الرئيسية / كتاب في سلة نفايات

كتاب في سلة نفايات

 أمجد ياسين
  كل ما يحيط بك جزء منك، هو مهم بقدرك، وهو صورة منك وبعض من هويتك او ما ستطرحه في مقبل الايام. لا تتصور الذي يحيط بك حيز ضيق، بل هو احياز وخطوط متباعد تستمع لك وترصد ما تقوم به، لتؤثر فيها وتؤثر فيك، العملية تبادلية. 
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
حضرت هذه الصورة وانا ارى كتابا مرميا في سلة نفايات، يبدو ان صاحبه يئس منه او حاول التخلص منه، ربما فكر شاخ وفشل في تحقيق اهدافه، او رؤية غير حقيقية، وربما قصة او رواية لا قيمة لها. 
ما يحيط بنا جزء من هويتنا، نحن من نختار الذي يجاورنا، واذا ما فرض السيئ علينا لا بد ان نبرز هويتنا الحقيقة، هذه هي الحياة باختصار. انت مختلف عليك ان تقاتل ظروفك ومحيطك الى أن تستقيم الامور. في شوارع العراق ترى الكثير من هذه الصور، وتقول مع نفسك كيف يجتمع هذا مع ذاك في مكان واحد، هل العملية مقصودة ام جاءت بها ظروف البلد وما مر به؟ والحال نفسه في امور العمل والسياسة والرياضة. اننا نمر بازمة حقيقية في تقديم انفسنا للآخر. 
حديقة خضراء وورود وبجانبها نفايات وبسطيات، ترى من سينتصر، عمر الوردة القصير ام رغبة البسطية الجامحة للبقاء والتوسع؟ اصرار عامل النظافة ام لا وعي واستهتار الذي يرمي النفايات في الشارع؟ ماذا يمكن ان ندعو الذي يحدث الان في العملية السياسية، هل هي عملية ديمقراطية ام هي عملية استقواء بما املك من نفوذ لفرض الامر الواقع، هل المشكلة بالمفوضية ام بالناخب ام بقناعة الاحزاب بالعملية السياسية؟ من المسؤول عن كل هذه المتناقضات التي تملأ حياتنا وتتحكم فيها؟ لماذا يغيب التخطيط عن كل ما هو عام ويظهر كل ما هو خاص باجمل صورة. بيت المدير جميل وفي منطقة راقية، ودائرته التي يترأسها قديمة ومتهالكة، ينخر فيها الفساد والمحسوبية. سيارة المدير نظيفة ومتينة تتباهى بموديلها الحديث وخطوط نقل الموظفين بائسة. وشوارعهم وكهرباؤهم ومياههم ونفوذهم وارصدتهم وسفرهم وشركاتهم ومشاريعهم.. كل ما يتعلق بهم افضل ما يكون اما ما يتعلق بنا فبائس.
لنعد ونقل لا نتصور الذي يحيط بنا حيز ضيق بل احياز وخطوط متباعدة، تستمع لنا وترصد ما تقوم به، لتؤثر فينا ونؤثر فيها، فاذا ما اقمنا مهرجانا فان الصورة والخبر ينقلان ما نريد، الا ان بضعة امتار قليلة تفصلنا عن واقع بائس عنوانه الاهمال والتقصير والنفايات والفقر، اهل المدينة الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة لا تهمهم الندوات والامسيات، وهم لا يعرفون اذا ما كان غدهم صالحا للعيش ام لا، ما دام من بيده القوة يفرض الامر الواقع. 
الكتاب الذي لا يؤثر فينا لن يؤثر في الاخر، لا امتداد او فضاء له، فيتم التخلص منه. علينا ان نرمم امكنتنا ونتجاوز خطوط محيطنا الضيق، فالمدن واجهة للاحداث وليس البنايات والغرف المغلقة، والحدث الصغير الذي نبلط له شارع او نرمم له بناية لا يمثل مدينة او وطنا. العالم يستعد للاحداث بمدنه وصحافته ومبدعيه... بكل امكانياته، المهرجانات ترى بعيون مدنها وليس بقاعاتها.. والحال المعيشي ضنك وقد انحنى ظهر المواطن لتأمين قوت
يومه. 
كذلك الحال مع السياسي الذي يريد ان ينتصر على حساب غريمه، بتعطيل الحياة، ولسان حاله يقول بدوني الخراب. مستندا الى قوة من هم خارج الحدود. مرة اخرى ما نقوم به يمثلنا وجزء من هويتنا وما عادت الامور ينفع معها مسحوق تجميل ولا حتى كوفية او عباءة. اوصلونا الى حافة ان نصمت ونترك هويتنا مقابل
العيش.





14-11-2021, 07:39
المصدر: https://www.ina.iq/141232--.html
العودة للخلف