حرية الصحافة ترتبط بأهداف التنمية المستدامة 2030 التي حددتها الأمم المتحدة ارتباطاً وثيقاً، فالمادة «21» من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصت على «أن إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من طريق انتخابات نزيهة تجري دورياً بالاقتراع العام، وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ، من حيث ضمان حرية التصويت» فضلاً عن حرية الرأي والتعبير في المادة «19» التي نصت على «لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة وفي التماس الانباء والافكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، باية وسيلة ودونما اعتبار للحدود».
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
نتائج الانتخابات وما بعدها تتأثر تأثراً بالغاً بالخطاب السياسي والبيانات الصحفية، ودور وسائل الإعلام في العملية الانتخابية وأصبح أسهام الصحافة الحرة والمستقلة في بناء الديمقراطية يواجه ضغوطاً متعددة، وكثيراً ما يقترن بالاستقطاب السياسي الذي يعرّض الأجواء السليمة للانتخابات وحرية الصحافة للخطر في أماكن مختلفة، بفعل تزايد محاولات الأطراف السياسية الفاعلة فرض سيطرتها على وسائل الإعلام مما يسرع في تراجع الوضع الاقتصادي لهذا القطاع.إذ أشار تقرير اليونسكو عن الاتجاهات العالمية على صعيد حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام، إلى استبعاد المؤسسات الإعلامية بفعل استعمال السياسيين قنوات أخرى غير وسائل الإعلام لمخاطبة الجمهور بطريقة مباشرة، وتبادل الناخبين المحتوى في ما بينهم بوساطة توافر المعلومات الواردة من المصادر غير الصحفية في أثناء الانتخابات، التي تتضمن حقائق مختلفة وتصريحات معادية لهذه الوسائل، ومحاولات للتشكيك في صدق التقارير الخبرية وتؤدي هذه الظروف إلى تراجع مكانة الصحافة المهنية وتأثيرها، مقابل تنامي دور الأنترنت المحوري في مدة الانتخابات، لأن المواطنين نتيجة تعرضهم المستمر لكمية معلومات هائلة ذات محتوى إنفعالي يستند إلى اقتصاد الانتباه والذكاء العاطفي، يجدون أنفسهم مستقطبين وعاجزين مقابل الحلول السهلة من الأصدقاء المقربين والزعماء، وأحياناً تحل السخرية واللامبالاة محل التشكيك السليم والمواطنة المتميزة.
هذه الظاهرة لا تتطلب إغلاق مواقع الأنترنت وحجب بعض المحتويات الإلكترونية وغربلتها، وصعوبة الوصول إلى المواد الإعلامية في مدة الإنتخابات، وإنما تفعيل الدولة لإجراءاتها في دعم وسائل الإعلام المستقلة على وفق معايير حاكمة لضمان تنوع محتويات البرامج الإعلامية المقدمة إلى أفراد المجتمع، بهدف مساعدتهم في الإهتداء إلى طريقهم عبر الأجواء الضبابية والمتناقضة، وتأمين مشاركتهم في الحياة العامة واكتساء الصحافة بطابعها المتميز بقدرتها على ضمان نزاهة الانتخابات أكثر من وقت مضى.