(إن الله خلق لنا أذنين ولساناً واحداً لكي نسمع اكثر مما نقول)، بهذه الكلمات لخص الفيلسوف الحكيم سقراط اهمية ان يستمع المرء للآخر الذي يتحدث معه وذلك أكثر مما يتحدث هو.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وبالطبع، فإن الاستماع لشخص آخر، اي شخص كان أحد افراد الأسرة او صديقا او شخصا محاورا تختلف معه حول قضية ما، وتتناقشان بتفاصيل مضمونها وتوحيد القناعات بشأنها، وهي إحدى الثقافات التي نفتقر اليها مثل افتقار الكثيرين منا لثقافة الاعتذار او ثقافة التسامح او ثقافة احترام خصوصية الآخر او ثقافة تقدم المرأة على الرجل في أحيان كثيرة. وغيرها من
ثقافات.
وتندرج ثقافة الاستماع في مقدمة تلك الثقافات التي نفتقدها.
فإذا كان معظم تلك الثقافات يعني ايا منها الشخص ذاته وبمفرده كثقافة العفو او احترام خصوصية الآخر، فإن ثقافة الاستماع تعني الطرفين المتكلم والمستمع بشكل مباشر وهذا يتطلب من كليهما تفهما وفهم كل منهما للآخر والاستماع الى رأيه ومقاصد مما يقول. ذلك ان ثقافة الاستماع لا تعني فقط الشخص الآخر الذي تريده ان يستمع الى ما تقول، انما هي تعني وتفيد في الوقت نفسه المتكلم .
كان المستمع يريد ان يفهم ويستوضح فإن على المتكلم نفسه الاستماع لكلام ورأي من تحدث اليه وبالتالي يستوجب ان يسمع رأيه، لأن عدم الاهتمام والانصراف عن الانتباه للمستمع الآخر ومقاطعته دون ان يكمل ما يريد اسماعه للآخر سيؤدي الى امتعاضه، وحتى عدم اهتمامه من جهته بحديث المتكلم الأول للآخر.
ان الاستماع للآخر الذي استمع الى كلام الاول هو حق وواجب حتى تكتمل صورة الحوار المتبادل بالاستماع الجاد كل للآخر . والاستماع للآخر الذي تحدث اليك يقربه منك ويفرض عليه واجب الانصات والاستماع اليك باحترام.
وهذا الاستماع المتبادل يساعد في استمرار الحديث والحوار بين الطرفين، ليصل كل منهما الى مقصده من الكلام والى فهم وتفهم كل منهما للآخر.
من هنا تبدو حكمة سقراط كم هي بليغة في حث الناس للحرص على استماع كل منهما للآخر، وهي حكمة استنبطها من دون شك من التأمل ومراقبة ما يواجهه بعض الناس من امتعاض حينما لا يستمع المتحدثان بشكل جيد كل منهما للآخر.