ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
مصطلحات النهايات ظهرت، مع ما يسمى التطور والتقدم في الغرب، وكأننا نعيش على حافة الهاوية ومن امثال هذه المصطلحات، نهاية التاريخ، نهاية الانسان، نهاية الصراع الطبقي، نهاية الايديولوجيا، نهاية الحضارة، نهاية السيادة، نهاية القومية وغيرها، بعدما كان الغرب يمجد الحضارة ويدعي أن المستقبل، يحمل بشائر الرفاهية والرخاء. في هذا الجو المحموم فقد الانسان بوصلته الاجتماعية والسياسية والثقافية، وأصبح هائما في صحراء الخواء الروحي، يبحث عن خلاص روحي له في هذا العالم، بعد أن تشوشت فيه الأفكار والقيم، بحيث (تخطت عاصفة العالم الثلجية، عتبة الباب وقلبت الروح) كما يقول أحد الفلاسفة. وظهرت نظريات اقتصادية وعرقية وثقافية في تفسير التطور، ويرى الباحث الفرنسي فرنان بردويل:(إن كلمتي تطور وتخلف كانتا تطلقان على شعوب مختلفة، في عصور مختلفة، وليست الشعوب التي اصبحت متقدمة اليوم، هي التي كانت متقدمة سابقا ولا الشعوب التي هي متخلفة كانت متخلفة طوال عصور التاريخ، بل حدث تبادل كبير على مر العصور بين التقدم والتخلف.
إنَّ التقدم والتخلف يقومان على مقاييس حضارية، تتعلق بالعصر الذي تستخدم فيه والعلاقات بينهما اكثر مما تتعلق بالشعوب التي تطلق عليها). اليوم يتم التركيزعلى الرأسمال الثقافي، ولا يخفى الغرض من ذلك وهو تحميل العالم النامي مسؤولية الانحطاط والتخلف والتمزق على كل الصعد، التي يعيشها ويتلظى بها وكان الرائد في هذا المجال هو فوكاياما، منذ أن قدم نظريته، حول نهاية التاريخ والتي ذهب فيها الى نهاية الصراع الايديولوجي، بين الشرق والغرب، كانت انتصارا حاسما ونهائيا لليبرالية السياسية والاقتصادية، حيث انتقد فوكاياما أصحاب نظريات الاقتصاد الكلاسيكي في تركيزهم على القوانين الاقتصادية واهمالهم دور الثقافة في صياغة السياسات الاقتصادية ذاتها. ويذهب فوكاياما الى أن ظاهرة الفساد يتحدد مداها وانتشارها في ضوء العوامل والقيم الثقافية. ويركز على سمة ثقافية خاصة بما يسميه النشاط الاجتماعي والثقة الاجتماعية، ويخلص الى أن رفاهية الأمة وقدرتها على المنافسة تعتمد على خاصية ثقافية واحدة وسائرة في مستوى الثقة المتأصلة في المجتمع.
ويعدُّ صاموئيل هنتغتون أكثر من عبّروا عن النموذج او العامل الثقافي، من خلال نظريته (صدام الحضارات) وافتراضه أن المصدر الرئيس في عالم ما بعد الحرب الباردة، لن يكون في المقام الاول أيديولوجيا او اقتصاديا ولكن سيكون ثقافيا. ويرى المفكر العربي سيد ياسين أن منهج التحليل النفسي أخذ يعتمد على أنظمة الفكر في نشوئها، بعدما تبين عجز المناهج السياسية والاقتصادية السائدة، ليس فقط عن التنبؤ بمصير، وانما ايضا تفسير الظواهر المصاحبة لانهياره.