بين تلبيتها لحاجة ذوي الدخل المحدود بسبب رخص ثمنها، والتحذير من مخاطر صحية عالية، تقف الملابس المستعملة في منتصف المسافة ملبية حاجة كثيرين ليس فقط لأنها تستر الفقير وخاصة في أيام الشتاء، بل لأنها أيضاً توفر بحسب بائعيها ومن يحرصون على اقتناء نوعيات منها فرصة للحصول على ملابس ذات جودة عالية ومن الماركات العالمية بثمن معقول نسبيا.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بالمقابل، تقول الجهات المسؤولة أن (البالة المستوردة) لا تخضع لتدابير من شأنها توفير قدر من الاطمئنان على خلوها من المخاطر الصحية، يؤيدهم بذلك مختصون بالشأن الصحي.وتوضح خلود عبد المجيد مديرة قسم الصناعات النسيجية في دائرة السيطرة النوعية في الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، كيفية التعامل مع الملابس المستعملة القادمة من خارج العراق.
وتؤكد في حديثها لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أنه "بالنسبة للملابس المستخدمة فهي لا تفحص من الجهاز المركزي للسيطرة النوعية، نحن نفحص الملابس الجاهزة مباشرةً من بلد المنشأ ولدينا شركات فاحصة تفحصها هناك وتصدر شهادة مطابقة وبمجرد وصولها إلى العراق تتم مطابقتها من قبل الكمارك وتدخل في حال المطابقة".
وأضافت، أن "الملابس المستعملة الداخلة إلى العراق، لا تدخل بموافقة منا، من يدخلها يقول أنها معقمة أو ستعقم، يجب أن تكون خاضعة للشركات الفاحصة ونخشى أن تتسبب بأمراض لمن يستخدمها ومن ناحيتنا نفضل أن لا تدخل للبلد دون الخضوع للشركات الفاصحة".
تحذير من مخاطر صحية
بدوره يقول الدكتور فاضل الصفار، إن خطر الملابس المستعملة على الصحة أكثر بكثير من فائدتها بالنسبة لمن لا يقدر على شراء ملابس جديدة.
ويضيف في حديثه لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "الناس تقبل على شراء الملابس المستعملة لسببين، أما بسبب رخص ثمنها ويقدر على شرائها الفقير، أو البحث عن الماركات، ولا أحد بالمقابل يعي خطورتها على الصحة، لأن بعضها من الممكن أن يحمل فيروسات لا تموت بسهولة بمجرد الغسل ما يتسبب بانتقال أمراض بعضها خطيرة لأفراد العائلة جميعاً وليس فقط الشخص الذي يرتديها".
وشدد على أن "الخطر قائم ما لم يتم تعقيم الملابس واستخدام درجات حرارة عالية للقضاء على الفيروسات وتعقيمها وغسلها وعرضها على اشعة الشمس للتأكد من موت الفيروس وبعض الفطريات والطفيليات التى تسبب الجرب وانتقال حشرات القمل والعثة، أو بعض الامراض الجلدية المتعددة".
وأكد "وجوب عدم شراء البالة للأطفال من هم بعمر أشهر خشية أن تكون مناعتهم ضعيفة، إذ من الممكن أن يتأثروا أكثر من غيرهم بما تحمله الملابس المستعملة من طفيليات أو فيروسات".
شغف الأطفال بالملابس الجديدة سبب إضافي
وتشير المتخصصة بعلم النفس سهى أمير إلى أن شراء الملابس المستعملة أصبح ملبياً لحاجة الكثير من العوائل بسبب غلاء الملابس الجديدة، رغم ما تحمله البالة من مخاطر صحية.
وتضيف في حديثها لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أنه "مع الأسف ونتيجة صعوبة الوضع الاقتصادي لدى كثير من العوائل، تجد نفسها مجبرة على شراء البالة لتأمين حاجتها من الملابس، خاصة وأن الصعوبات المالية آثرت على الفرد العراقي وتعلمون أن الطفل يفرح بالملابس الجديدة ويعتقد بأن البالة جديدة أيضا".
وتضيف، أن "الملابس الجديدة تترك أثراً نفسياً لدى الطفل لأنه يقارن بينه وبين أصحابه، وفي حال بقي على ملابسه القديمة ستتولد لديه عقدة تؤثر على مستواه الدراسي خاصة ونظرته للمجتمع، لذلك تجد العوائل في شراء ملابس من البالة حاجة تنهي الحرج مع أطفالها وتفرحهم، لكن بالمقابل فإن البالة تحمل خطر الأمراض اذا لم يتم تنظيفها وتعقيمها بالشكل الصحيح".
الإقبال على البالة لا يتوقف على ذوي الدخل المحدود
ويقول بائع الملابس المستعملة في منطقة الكاظمية عدنان الجميلي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن من الخطأ الاعتقاد بأن مشتري (البالة) هم فقط الباحثون عن رخص ثمنها من ذوي الدخل المحدود.
ويوضح أن "الكثير من الميسورين والمثقفين يقبلون على البالة لشراء الملابس الأصلية ذات الجودة العالية من الماركات العالمية، وهذه أسعارها ليست رخيصة، وبالمقابل رب الأسرة لو كان ينوي شراء (قماصل) لأولاده المقبلين على المدرسة ولديه 3 أو 4 أطفال مثلاً فذلك سيكلفه أكثر من 100 ألف دينار بينما يستطيع شرائها نفسها وبنوعيات جيدة بأسعار لا تتجاوز 5 آلاف للواحدة".
ويشدد على أن "من يشتري الملابس المستعملة سيلاحظ أنها نظيفة للغاية ومعطرة، نحن لا نبيعها إلا بعد غسلها وتعقيمها بعناية، الناس لا تشتري أية حاجة لا ترتاح لنظافتها".
الأجهزة الكهربائية أيضاً
ولا يتوقف بيع (البالة) على الملابس داخل العراق، فاللأجهزة الكهربائية حصة دفعت كثيرين للجوء إليها لأنها أكثر جودة بحسب من يستخدمها.
ويؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل العلي لوكالة الأنباء العراقية (واع) أن "شراء الأجهزة من الماركات الجيدة وذات السعر المنخفض نسبياً رغم أنها من البالة من الممكن أن يكون ذا جدوى اقتصادية للعائلة لأنها ستكون ذات عمر أعلى من المستورد الرديء الذي يغزو السوق".
ويشير إلى أن "العراق يستورد الأجهزة ولا يصنعها وبالتالي يجب دعم استيراد النوعيات الجيدة، البالة الجيدة لا يتوقف أثرها الاقتصادي الجيد على العائلة بل من الممكن أن تنفع المجتمع والاقتصاد ككل بدل حرق الأموال على بضائع استهلاكية تحتاج للاستبدال بشكل مستمر لأن عمرها قصير".
وبالنسبة للملابس المستعملة يقول العلي إن "ملابس البالة اذا كانت مستوفية للشروط الصحية فهذا يعني أن من الممكن أن تحقق بعض النفع لذوي الدخل المحدود وبالتالي تجنبهم انفاق المال القليل لديهم على حاجات استهلاكية وهم بأمس الحاجة لانفاقه على اشياء ضرورية للغاية".