ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
هل يستطيع مؤتمر أن يسترد أموالنا المنهوبة والمهربة خارج البلد؟ وهي تقدر بمئات المليارات من الدولارات، دول عديدة مستفيدة من تلك الأموال بصفة استثمارات، إلى جانب تبييض الأموال وغسيلها بعمليات احتيال وفساد وبتواطئ قوى سياسية متنفذة، فالفساد اليوم أصبح محمياً في دولة غنية كالعراق تهرب أموالها لإنعاش اقتصاديات دول أخرى، بينما يعاني مواطنوها شظف العيش وسوء الخدمات، أموال مهربة من زمن النظام المباد، وأخرى تم تهريبها على أيدي سياسيين معروفين، والفساد لم يتوقف حتى هذه الساعة، مشاريع وهمية اختفت تخصيصاتها المالية، عقود لشراء سلع وتجهيزات اختفت أو لم يسلم منها سوى نسب ضئيلة، نفقات بالمليارات من دون حساب.نتساءل أين دور هيئة النزاهة؟ أين دور ديوان الرقابة المالية؟ أين دور القضاء؟ ونتساءل أيضاً أين دور دبلوماسيتنا وعلاقاتنا الخارجية مع الدول التي أصبحت حاضنة لمخرجات الفساد في العراق؟ سيقول قائل: هناك العديد من قضايا الفساد أمام القضاء، نعم هذا صحيح، ولكن أين حيتان الفساد من طائلة القضاء؟ من يجرؤ على مساءلة سين أو صاد من المتنفذين المتحكمين بمصير البلاد؟
قد تسهم بعض الإجراءات الدولية التي أوصى بها مؤتمر استرداد الأموال المنهوبة الذي عقد في الأسبوع المنصرم، إذا ما تم تشكيل كتلة دولية للتعاون، لكن الأهم من هذا هو إحكام الإجراءات الإدارية في إدارة الأموال داخل البلد قبل نهبها وتهريبها، ابتداء من سوق العملة وليس انتهاء بتتبع مسيرة الأموال التي تستحصلها بعض مؤسسات الدولة ولا تدخل في حسابات الموازنة، كبعض الرسوم والضرائب ومخرجات المنافذ الحدودية، والتلاعب بالأصول المالية لما يتم استيراده من سلع بإيصالات مزيفة أضعاف قيمة البضائع ويوقع عليها الملحقون الاقتصاديون في سفاراتنا، فضلاً عن عمليات تهريب النفط الخام المخصصة إيراداتها لبعض
المتنفذين.
غياب الرقابة وتعدد حلقات الفساد جعل كل عملية مالية في العراق مهما كانت بسيطة قابلة للفساد، حتى لو كانت شراء سلعة بقيمة خمسين ألف دينار، والحديث عن الفساد سيكون موضع تندر وتهكم لأنه أصبح هو القاعدة والنزاهة هي الاستثناء، على تعبير الكاتب الألماني برتولد بريشت في عنوان مسرحيته الشهيرة (الاستثناء والقاعدة).