بغداد - واع - ريا عاصي
ازدادت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ افتتاح العديد من العيادات الطبية التي تختص بعمليات تقليص المعدة وتصغيرها لمحاربة مرض السمنة في العاصمة بغداد والمحافظات، فبعد أن كان اغلب المصابين بالسمنة من العراقيين يتجهون إلى دول الجوار او محافظات كردستان لإجراء مثل هكذا عمليات، باتت هذه المراكز تنتشر بنحو كبير في عموم المدن، وأصبحت متنفسا للكثير من الذي يعانون من السمنة لأنها أسرع الطرق للتخلص من الوزن الزائد.
وتعرف السمنة علمياً بأنها تراكم كميات كبيرة من الدهون في الجسم؛ ما يؤدي إلى زيادة كبيرة في الوزن لا تتوافق مع طول وعمر الشخص، ويصبح الشخص سمينًا إذا زاد وزنه بنسبة 20% على وزنه الاعتيادي، وهي أكبر من كونها مشكلة تخص بجمال الشكل والهيئة، لكنها تعتبر بيئة خصبة للعديد من الأمراض والمشاكل الصحية.
أسباب السمنة
وفي هذا الصدد قال أخصائي التغذية العلاجية الدكتور أحمد حسن الزبيدي، لوكالة الانباء العراقية (واع): إن "مرض السمنة ينتشر في العراق بشكل كبير جداً، وذلك بسبب العادات الغذائية غير الصحية، فضلاً عن الخمول والكسل لعدم ممارسة أي نوع من الرياضة التي تقي من تراكم الدهون".
وأضاف أن "العراقيين يستمتعون بالطعام بشكل كبير، لذلك نشاهد المطاعم تنتشر في كل مكان وبشكل كبير، مقارنة بقلة المراكز الرياضية والصحية أو أي أندية لممارسة أي نشاط فيزيائي غير الأكل"، مشيرا إلى أن "أهم أسباب قلة المناعة تأتي من العادات السيئة في الأكل، فالدهون والسكريات هي أحد مسببات قلة المناعة".
وتابع، أنا: "أعمل على توعية الناس من خلال عمل فيديوهات أحاول من خلالها تصحيح عاداتنا الغذائية، وأعمل مع مرضاي بشكل جدي من أجل التخلص من البدانة دون عمليات جراحية"، مبيناً أن "الجراحة ليست الاختيار الأول، بل تكوين بيئة غذائية صحية للعائلة وتشجيعهم على حرق الدهون يصل بنا لمناخ صحي جيد".
تجارب شخصية
اما السيدة سوزان منعم، 67 عاما، متقاعدة، فقالت لـ(واع)، إن "السمنة للكثير منا ليست اختياراً، فأنا ورثت مرض السمنة من عائلتي مع مجموعة من الامراض المزمنة التي رافقت السمنة كارتفاع ضغط الدم والسكر، وعشت أعواماً طويلة من الحرمان من السكر والرز والملح وطحين الحنطة".
وأضافت: "على الرغم من الحمية ظل وزني يرتفع مما سبب لي آلاماً عديدة في عمودي الفقري، ونصحني جراح العظام بإجراء عملية لتخفيف وزني بعد أن جربت العديد من الحميات الغذائية دون جدوى".
ولفتت إلى انها "خضعت لعملية جراحية بالناظور في احدى مستشفيات بغداد، ونجحت العملية، وحالياً هي لا تعاني من مرض السكر، وتتابع ضغط دمها والسكر يومياً".
رحلة كفاح
طبيب الأسنان حسين حافظ، شاب في الثلاثينيات من عمره، لديه مئات المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يقدم النصائح والطرق الخاصة بمحاربة السمنة، بيّن أنه "بسبب الظروف السابقة لم تكن عائلته تسمح له بالخروج كثيراً وممارسة أي جهد فيزيائي، منا جعله يدمن الألعاب الإلكترونية والحلويات حتى وصل وزنه إلى 213 كغم، وهو في مرحلة الثالث متوسط، ولم تكن تتوفر عمليات قص المعدة والناظور وغيرها من تسهيلات، مما اضطرت عائلته لإرساله إلى الأردن لوضع حلقة على المعدة لإنقاص وزنه".
وأضاف في حديثه لـ(واع)، أن: "صغر سني وعدم التزامي لم يساعداني في إنقاص الوزن، لكني اليوم أحاول تنبيه العوائل العراقية لتجربتي كي لا تتكرر الأخطاء، كما أني أجرى العديد من البحوث والتجارب الشخصية لتحفيز الناس على محاربة السمنة".
مكافحة السمنة
فيما أكد رئيس الجمعية العراقية لجراحة السمنة الدكتور رامز المختارلـ(واع)، أن: "انتشار مرض السمنة المفرطة في العراق هو الذي حفزنا أنا ومجموعة من الزملاء لتأسيس الجمعية العراقية لجراحة السمنة والأيض، وذلك لتذليل الصعوبات التي تواجه المريض الذي كان لا يمكنه العلاج في العراق، بسبب عدم وجود الأجهزة والخبرة واللجوء إلى السفر لدول الجوار لتكبد مصاريف إضافية غير العملية".
وذكر أن: "جمعيتنا أقامت بالتعاون مع وزارة الصحة وإدارة مستشفى مدينة الطب وجامعة بغداد العديد من المحاضرات والورش والعمليات الجراحية بالناظور؛ وذلك من أجل تطوير التقنيات وطرق العلاج والنهوض بواقع العراق الطبي والصحي".
وأشار إلى أن "العالم شهد في الآونة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في صناعة الأجهزة الطبية الدقيقة التي تذلل من صعاب العمليات الجراحية، فبعد أن كانت عمليات قص المعدة وغيرها خطيرة بسبب الجرح الكبير، اليوم صار بإمكان المريض الخروج فور أن يفيق من التخدير، كون العملية ما عادت تشكل خطراظ مميتاً ولا جروحاً كبيرة بل ثقوب صغيرة للناظور والكاميرا".
أمراض مزمنة
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور سيف البدر لـ(واع) إن "السمنة تعد من الأمراض غير الانتقالية".
وأضاف أنه "بحسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة السنوي التي تصدره الوزارة بشكل رسمي، فإن السمنة بدأت تكثر ولاسيما في فئة الشباب، ولها عدة أسباب، وهي قد تكون وراثية أو بيئية أو النمط الغذائي أو النمط الحياتي، وعدم ممارسة الرياضة، التي لها مضاعفات خطيرة على الفرد والمجتمع".
وأشار إلى أن "هناك إحصائية سنوية أخرى لوزارة الصحة تذكر أن الأمراض غير الانتقالية والسمنة أحد مسببات كثرة الوفيات في العراق".
وبحسب تقرير لوزارة الصحة العراقية صدر العام 2019، فقد بلغ عدد الذين يعانون من البدانة وزيادة في الوزن ما يقارب 29 مليون، 60% منهم مصابون بمرض السكري، و 9% منهم يعانون من ارتفاع نسب الكوليسترول والدهون في الدم، وجميعها تؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
يذكر أن العمليات في العراق تكلف بين 4000 دولار إلى 6000 دولار حسب نوع العملية والأجهزة وعمر المريض وقوته.