كاظم الحسن
يمكن القول إن افضل ما انتجته البشرية من نظم سياسية، هو النظام الديمقراطي وتكاد تتبوأ الدول الصناعية السبع الصدارة في التقدم في الصناعة ومختلف المجالات الأخرى، وحتى جوائز نوبل العلمية، معظمها من نصيبها وهي تتربع على عرش الاقتصاد الكوني، الذي يتحكم في سياسة العالم.
انها الديمقراطية التي تتيح المنافسة وتكافح الفساد بقوة القانون الفاعلة وتعلي من نظام المؤسسات، وتفعل السلطات الثلاث، من اجل منع احتكار السلطة وتدرب الرأي العام على الوعي بحقوقه وتحترم السلطة الرابعة، التي تمثل الرقابة الشعبية ذات الاثر والنفوذ في الساحة السياسية.
وتمثل الانتخابات الاميركية الاخيرة خير مثال على اهمية وفاعلية الدستور ونظام المؤسسات في الخلاف، الذي حدث بين بين الرئيس الاميركي السابق والرئيس الحالي جو بايدن حول سلامة وصحة نتائج الانتخابات الاخيرة، التي اتهم فيها ترامب الرئيس بايدن الفائز في الانتخابات الاميركية، عن الحزب الديمقراطي بالتزوير، الا أن قرار المحكمة العليا، كان له القول الفصل في سلامة الانتخابات من التزوير وهذا يؤكد متانة وعراقة الاسس الدستورية والقانونية في التحكيم واصدار القرارات الملزمة للطرفين وتجاوز الخلافات. نصل من خلال ذلك، ان الديمقراطية وادواتها القانونية، مثل صنادق الاقتراع تكرس العدالة والاستقرار والسلام، وهي القاعدة الرصينة والجادة في التنمية البشرية والاقتصادية والصناعية الضرورية، في تقدم وتطور ورفاهية الشعوب والاستثمار في الانسان اعلى مراتبها. ومن البديهي ان الدول الديمقراطية لا تتحارب في ما بينها، بل نجدها قوية الاواصر وتكون مثالا يحتذى به في العلاقات
الدولية.
والمعارضة السياسية في الدول الديمقراطية هي سبب من اسباب الاستقرار وتخفيف التوتر الاجتماعي والسياسي، بل هي جزء من انظمة الحكم القائمة على التعددية ووسيلة من وسائل التعبير الحر. يقول الكاتب السعودي تركي الحمد {يجب أن يكون واضحا في الاذهان، ان الفرق شاسع بين المعارضة، سواء مصرح بها اوغير مصرح وبين رفض الكيان السياسي، جملة وتفصيلا. فالاولى اختلاف في السياسة والثانية رفض للكيان، وذلك مثل الفرق بين التظاهرة واعمال شغب، حيث الاولى تعبير سلمي عن الرأي والثانية تدمير وافساد للرأي.
إن الاحزاب والبرلمانات والمنظمات غير الحكومية وغيرها من مؤسسات شرعنة الصراع السياسي، هي اليوم تشبه ملاعب كرة القدم، فهي مسرح الحرب، لكنها حرب لعبة والعنف فيها غير محظور، بشرط أن يبقى فكريا مسالما وحتى في هذا الحال، فإنه مقيد بألا يتعدى حدوده المرسومة} ان التعاطي السياسي في الانتخابات، لا بد ان يكون سلميا في كلا الحالتين الربح او الخسارة وهذا ما يعزز، اسس الاستقرار وديمومة الديمقراطية.