غداً هو اليوم الانتخابي الحاسم في العراق، الذي نأمل بأن يكون عتبة حقيقيَّة للتغيير، ولنجاح الديمقراطية في أن تكون هي الاجراء الحقيقي لمواجهة تحديات الواقع، ولاعادة تنظيم المسار السياسي، إلى ما يناسب حاجة العراقيين إلى الامن الديمقراطي، وإلى ايجاد فضاء سياسي جديد، له القوة والاهلية للنجاح، ولحماية الدولة، وتعزيز هويتها الوطنية والسياسية والثقافية. وبقدر ما أنَّ الانتخاب حقٌ، فإن التفريط به، قد يكون سببا في اضعاف فعل التغيير الذي يطمح له الجميع، وهذا ما يجعل هذا الحق مسؤولية كبيرة، اخلاقية ووطنية، مثلما هو سعيٌ واجتهاد في تعظيم اسباب مواجهة الفساد والفاسدين، وانضاج عمليات التحول السياسي وبناء مشروع الدولة على وفق الاطر الديمقراطية.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
النجاح في الاداء الديمقراطي يعكس الخيارات الفاعلة للتغيير من جانب، ونضج المؤسسات الديمقراطية من جانب آخر، فنجاح الاقتراع الخاص الذي جرى بالأمس، هو تعزيز لهذا المسار، ولقدرة تلك المؤسسات على حماية العملية الديمقراطية، ومراكز الانتخابات والناخبين، مثلما هو عملها في توطيد التقاليد الفاعلة للعمل الديمقراطي، ولتنمية وعي الناخب ومسؤوليته في الاختيار الصحيح، وبما يعكس تفاعله وارادته، وسعيه للتغيير الايجابي، لاسيما أنَّ تعدد الدوائر، سيجعل من الاختيارات مرهونة بمسؤولية الناخب، إزاء هذا المرشح او ذاك، وعلى مدى قدرته على تحقيق برنامجه الانتخابي، وتلبية مطالب ناخبيه.يوم الغد سيكون استثنائيا عبر شهوده، وعبر ما سيتمخض عنه، فالاهتمام الدولي بها، وحضور مئات المراقبين الدوليين والاعلاميين من دول العالم، يؤكد خصوصية هذه الانتخابات، والرهان على نجاحها، إذ ستكون شهادة النجاح درسا عالميا لطموح الشعب العراقي وسعيه للتغيير، ولقدرة الدولة العراقية على انجاح خياراتها، وحماية شعبها ومؤسساتها، وعلى أن تكون الانتخابات البرلمانية دليلا على قوة الديمقراطية، وليس على ضعفها، إذ ترسم قوتها الرمزية أفقا للمستقبل، واستشرافا لتحولات كبرى تخص التشريعات القانونية، والبنى المؤسساتية، ومواجهة مظاهر الفشل والفساد والرثاثة السياسية، وحماية الثروة وتعظيمها، وتوظيفها الفاعل في خدمة التنميات البشرية والاقتصادية والثقافية، وبالاتجاه الذي يعيد توصيف "مؤسسة الدولة العراقية" بوصفها أنموذجا للديمقراطية القوية، ولقدرة هذه الديمقراطية على ادارة ملفات النجاح السياسي والاقتصادي والامني، وفي مواجهة تحديات كبرى، اولها الفساد، والسلاح المنفلت، وبناء اطر الدولة الدستورية بما يحفظ هويتها وهيبتها ويعزز تنوعها الاثني والطائفي الثقافي، وعلى وفق مبادئ المواطنة والشراكة والهوية العراقية الجامعة.