ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
{ام الخير} و{ثغر العراق الباسم} هكذا يصفون البصرة او يسمونها، ولكن الابتسامة جافت ثغرها دهورا طويلة، بل كانت البصرة تبكي لعقود من الزمن، وكان بكاؤها دما، فعلى مدى ثماني سنوات، تحولت الى مسرح مفتوح لحرب ضروس، مازالت آثارها، الغاما ودمارا، شاخصة حتى هذه اللحظة، فقدت الكثير من ابنائها، وهجرت نوارسها الجميلة شط للعرب، وسامها العطش، حتى جف الحرث والضرع، وما كادت حرب الثمان تنتهي، حتى اندلعت حرب اخرى، وساحتها البصرة ايضا، تلك هي حرب {غزو الكويت} في اب 1990، وعندما اقتربت هذه الحرب من نهايتها او كادت، قررت البصرة، ان ترفع صوتها احتجاجا على دمارها، لتندلع من قلبها المكلوم، اقوى انتفاضة يشهدها العراق، انتفاضة اذار 1991، لتعمّ البلاد كلها، فكان النظام قاب قوسين او ادنى من الانهيار، ولكن ثمة اجندة، انزلت عليه سترة النجاة، وسمحت له باستخدام الطائرات المروحية، ليمعن انتقاما من البصرة، واخواتها المحافظات الاخريات، فامتلأت احياؤها بالمقابر الجماعية، وجُرفت بساتينها، وجاؤوا على ما تبقى فيها من حياة.وبقيت البصرة تكابد شظف العيش، وهوانه، حتى جاء عام 2003، فاستبشر اهلها خيرا، بعد الذي عانوه من ويلات الحروب.
نعم، تغيّر الحال، واصبحنا نتحدث عن موازنات سنوية، بارقام فلكية، لم يسمع بها العراقيون من قبل، مليارات الدولارات وترليونات الدنانير، وكان الجميع يتوقع ان تشهد البصرة، نهضة غير متوقعة، حتى تصبح انموذجا يُشار له بالبنان.
نعم، ثمة مشاريع انجزت هنا وهناك، ولكن تلك المشاريع لم تشبع جوع البصرة، ولم ترو ظمأها، وبقيت الابتسامة شحيحة على ثغرها، الا في السنوات الاخيرة، فقد بدأت هذه المحافظة، التي تُكنى ايضا بـ{أم الخبزة}، تبتسم ابتسامة باهتة، ولو استمرت حركة البناء فيها على الوتيرة التي هي عليها الان، فان هذه الابتسامة، ستتسع وتصبح حقيقية، فالزائر الى البصرة اليوم، يشاهد في نهارها، حركة واضحة في تنفيذ المشاريع، بمختلف المجالات، في الماء والمجاري، والطرق والجسور والتعليم، والصحة، والسكن والزراعة والصناعة، وثمة حركة استثمارية ملحوظة، تشهدها البصرة، وفي ليلها يشهد الزائر، انبعاث حياة حقيقة، فيها الق وبهجة، وثمة مناطق انتقلت من حالة البؤس، الى حياة مختلفة تماما، مثل منطقة {القبلة}، كما ان حركة البناء التي يشهدها ميناء الفاو الكبير، تشي بمستقبل مرفه للبصرة والعراق، والبصرة ايضا ضربت موعدا مهما مع خليجي 25، لتؤكد من جديد عراقتها واهميتها، ولكن في المقابل، ما زال عدد من مناطق البصرة واحيائها، تعاني الامرين، فهي بحاجة الى كل شيء، لكي تستعيد عافيتها، والماء أولا، فالبصرة ما زالت تعاني من العطش، وعطشها هذا هو الذي يجعل ابتسامتها جافة وباهتة احيانا.