إن البديل للعنف والارهاب والتطرف، هو إنماء ثقافة التسامح والديمقراطية والخروج عن التعصب والانغلاق والتزمت والانفتاح على العالم واعتبار الآخر جزءا من {الأنا} له الحق بالتمتع بذات الحقوق، التي نطالب بها لانفسنا.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
ونرى الحرية تتشكل بصورة مطلقة، من خلال غياب هيبة الدولة والحق المشروع في امتلاكها او احتكارها القوة، من اجل فرض النظام والقانون وتحدث جراء ذلك الفوضى والانقسام والصراع، داخل المجتمع ونشعر بالحنين الى زمن الدكتاتورية، الى السوط والبندقية بشكلهما التعسفي وهذه حالة مرضية أن ترى في الظلم والاضطهاد حالة الأمان والاستقرار.ويبدو في كل عصر وجود حاكم جائر وكما يصفه بدقة عالم الاجتماع علي الوردي في كتابه وعاظ السلاطين: {كان كل سلطان جائر يجد من يدعو له بالتوفيق في جوره} هذا يعني انه لم يحدث بشكل جدي في التاريخ. ان النزعة الى الحرية، اخذت منحى جمعيا تحمله الحركات الاجتماعية وتضحي من اجله، لتضمن له الاستمرارية. ان غياب الحرية بشكلها النسبي يجعل الانسان في حالة استلاب وتتلاشى ذاته الانسانية وتتحول الحياة الى صراع من اجل البقاء وتسود شريعة الغاب ويصبح الكل عدو الكل وتنهار المودة والتآلف بين الناس ويحل محلها الشك والارتياب. وعلى مستوى الاسرة حين نشعر بالخوف من خلال القمع والعنف، فاننا ننظر الى الاب من خلال الخضوع والطاعة المطلقة، وحين تنهار تلك السلطة، لسبب من الاسباب يشكل التمرد احد عناصر العلاقة الجديدة.
هذا النظام الابوي الذي تمتد سلطته من الاسرة حتى اعلى الهرم السياسي، يشكل ذوات خائفة ومترددة وكثيرة الشك والقلق ولا تملك زمام المبادرة والخلق والابتكار وتميل الى السلبية والاتكال وتسعى الى القاء اللوم على الاخرين وتتنصل عن المسؤولية، لأنها لا تشعر بذاتها، لكي تحاسبها وتكاشفها أو تعترف بذنبها وما جنت من اسباب عند حدوث ازمة ما وهي بذلك لا تستفيد من الدروس والعبر، التي تمر بها لأنها لا تعترف بالفشل او الخطأ، الآخر هو من يتحمل النتائج السيئة، انها فقط تعيش مع الماضي والأوهام دون انفتاح على المستقبل. والعلاقات التي تتكون من خلال النظام الابوي تكون قائمة على الخوف والتسلط، فتكون الذات منقسمة على نفسها ما بين رفض وقبول بين تمرد وخضوع، فهي من جهة تكره هذه القوة التي تهددها باستمرار، حتى تندس في اللا شعور ومن جهة اخرى تشعر بالحاجة اليها، لأنها لاتستطيع القيام بأي عمل من دونها. ولذا نرى الأسرة التي يحكمها بصرامة وقسوة يصيبها التفكك والانحلال حال غياب الأب، الذي يرى القوة والعنف والبطش من ضرورة الاجتماع الاسري، دون النظر الى جذور المشكلة، المتمثلة في التسلط والتنكيل الذي يؤدي الى حرمان الافراد من طاقاتهم وامكانتهم الكامنة، التي يمكن ان ترتد عليهم على صورة او شكل من اشكال تأنيب الضمير الذي يتزايد بسبب العجز والاحساس بالسلبية والدونية الذي يخلقها النظام الابوي.