يشهد بعض أكبر الاقتصادات في العالم تحولاً في معدلات استهلاك النفط، بل وبدأ في تجاوز مستويات ما قبل الوباء، في الوقت الذي يؤدي فيه انخفاض معدلات الإصابة بكوفيد-19 إلى تعافي النشاط.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وسيصعد الطلب على النفط في الصين، أكبر مستهلكة للطاقة في العالم، بنسبة 13% في الربع الأخير مقارنة بنفس الفترة من عام 2019 قبل الوباء، وفقاً لشركة "سيا إنيرجي" (SIA Energy)، كما واصلت مبيعات الوقود الهندية مسيرة الانتعاش التي بدأتها في أغسطس، فيما ارتفع الطلب الأمريكي على المنتجات البترولية مؤخراً إلى مستوى قياسي.وقاد تحسن الاستهلاك في العملاقين الآسيويين والولايات المتحدة تعافي أسعار النفط، التي صعدت بنحو 40% هذا العام. وفي ضوء ذلك قرر تحالف "أوبك+" الاستمرار في استعادة إمدادات الخام في وقت سابق من هذا الشهر، مشيراً إلى وجود أرصدة أكثر تشدداً في نهاية العام.
سينجيك تي، المحلل في شركة "سيا"، التي يقع مقرها في بكين، قال: "انتهت المرحلة الأسوأ بالنسبة إلى الطلب الآسيوي على الوقود، ونتوقع تحسناً ضعيفاً في الطلب على النفط في الأشهر المقبلة". وأضاف أن الاستهلاك الإجمالي للنفط في الصين سيقود صعوداً مدوياً بنسبة تزيد على 20% في استخدام البنزين خلال الربع المقبل من 2021.
بعد إعصار "إيدا".. أمريكا تلجأ إلى احتياطي النفط الاستراتيجي لأول مرة منذ 4 سنوات لتعويض نقص البنزين.
بينما يعمل وقود المحركات على تعزيز التعافي، في ظل عودة الناس إلى الطرق بعد شهور من الإغلاق، فإن الوضع بالنسبة إلى المنتجات النفطية الأخرى ليس إيجابياً. ولا يزال استهلاك وقود الطائرات ضعيفاً بسبب قلة السفر الجوي الدولي. كما انخفض استخدام الديزل الهندي بسبب العوامل الموسمية، على الرغم من توقع "سيا إنيرجي" ارتفاع الطلب على الوقود في الصين بنسبة 4% في الربع المقبل مقارنة بمستواه خلال 2019.
تغيرات موسمية
عادة ما تنخفض أنشطة النقل بالشاحنات والبناء في الهند في الفترة من يونيو إلى سبتمبر بسبب الرياح الموسمية. ويؤثر ذلك في طلب الديزل، الوقود الأكثر شعبية في البلاد، قبل أن يرتفع مرة أخرى مع اقتراب نهاية العام بسبب حصاد المحاصيل والمهرجانات.
وقال شريكانت مادهاف فيديا، رئيس مجلس إدارة شركة "إنديان أويل كورب"، أكبر شركة تكرير في البلاد: "تجاوز حجم مبيعات البنزين بالفعل مستويات ما قبل كوفيد، ومن المرجح أن يصل الديزل إلى هذا المستوى خلال الشهرين أو الأشهر الثلاثة المقبلة".
تكثيف نشاط التكرير
بدوره، قال سينثيل كوماران، رئيس قسم النفط بجنوب آسيا في شركة "إف جي إي" (FGE) لاستشارات الصناعة، إن معامل التكرير الهندية سيكون أمامها "إمكانات صعود محدودة" لزيادة معدل التشغيل هذا الشهر، إذ تكافح للتخلص من الديزل الزائد الذي أُنتج من عملية تصنيع البنزين. وأضاف أن نقطة التحول قد تظهر بحلول أكتوبر المقبل تقريباً، إذ من المحتمل أن ترتفع معدلات التشغيل فوق مستوى 5 ملايين برميل يومياً بحلول نهاية العام.
في الصين، أظهرت بيانات من شركة الاستشارات المحلية "إس سي آي 99" (SCI99) ارتفاع معدلات التشغيل في البلاد، مع تحقيق شركة "سينوبك" (Sinopec) المملوكة للدولة لأكبر معدل تكرير للنفط الخام في 11 شهراً خلال أغسطس الماضي. رغم ذلك، صعد النشاط في مصافي التكرير الخاصة في مقاطعة شاندونغ بفارق بسيط عن مستوى 70%، وسط حملة القمع التي تشنها الحكومة على القطاع.
مع ذلك، في ظل إبلاغ بعض أكبر اقتصادات آسيا عن عشرات الآلاف من الإصابات بالفيروس يومياً، لا تزال بعض التهديدات على الطلب على الطاقة، حتى في الوقت الذي تتسابق فيه المنطقة لتطعيم سكانها.
قال كياولينغ تشين، المحلل في شركة استشارات الطاقة "وود ماكنزي ليمتد": "يعد خطر عودة انتشار الفيروس مصدراً للقلق، ووضعنا حسابه ضمن توقعاتنا، خصوصاً بالنسبة إلى البلدان المكتظة بالسكان مثل الهند وإندونيسيا". وأضاف: "في الوقت الحالي، انتهت المرحلة الأسوأ بالنسبة إلى الطلب على النفط في آسيا، لكن المخاطر السلبية لا تزال قائمة".