افكر بالمقلوب في قضايا السياسة. اعترف بهذا الشيء دون ان اخجل منه. وما يراه السياسي ابيض اراه بنفسجيا، وما يراه خطة ستراتيجية اراها محاصصة لن تبني وطنا.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وآخر ما شاهدته مقلوبا هو وضع المهاجرين العراقيين على الحدود البولندية، وما يعانونه من برد وتعب.ما معنى ان يهاجر الانسان تاركا وطنه؟ هذا السؤال مؤجل ولا يطرح عند السياسي او المسؤول الذي يناقش الامور كما تقع. بالنسبة لي ولعشرات الالوف غيري انظر الى الهجرة على انها حل نفسي قبل كل شيء. ان هذا الشاب الذي ترك كل شيء خلفه ليس بليد المشاعر، ولا يعاني من عقدة اتجاه وطنه واهله. هذا الشاب يريد ان يتخلص من ضغط نفسي يتعرض له يوميا لذلك هو يجازف مثل مدمن يبحث عن قنينة خمره.
لابسط المسألة اكثر. لا يريد السياسي ان يرى الا ما هو حاصل هناك على الحدود البولندية. وقد اتخذت الحكومة اجراءات منها سحب رخصة القنصل الفخري البيلاروسي في العراق.
هذا اجراء لن يحل المشكلة ابدا بل قد يعقدها اكثر لأن الشخص الذي يتخذ قرار الهجرة في اكثر الاحيان اصبح شخصا آخر.
قد يعتقد السياسي ان الشاب الكربلائي الذي قتل على يد الشرطة في بيلاروسيا قبل اشهر هو شاب {بطران} قرر في لحظة ان يحمل حقيبته ويرحل. ليس الامر بهذه البساطة. ان نظرتي المقلوبة لذلك الشاب تقول غير هذا الشيء.
وقد يظن السياسي ايضا ان من الممكن اقناع الانسان بعدم الهجرة. السياسيون في العادة يرون الشعب الذي يحكمونه مدللا اكثر من اللازم.
السياسة الفاشلة في اي مكان في العالم هي من تصنع المهاجرين. بكلمة ادق جدا تصنع السياسة الفاشلة طريقة تفكير المهاجر. تعطيه سببا مقنعا أنه منسي وتائه في بلد يحمل جنسيته.
ما اقوله يعني هذا الامر: يفقد الشخص في لحظة معينة هويته كمواطن ليكون مهاجرا في بيت عائلته. يجلس مع اهله، ويتناول طعامه معهم لكنه مشغول بفكرة الرحيل عنهم. من هنا تبدأ القصة التي لا يريد السياسي رؤيتها.
يبقى ابن العائلة رافضا لكل شيء، مهووسا بلحظة ترك وطنه، والابتعاد عن كل شيء. هذا ما يحدث. ولا حل لهذه المشكلة الا بمعالجة حقيقية قد تتطلب اعواما طويلة ان توفرت النوايا.