارة ولا يصنع تقدما، والغريب في مجتمعنا هناك تغيير طردي بين ارتفاع نسبة الأمّيَّة وارتفاع نسبة الحاصلين على الشهادات العليا (الماجستير والدكتوراه)، فما فائدة هذه الشريحة الأكاديمية اذا لم تستطع خدمة مجتمعها في التخلص من الأمّيَّة والأمّيَّة المعرفية والأمّيَّة
المعلوماتية.
بعيدا عن التنظير والاستطراد في وصف الحالة واسبابها المعروفة للجميع بسبب ما مر به البلد من حروب وحصار وارهاب؛ هناك خطوات عملية يمكن اللجوء اليها للقضاء على الأمّيَّة أهمها التعليم الالزامي في المرحلة الابتدائية ومتابعة المتسربين دراسيا، ودفعهم للعودة إلى مقاعد الدراسة باسلوب الترغيب والترهيب، عبر توفير التغذية المدرسية ومنح بدل نقدي بسيط للأسر المتعففة او قطع راتب الحماية الاجتماعية للأسر، التي لا ترسل أبناءها للدراسة، وتشجيع الانضمام إلى مدارس محو الأمّيَّة التي يبلغ عددها أكثر من ألف مدرسة موزعة بين جميع محافظات العراق، كل ما تمَّ ذكره أمورُ تسهم في تقليل نسب الأمّيَّة، وصولا إلى انعدامها ومن ثم يتمُّ الحديث عن معالجة الأمّيَّة المعرفية والمعلوماتية في وقت لاحق.