متابعة – واع
يواجه عشرات الملايين حول العالم وفي كل البلدان تقريبا، ممن يحاولون مواصلة عملهم من المنزل، خطر التعرض لـ"الاحتراق النفسي"، في ظل مواجهتهم ضغوط الإرشادات الصحية المتغيرة باستمرار تزامنا مع ضغوط العمل والمنزل.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
في الحقيقة، لا يعتبر الاحتراق النفسي أمرا جديدا فهي حالة متكررة باستمرار وعادة ما تنجم عن تراكم الضغوط في العمل بالمقام الأول وعدم القدرة على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل، لكنه بطبيعة الحال أصبح أكثر شيوعا بعدما أضيفت ضغوط الوباء لقائمة المشاكل التي تواجه العاملين من المنزل.وكان يأمل الكثيرون أن ينقشع غمام الوباء والبدء في استعادة حياتهم الطبيعية وتحقيق التوازن المرغوب، سواء مع العودة إلى المكاتب أو حتى حال الاستمرار في المنزل، لكن مع مجتمع مفتوح وحرية الحركة، وفي حين بدا هذا الهدف يقترب مع نشر اللقاحات، إلا أن ظهور المتغيرات مثل "دلتا" عطلت هذه الخطط.
ومع تزايد الإصابات حول العالم من جراء الوباء، لا زالت الشركات تفضل استمرار العمل من المنزل، حتى شركات مثل "آبل" و"فيسبوك" أجلت خطط العودة حتى العام المقبل، رغم وتيرة التطعيم السريعة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتقول عالمة النفس التي تركز على سوق العمل وتقدم استشاراتها للشركات الأمريكية، الدكتورة لورا بندرغراس، إن الخريف الثاني للوباء يكاد يكون أسوأ من الأول لأن الكثير من الناس كانوا يأملون ويستعدون لضوء في نهاية النفق.
وأضافت "لقد كان الناس مرهقين في بداية الإغلاق، ولكن من المتعب أكثر التركيز على العمل عندما لا يزال العالم يشعر وكأنه خلف القضبان بعد 18 شهرا"، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي".
في استطلاع حديث لشركة "تايني بولز"، كشف 86% من العاملين الأمريكيين عن تعرضهم بدرجة كبيرة للاحتراق النفسي، مقارنة بنحو 69% من الموظفين التقليديين. ومع ذلك تقول بندرغراس إن هناك تغيرات صغيرة يمكنها جعل العمل من المنزل أكثر سلاما وسعادة.
شحن الطاقة
خلصت أبحاث أجرتها شركة "نورد في بي إن" إلى أن العمل من المنزل بسبب الوباء لم يكن منحة للموظفين من أجل قضاء وقت فراغ أكبر، وإنما دفعهم للعمل ساعتين ونصف الساعة إضافية يوميا مقارنة بالسابق.
وبدلا من ذلك، تنصح بندرغراس بالابتعاد عن شاشات الكمبيوتر التي يمارس من خلالها العمل لمدة ساعة واحدة يوميا على الأقل، وقضاء هذا الوقت في ممارسة نشاط يحبه المرء.
وتقول عالمة النفس "إذا كنت تعمل من المنزل، خاصة لمدة 18 شهرا، يمكن أن يتغلغل العمل في جميع جوانب حياتك. فترات الراحة تساعدنا على التوقف وإعادة ضبط التوازن بين العمل والحياة".
تنظيم الحياة في جدول
إذا كانت قائمة المهام التي يواجهها الشخص في العمل والمنزل متراكمة، خاصة في ظل المخاوف والضغوط المرتبطة بالوباء، فإن الإنسان يتعرض لضغط ساحق وإجهاد غير ضروري.
وهنا سيكون من المفيد، وأفضل طريقة لمحاربة الاحتراق النفسي، عبر تحديد الشخص لأهدافه ومعرفة كيفية تنفيذها، لكن لا ينبغي لذلك أن يشمل الأهداف طويلة المدى، مثل مشروع في العمل يحتاج لأشهر، فهذا لن يمنح العقل التعزيز الإيجابي الذي يحتاجه.
والأفضل التركيز على الأهداف قصيرة المدى، ووضعها في قائمة المهام، والتي يمكن التحقق منها في نهاية اليوم أو الأسبوع على الأكثر، على سبيل المثال؛ تنظيف المنزل أو الاستجابة للرسائل الإلكترونية وتحديد المواعيد.
إعداد هذه القوائم لا يساعد على اجتياز فوضى الحياة الشخصية فحسب، لكن أيضا يساهم في احتواء القلق وإنعاش الإحساس والرغبة في تحقيق الأهداف.
البدء في مشروع جديد
من بين أبرز أسباب الاحتراق النفسي هو الشعور بعدم القيام بالدور أو المجهود الكافي، مثل الإحساس بالرتابة أو تكرار نفس الروتين الوظيفي بشكل يومي، وهذا قد يشعر المرء بأنه غير مؤثر في عمله وحياته بلا معنى.
ولتجنب هذه الدوامة النفسية، تنصح الخبيرة النفسية العمال بالتفكير في هدف كبير جديد لتنشيط الشعور بالأمل، ويشمل ذلك، التفكير في أفضل طريقة لاستخدام مهاراته أو العمل بطريقة مختلفة، أو كيفية المساهمة في الشركة بشكل جديد كليا.
وبشكل عام، على الموظفين البحث الدؤوب عن المشاريع أو الأنشطة الجانبية المختلفة التي يمكنه الانخراط بها، والتي قد تشعرهم بقدرتهم على التأثير الإيجابي في العالم، وفقا لبيندرغراس التي ختمت حديثها بالقول: "من المهم حقا أن تجد الأمل. عملك مهم".