ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
رغم الإجراءات الأمنية المشددة والعقوبات القانونية الرادعة، تواصل عصابات الجريمة ترويج المخدرات ونشر سمومها بين الشباب على وجه الخصوص، بالمقابل يقدم مسؤولون ومعنيون بالشأنين الأمني والقانوني وباحثون اجتماعيون جملة من المقترحات للحد من الظاهرة التي تهدد المجتمع وتستغل أزماته.وتؤكد الأجهزة الأمنية أن إجراءاتها نجحت بالقبض على كثير من المتاجرين والمتورطين وأنها تواصل مكافحة عمليات التهريب على الحدود.
مدير العلاقات والإعلام في المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية العميد زياد القيسي قال لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "عدد الذين ألقي القبض عليهم من المتهمين بالمخدرات من 1/1/2020 إلى 31/ 10/ 2021 بلغ أكثر من 17 ألفا".
وأضاف، أن "القوات الأمنية تفرض حاليا سيطرتها على المنافذ الحدودية، وتحد من حركة تهريب المخدرات وحركة تجار ومروجي المواد المخدرة"، مشيرا إلى أنه "تم إلقاء القبض على كبار التجار والمروجين وضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة".
وبشأن منافذ وطرق دخول المخدرات أوضح القيسي أنها "تدخل عبر طرق غير شرعية وغير قانونية"، مؤكداً أن "مؤشرات وزارة الداخلية بشأن دخول هذه السموم تؤكد أن محافظتي البصرة وميسان من اكثر المدن التي تدخل عبرها هذه الافة الخطرة، وبالنسبة للمؤثرات العقلية فإنها تدخل عن طريق سوريا ومن ثم الأنبار إلى بغداد".
وأشار القيسي إلى أن "الوزارة تعمل على إجراءات عدة للحد من الظاهرة ومنها ملاحقة ومتابعة المتهمين والقبض عليهم، واحالتهم للقضاء وفق المواد القانونية المنصوص عليها بقانون مكافحة المخدرات رقم 50 لسنة 2017، بالإضافة إلى تفعيل الجهد الاستخباري بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية كافة"، لافتا إلى أن "الشطر الثاني للحد من الظاهرة هوالتوعية، والوزارة اعتمدت برنامجا كاملا بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية والوزارات ومنظمات المجتمع المدني كافة، فضلا عن الجامعات والكليات يشمل توعية كاملة عن المخاطر التي تسببها الظاهرة".
وتابع أن "هناك سبلاً أخرى من الإجراءات التوعوية من بينها النزول في الساحات والتقطعات والاماكن العامة والمولات لنشر البوسترات التي تعرف المواطن بالخط الساخن التابع الى مديرية مكافحة المخدرات (178)، والذي تصل اليه اتصالات كثيرة من المواطنين تحمل معلومات قيمة جدا عن تواجد تجار ومروجي تعاطي المواد المخدرة"، مؤكدا أن "هذه المعلومات سرية والاتصال يكون طي الكتمان".
وعن مصيرالمواد المخدرة بعد ضبطها، أشار القيسي إلى أنها "ترسل بمحضر ضبط كامل وقانوني الى وزارة الصحة دائرة الطب العدلي إذ أن هناك لجنة مشكلة وفق القانون العراقي تسمى لجنة اتلاف المخدرات تتضمن عدداً من الأجهزة الأمنية وبينها وزارة الصحة دائرة الطب العدلي وممثلون من الدوائر الأمنية"، لافتا إلى أن "هذه اللجنة تقوم باتلاف هذه المواد التي لا تحتاج إليها وزارة الصحة، وأن قسماً منها تحتاجها الصحة للاستفادة منها في علاج امراض الصرع والحساسية وغيرها".
مقترحات للسيطرة على المنافذ ووقف عمليات التهريب
بالمقابل، يقدم معنيون بالشأن الأمني مقترحات أمام انظار الأجهزة الأمنية للحد من عمليات تهريب المخدرات.
ويقول الخبير الأمني عدنان الكناني لوكالة الانباء العراقية (واع)، إن "عمليات التبادل التجاري مع دول الجوار مستمرة منذ زمن بعيد وهناك اشخاص يعتاشون على عمليات التهريب"، مشيرا الى أن "ضبط الحدود بالكامل صعب لكن يجب أن تكون هنالك أدوات ومخافر حدودية مع كاميرات حرارية وأجهزة لمعالجة الخروقات فضلا عن أهمية أن يكون بروتوكول تعاون بين الجانب العراق والدول المجاورة له بهدف التصدي لتجارة المخدرات".
التصدي لآفة المخدرات يجب أن يكون مجتمعياً أولاً
بدورها تشير الاكاديمية والباحثة في الشأن الاجتماعي ندى العابدي لوكالة الانباء العراقية (واع) أن "السيطرة على ظاهرة تجارة المخدرات تحتاج الى قوانين صارمة وأن لا يتم التغاضي عن أي جريمة وبدون تدخل أو ضغوط"، مبينة أن "معظم المتعاطين يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية واقتصادية ويحاولون الهروب منها عبر تعاطي هذه السموم، وعلى الأسرة مراقبة ابنائها في تربيتهم لأن لها دورا كبيرا في ذلك".
وأضافت، أن "الأمر يحتاج إلى تكاتف اجتماعي للنهوض بالمستوى الاقتصادي للأسرة عبر ايجاد فرص عمل للشباب، اضافة الى دور المراجع الدينية الاجتماعية والاعلام جميعهم لهم دور كبير في التوعية بخطورة هذا الامر".
ما عقوبة المتاجرين بالمخدرات ومتعاطيها؟
ويفرض القانون العراقي عقوبات بحق من يتاجر ويروج ويتعاطى المخدرات.
ويوضح الخبير القانوني علي التميمي لوكالة الانباء العراقية (واع) أن "المشرع العراقي عالج مكافحة المخدرات في قانون المخدرات العراقي رقم (68) لسنة 1965 والذي حرم المتاجرة و صناعة المخدرات والاستخراج والتحضير والحيازة والتقديم والعرض للبيع والتوزيع والشراء ولا يجوز المتاجرة بالمخدرات والمستحضرات الحاوية على مخدرات مهما كان نوعها".
وبين أن "المادة الرابعة عشرة من قانون المخدرات نصت بأنه يعاقب المخالف لأحكام المادتين التاسعة والعاشرة من هذا القانون بغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة وهي تتعلق بمسك الصيدلي لسجلات خاصة بوصفات المخدرات الطبية وفي المادة الرابعة عشرة الفقرة (ب) يعاقب بالإعدام او بالسجن المؤبد وبمصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة من ارتكب بغير اجازة من السلطات المختصة فعلا من الافعال التالية وهي: استورد او صدر او جلب باية صورة من الصور المخدرات او أنتجها او صنعها بقصد الاتجار بها او باعها او سلمها للغير او تنازل له عنها بأية صفة كانت ولو كان ذلك بغير مقابل او توسط في اية عملية من العمليات وحيازة المخدرات او احرازها او شرائها او تسليمها بأية صفة كانت بقصد الاتجار بها".
ولفت التميمي إلى أن "زراعة نباتات القنب وخشخاش الافيون والقات وجنبة الكوكا او نقل نبات من هذه النباتات وفي اي طور من الاطوار يعاقب عليها بالاعدام واذا عاد المتهم الى ارتكاب احدى الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (ب) بعد أن سبق الحكم عليه في جريمة عنها، واذا كان المتهم قد ترأس جماعة لارتكاب هذه الافعال واذا كان المتهم من موظفي او مستخدمي الكمارك او من الموظفين او المستخدمين العموميين المنوطة بهم مكافحة المواد المخدرة او الرقابة على تداولها او حيازتها او كان من الموظفين او المستخدمين العموميين الذين لهم بهذه المواد اتصال من اي نوع كان واذا كان المتهم من افراد القوات المسلحة العراقية او مستخدما فيها او كان يعمل معها او لمصلحتها ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة ولا تقل عن الحبس لمدة ثلاث سنوات".
وبين أن "تعاطي المخدرات يعد من الاسباب التي تؤدي الى كثرة حالات وقوع الطلاق وقد اعتبر المشرع العراقي في قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 الادمان سببا من الاسباب التي تؤدي الى التفريق القضائي حيث إن تعاطي المخدرات او المتاجرة بها تجعل الحياة الزوجية مهددة بالانهيار وتؤدي الى اضرار احد الزوجين".
وتابع أن "المشرع العراقي اصدر القرار 39 لسنة 1994 والذي نشر في الجريدة الرسمية جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3505 في 11/4/1994 وعدل بالقرار 135 في 2/11/1996 وعد فيه مثل هذه الافعال جرائم يعاقب مرتكبوها وكل من ساهم في ارتكابها بالإعدام او السجن المؤبد او السجن المؤقت او الحبس مدة خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة الاف دينار ولا تزيد على مئة الف دينار وللمحكمة أن تصادر الاموال للمحكوم عليه ما يتناسب مع جسامة الضرر وهي اخراج الادوية والمستلزمات والاجهزة الطبية وغيرها من المواد و الادوات الاحتياطية بصورة غير مشروعة من المؤسسات الصحية الرسمية والجمعيات ذات النفع العام وتزوير المستندات والسجلات الرسمية الخاصة بالأدوية والمستلزمات والاجهزة الطبية وغيرها من المواد والادوات الاحتياطية بقصد اخفاء التصرفات غير القانونية في هذه المواد وحيازة الادوية والمستلزمات الطبية والاجهزة الطبية وادواتها الاحتياطية بقصد المتاجرة بها اذا كانت هذه المواد غير مجهزة من مصدر معترف به رسميا بموجب قوائم اصولية".
وأضاف، أن "ذلك يسري على المجاز بالتعامل في هذه المواد وغير المجاز وحيازة الادوية والمستلزمات والاجهزة الطبية وادواتها الاحتياطية من قبل المؤسسات الصحية غير الحكومية اذا كانت هذه المواد غير مجهزة من مصدر معترف به رسميا بموجب قوائم اصولية".
وتابع التميمي أنه "يعاقب بالحبس و بغرامة لا تزيد على عشرة الاف دينار ولا تقل عن خمسة الاف دينار كل من الطبيب الذي حرر وصفة وهمية او بالغ في كميات الادوية الموصوفة فيها وثبت كل ذلك بتقرير من لجنة طبية مختصة رسمية بقصد صرف ادوية لحاجة غير حقيقية لغرض الاستفادة غير المشروعة والمسؤول عن المؤسسة الصحية الرسمية عند قيامه باتخاذ الاجراءات اللازمة او عدم اخباره السلطات المختصة عند حصول تلاعب بالأدوية والمستلزمات والاجهزة الطبية وغيرها من المواد والادوات الاحتياطية في مؤسسته والمدقق او المفتش او اي مكلف بخدمة عامة ملزم بالأخبار عند عدم اخباره السلطات المختصة في حالة حصول تلاعب بالأدوية والمستلزمات والاجهزة الطبية وغيرها من المواد او الادوات الاحتياطية اضافة الى العقوبات المنصوص عليها في هذا القرار يخول وزير الصحة غلق المؤسسات الصحية غير الحكومية لمدة سنة عند ارتكابها احدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القرار وغلق المؤسسة الصحية نهائيا في حالة تكرار المخالفة".
وأوضح التميمي أن "قانون مزاولة مهنة الصيدلة العراقي رقم (40) لسنة 1970 قد نص على منع بيع الادوية بدون وصفة طبية وكذلك ممارسة مهنة الصيدلة دون الحصول على اجازة من السلطات المختصة قانونا اوعرض الادوية والمستحضرات الطبية للبيع في المادتين (51،50) وأن جرائم المتاجرة بالمخدرات من الجرائم التي لا يجوز اطلاق المتهم فيها بكفالة حيث إنها من الجرائم التي يعاقب عليها القانون العراقي بالإعدام ويجب احالة المتهم موقوفا على محكمة الجنايات المختصة ولخطورة جرائم المخدرات لم يتم شمولها بقانون العفو العام رقم 19لسنة 2008 لكونها من جرائم الخطر العام بحيث تعتبر من الجرائم المنظمة لاسيما اذا تم استخدام الاموال التي يتحصل عليها من تجارة المخدرات في تمويل الارهاب وغسيل الاموال".
وتابع أن "علاج هذه الظاهرة أو الحد منها وتفادي خطرها يتطلب تشديد العقوبة بالنسبة لتعاطي وتجارة المخدرات واعادة النظر في القوانين العقابية المتعلقة بها لاسيما قانون المخدرات رقم (68) لسنة 1965 لأن هذا التشريع لم يعد ينسجم مع تطور اساليب المتاجرين بالمخدرات والانواع الجديدة المستخدمة في المخدرات وخاصة فيما يتعلق بإغواء الاحداث وتشجيعهم على تعاطي المخدرات".
ولفت إلى أن "انتشار الصيدليات الوهمية وصيدليات الارصفة ظاهرة خطيرة او العمل في الصيدليات من قبل اشخاص غير مؤهلين لممارسة مهنة الصيدلة او صرف الادوية بغير وصفات طبية او لاشخاص غير مستحقين لاسيما وأن بعض الادوية المخدرة تصرف لاشخاص مرضى ومصابين بأمراض ولأغراض علاجية"، مبينا أن"قوانين مزاولة الصيدلة وقانون مكافحة غسيل الاموال لا تتضمن الردع القانوني المناسب الذي ينسجم مع خطر المخدرات لاسيما وأن الاموال التي يتحصل عليها من تجارة المخدرات تستعمل في ارتكاب جرائم التفجير والتفخيخ والقتل والجرائم الارهابية".