في الوقت الذي تتجه فيه الأزمات الدوليّة إلى المزيد من التعقيد، وتتسم العلاقات الغربيّة-الشرق أوسطية بالفتور، تنهض بغداد بدور الراعية للمحادثات الثنائية التي انطلقت منذ أبريل الماضي بين المملكة العربية السعودية وإيران، ويبدو أنها ستستمرّ لتتوَّج بإرساء دعائم الاستقرار، وتطفئ أتون الصراع في المنطقة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
على الرّغم من أنّ جولات المحادثات المعلنة إلى الآن وصلت إلى أربع، لكن ما رشح من تصريحات عن الجانبين، سواء الإيراني أو السّعودي كفيل بقراءة الأجواء الإيجابيّة التي تحيط بها، لا سيّما ما صرّح به وليّ العهد السّعودي الأمير محمد بن سلمان في إحدى المقابلات: {إيران دولة جارة، وكلّ ما نطمح إليه أن يكون لدينا علاقة طيّبة ومميّزة معها}.
كما صدر عن الخارجيّة الإيرانيّة أنّ بإمكان الطّرفين {وضْع خلافاتهما السّابقة جانبًا، وبدْء فصل جديد من التّفاعل والتّعاون من خلال الحوار البنّاء}.
كما يبدو، لا حلّ إلّا من خلال الحوار، فالحروب والنّزاعات لم تؤدِّ سوى إلى الاستنزاف، والتّناحر، وإحداث المزيد من الفتن، وإغراق الشّعوب في مستنقعات الدّماء. لا شكّ أنّ التّقارب بين البلدين من شأنه أن يسحب فتيل النّزاع من المحور بأسره، ويعمل على توطيد دعائم السّلام، وإعادة الاستقرار، وتعزيز الأمن. فتسود لغة السّلم بدلًا من التّوتر، والتّعاون بدلًا من الصّراع، والاتّحاد بين دول الجوار في سبيل ترسيخ الأمن. التّقدّم في ملفّ المحادثات بين المملكة السّعودية وإيران- وإنْ سار بوتيرة بطيئة- فهو سينعكس إيجابًا على حلّ النزاعات ككلّ.
تظهر ميزة الدبلوماسيّة العراقيّة في القدرة على التنسيق بين قطبَي المحادثات: الرّياض بما تمثّله من قوة إقليميّة وازنة، وكذلك طهران وما لها من حضور في الحسابات السياسيّة.
لا بدّ من التّنويه بالدّور الذي تضطلع به بغداد مع مختلف الأطراف في هذه المرحلة التي تشهد صراعات ساخنة، فهي تسعى إلى تقريب وجهات النّظر، وتذليل الصّعوبات، وتخطّي العقبات، على الرّغم من عمق التّحديّات التي
تواجهها.
آن الأوان ليكون العراق قوّة إقليميّة، يضع حجر الزّاوية في عمليّة استقرار المنطقة، ويعيد كتابة التّاريخ وترسيم الخرائط من عاصمته.
أستاذة باحثة جامعيّة