الرئيسية / الصناعات التحويلية.. معامل متوقفة وغياب التخطيط يعيق عودتها

الصناعات التحويلية.. معامل متوقفة وغياب التخطيط يعيق عودتها

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد- واع- نصار الحاج – هندرين مكي

تعدّ الصناعات التحويلية المحرك الأساس والرئيس للتنمية الصناعية والاقتصادية لأي بلد عبر دورها الكبير في زيادة الناتج القومي إضافة الى دورها المؤثر في التنمية المستدامة وحماية الصناعة الوطنية للبلدان.

ووفق مراقبين، فإن العراق يمتلك المواد الأولية اللازمة للعديد من الصناعات التحويلية، إلا أنه لا يزال يفتقدها بشكل كامل بسبب فقدان الكثير من المعامل الخاصة بها.

وفي هذا الصدد، أجرت وكالة الأنباء العراقية جولة للوقوف على الأسباب ومعرفة الحلول اللازمة بشأن هذه الملف، وقال مدير عام التنمية الصناعية في وزارة الصناعة والمعادن عزيز ناظم لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "الصناعات التحويلية هي قائمة في جميع الدول ومنها العراق إلا أنه مرت بفترات سابقة أثرت ظروف البلاد في عدم تنشئتها ،والآن بالظروف من بعد التحول الاقتصادي الذي حصل بعد العام 2003 وبالأخص بعد قرار رفع سعر صرف الدولار اتجه الصناعيون واستشعروا بأهمية الصناعات التحويلية وبدأوا بتأسيس مصانع متعددة مختلفة الأنشطة الصناعية"، منوها بأن"هناكأسباباً عديدةأدت الى توقف المعامل التحويلية أغلبها تتعلق بتوفر الكهرباء وتوفر الوقود اللذان يسهمان بشكل أساسي في هذه الصناعة ونجاحها".

وأكد أن " الصناعيين اتجهوا إلى تأسيس معامل الصناعات التحويلية وبالأخص الغذائية لكونها ذات جدوى مقبولة كما تشير الدراسات والخطط في وزارة الصناعة والمعادن"، مشيراً الى أن "هناك خطة ممنهجة تستند إلى المنهاج الحكومي فيما يخص الصناعات التحويلية تتضمن تهيئة وتنشيط وتسهيل إجراءات الصناعات التحويلية بالاتفاق والتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى لاسيما وزارات الكهرباء والبيئة والنفط ،الأمر الذي سينعكس بشكل ايجابي في دفع عجلة الصناعة".

وتابع ناظم أن"الصناعات التحويلية قد تكون دون المستوى المطلوب في الوقت الحاضر لكنها ستكون محوراً أساسياً خصوصاً في المنهاج الحكومي المقبل وفي خطة وزارة الصناعة والمعادن"، مؤكداًأن "المديرية العامة للتنمية الصناعية أخذت على عاتقها تنشئة هذه الصناعات من خلال الندوات ومن خلال تحفيز الصناعيين واستقبال طلباتهم وتسهيل أمورهم لغرض  إنشاء الصناعات التحويلية".

ولفت الى أن "هناك العديد من المعوقات التي تقف حائلاً دون النهوض بالصناعات التحويلية ومنها تخصيص الأموال الكافية إضافة الى ضعف الاستثمار الذي يواجه صعوبات في هذا الصدد".

بدوره،اوضح المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف لوكالة الأنباء العراقية (واع): أن "وزارة الزراعة لطالما نادت بالصناعات التحويلية وهي أساس كبير جداً لتطوير كل القطاعات الأخرى ومنها القطاع الزراعي، فعندما تكون الصناعات التحويلية للمعجون سيزداد إنتاج محصول الطماطم ،وهو ما سينعكس على الفلاح لأن أسعار الطماطم ستكون جيدة، أما بالنسبة للتمور فأيضاً الفلاح سيكون له دعم كبير لأنه يستطيع أن يبيع التمور إلى المكابس ومعامل صناعة الدبس والصناعات الأخرى للتمر وهذه توفر ملايين الدنانير للدولة باعتبارها عملة صعبة لأن صناعة التمور وبيعها أفضل من أن يتم بيع التمور كمادة خام  الى الخارج".

وأضاف أن "العراق كان فيه قبل العام 2003 أربعة معامل تحويلية لكن الآن هذه المعامل متوقفة على الرغم من أن هناك مساعي من وزارة الصناعة والمعادن لإعادة افتتاح معامل معجون الطماطم "، مشيراً الى أن "الصناعات التحويلية مهمة في البلاد ويمكن إعادة هذه الصناعة في العديد من المجالات مثل صناعة الألبان ،فبدلاً من استيراد منتجات الألبان بمبالغ كبيرة يمكن إنتاجها محلياً والمحافظة على العملة وكذلك سيسهم هذا الأمر في إنشاء محطات للأبقار والاغنام لتوفير الحليب فضلا عن تشغيل الايادي العاملة العراقية".

وأكد النايف أن "الصناعات التحويلية هي مفتاح التطور في العراق وهي مفتاح التكامل الاقتصادي والتكامل الغذائي ،لأنها تتعلق في جميع الاشياء المتعلقة بالقطاع الزراعي"، منوهاًبأن "وزارة الزراعة لديها تنسيق مع جميع الوزارات من أجل إعادة الصناعات التحويلية خاصة وأن وزارة الزراعة تعتمد بشكل كبير على منتجات وزارة الصناعة من سماد وغيرها من الأمور الأخرى التي تتعلق بالزراعة".

الى ذلك قال مستشار وزارة الزراعة مهدي القيسي لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "قانون حماية المنتجات العراقية رقم 11 لسنة 2020، لو طُبِّق مع السيطرة على المنافذ الحدودية، فبالتأكيد سيكون  للعراق مستقبل واعد وأفضل للنهوض بالقطاع الزراعي".

وأضاف أن "الزراعة تساوي الصناعات التحويلية، وبدون الأخيرة لا يعني هناك زراعة مستدامة"، مبيناً أنه "لو كانت لدينا صناعات تحويلية، لما حصل لدينا ذلك الشح في الطماطم، وذلك من خلال استقطاب الفائض من المحصول في فترة الذروة لتحويله إلى معجون الطماطم وعصير الطماطم، ومن ثمَّ سنعمل على خلق توازن وعدم خسارة الفلاح في وقت الذروة، فضلاً عن الإفادة منها، ولا ينحصر استهلاكها على المائدة الغذائية فقط".

وأشار إلى أن "النفط خسر الصناعات البتروكيمياوية، وفقدت قيمته بمجرد نزول الأسعار، لذلك نحن لا نريد للزراعة أن تكون كذلك، تنحصر مهمتنا فقد بزراعة المحاصيل وجني المحصول وبيعه، وعند هبوط الأسعار لم نستفد شيئاً، مجرد أننا استهلكنا الارض وخسرنا المياه من دون الإفادة من المنتجات الزراعية وتحويلها للصناعات التحويلية، لديمومة القطاع الزراعي وازدهاره". 

وأكد أن "ديمومة القطاع الزراعي تعتمد على السيطرة على المنافذ الحدودية، وحماية المنتج المحلي".

من جهته، قال النائب السابق عن اللجنة الاقتصادية النيابية مازن الفيلي لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "الصناعات التحويلية هي جزء من الصناعات العراقية الأخرى التي شهدت تراجعاً كبيراً إلى درجة لا تكاد  تذكر هذه الصناعة"، لافتاً إلى أن " الاهتمام بالصناعة التحويلية سيضاعف من قيمة المنتجات العراقية الموجودة سواء كانت منتجات نفطية أو غذائية أو زراعية".

وتابع أن "النهوض بهذا القطاع يتم من خلال القضاء على الفساد المالي والإداري الذي ينخر جسد الدولة العراقية منذ العام 2003 وحتى الآن".

وفي سياق ذلك، أوضح الخبير المالي صفوان قصي عبد الحليم لوكالة الأنباء العراقية (واع) أن "الصناعات التحويلية بشكل خاص والصناعات في العراق بشكل عام تعطلت لعدة أسباب من ضمنها عدم قدرة العراق للانتماء إلى منظمة التجارة العالمية لعدم توفر الشروط لهذه الخطوة وكذلك سياسة الاغراق المتعمدة من قبل العديد من الدول الاقليمية والدول العالمية أدى كل هذا إلى تراجع امكانية الصناعات التحويلية في منافسة هذه السلع".

وبين أن "العراق يمتلك المواد الأولية اللازمة للعديد من الصناعات التحويلية لكنه لايزال يبيع النفط الخام بدون مشتقات وبدون الصناعات النفطية وغيرها التي بإمكان استثمارها أن ينشط بتقليل الفجوة بين المواد الأولية المنتجة وتصديرها وبين إمكانية تحويلها إلى صناعات تكميلية تحويلية".

واقترح "منح فرص استثمارية على مستوى جميع الصناعات التحويلية من أجل أن يكون القطاع الخاص النظامي شريكاً في عملية النهوض بهذه الصناعة وخلق فرص عمل والتقليل من مستويات البطالة والفقر وهي بالتأكيد من ضمن برنامج التنمية المستدامة ومشروع الإصلاح على مستوى الاقتصاد العراقي".

بدوره، أشار المستشار السابق لرئيس اتحاد الصناعات العراقي اياد خضير العكيلي لوكالة الأنباء العراقية (واع)  إلى أن "الصناعات التحويلية تعد المحرك الأساس والرئيس للتنمية الصناعية والاقتصادية لأي بلد عبر دورها الكبير في زيادة الناتج القومي إضافة الى دورها المؤثر على التنمية المستدامة وحماية الصناعة الوطنية لتلك البلدان، وحين نتطرق الى واقع حال الصناعات التحويلية في العراق فالواقع يشير الى واقع سيئ جدا بسبب التضرر الهائل الذي تعرض له هذا القطاع منذ التسعينيات والعقوبات الاقتصادية على العراق الى مابعد عام 2003 إضافة الى توقف اكثر من 4000 معمل ومصنع محلي بسبب سياسة الانفتاح الشامل الذي اعتمدته الحكومات السابقة المتلاحقة والذي تسبب بخسائر كبيرة وفادحة للقطاع الخاص عموما والصناعات التحويلية خصوصا".

ولفت إلى أن "ذلك جاء بسبب اعتماد العراق على النفط كمورد رئيس واحادي (ريعي) في الموازنة الاتحادية لسد كافة احتياجات الدولة من جانب، وإهمال الدولة للقطاع الخاص وعدم دعمه ورعايته وتشجيعه وبضمنها الصناعات التحويلية من جانب آخر".

وتابع العكيلي أنه "في الوقت الذي تسعى مختلف دول العالم في تعدد مصادر الدخل من خلال تشجيع المنتوج الوطني ودعم القطاع الخاص بشكل عام والصناعات بشكل خاص واهمها الصناعات التحويلية للاسهام في زيادة الصادرات والتقليل من الاستيرادات، إلا ان الحكومات العراقية المتعاقبة عجزت في زيادة فاعلية القطاع الخاص وحمايته أو من حماية المنتوج الوطني وزيادة الدخل القومي للبلد".

وأكد أن "المعالجات والحلول تبدأ بوضع سياسات اقتصادية فاعلة تشجع المنتوج الوطني ودعم الصناعيين ورجال الاعمال العراقيين ووضع القوانين اللازمة لذلك وتفعيل القوانين النافذة في هذا المجال ثم تفعيل قوانين الاستثمار وتطويرها بما يتلاءم والواقع الاقتصادي العالمي الجديد ولاسيما تطوير القطاع المصرفي العراقي (المتراجع والقديم جدا) لتشجيع المستثمرين المحليين والأجانب لدخول الاسواق العراقية والاستثمار فيها ولاسيما في القطاع الصناعي واهمها جانب الصناعات التحويلية"، مشدداً على أنه "يجب وضع سياسات ترويجية ملائمة ومتطورة لاسيما ان العراق يتمتع بخصائص استثمارية عظيمة لم تستغل أو تستثمر بالشكل الملائم والمطلوب لغاية اليوم". 

وأخيراً أجرت وكالة الأنباء العراقية (واع) حديثا حول هذا الملف مع الخبير الاقتصادي إسامة التميمي، إذ عدّ الصناعات التحويلية واحدة من الأنشطة الاقتصادية المهمة لرفد الاقتصاد الوطني والميزانية العامة بالواردات عن طريق القيام بالنشاط الاقتصادي في قطاعات مختلفة تستهدف تشغيل الايدي العاملة وتحويلها من ايدي غير ماهرة الى أيدٍ ماهرة".

وتابع أنه "ينبغي أن يكون لهذا النشاط الاقتصادي مساحة واسعة على مستوى القطاع الحكومي أو القطاع الخاص حيث تكمن أهميته بتوفير الكثير من السلع والخدمات للمواطنين والتي تقلل من استيرادات الدولة للبضائع المماثلة بما يقلل من خروج العملة الصعبة الى الخارج".

وأكد أن "الصناعات التحويلية هي عملية معالجة المواد الخام من أجل تحويلها إلى سلع تامّة الصنع، وذلك عن طريق استخدام الآلات، والأيدي العاملة، وعمليات المعالجة الكيميائية".

وأشار إلى أن "قطاع الصناعات التحويلية أنواعه متعددة ومُختلفة، ومن أبرزها الأطعمة والمشروبات والأنسجة والجلود والملابس والآثاث والخشب والورق والنفط والكيماويات والبلاستيك والمطاط والمعادن اللافلزية والمعادن الأساسية والمعادن المُصنّعة لأجهزة الحاسوب والإلكترونيات والمُعدّات والأجهزة الكهربائية وغيرها من المنتجات الزراعية".

ولفت إلى أن "العراق نجده ينتج الكثير من هذه المواد الأولية إلا أنه ما زال يفتقر الى حلقة الصناعات التحويلية بل وان واقع الصناعات التحويلية في العراق يمر بمرحلة مزرية جدا أوصل البلاد الى جعلها تستورد جميع احتياجاتها من الخارج في حين لو كانت هناك خطط حقيقية وطنية وتنموية لإنشاء قطاعات خاصة بالصناعات التحويلية لأصبح العراق مكتفيا اكتفاء ذاتيا من الكثير من السلع بل ويصبح من الدول المصدرة لها ويحقق إيرادات بالعملة الصعبة سواء عن طريق الاكتفاء الذاتي او التصدير الى الخارج".

وأوضح أن "العراق أصبح مصدراً وعلى سبيل المثال لبرميل النفط بسعر 80 دولاراً في حين أن برميل النفط يمكن أن يحقق أكثر من 300 دولار لو تم استغلال النفط الخام بإنتاج جميع أنواع الوقود والمواد الكيمياوية والبلاستيكية والزيوت التقنية والزيوت الطبية والبتروكيماويات مثل الأسمدة والمبيدات الحشرية والمئات من المنتجات الصناعية".

 

 

 

 

 

 

 


11-12-2021, 10:31
المصدر: https://www.ina.iq/143488--.html
العودة للخلف