الرئيسية / حضور المرأة العراقيَّة في النقد الأدبي ثلاثة كتب للناقدة سهام السامرائي

حضور المرأة العراقيَّة في النقد الأدبي ثلاثة كتب للناقدة سهام السامرائي

عواد علي

حفل النقد الأدبي في العراق، على مدار أكثر من نصف قرن، بأسماء نسائية قدمت إسهامات مهمة فيه، قارب بعضها النصوص الإبداعية وفق مناهج نقدية مختلفة، وخاض بعضها الآخر في قضايا أدبية تتعلق بالشعر والسرد الروائي والقصصي والمسرح. وتأتي في مقدمة هذه الأسماء نازك الملائكة، التي أصدرت ثلاثة كتب نقدية، إلى جانب دواوينها السبعة ومجموعة قصصية، نالت شهرة كبيرة. تلت الملائكة ناقدات عديدات مثل فريال جبوري غزول، بديعة أمين، فاطمة المحسن، بشرى البستاني، نازك الأعرجي، بشرى صالح، وجدان الصائغ، نادية هناوي، نادية غضبان، سهام السامرائي، وغيرهن

في هذا المقال أحاول الوقوف على ثلاثة كتب صدرت حديثا للناقدة د.سهام السامرائي، الأستاذ المساعد في السرديات بجامعة سامراء، عن دار مشكي للنشر والتوزيع في الموصل

 

المتخيّل السرديّ ما بعد الحداثيّ

يشتمل الفصل الأول من كتابها «المتخيّل السرديّ ما بعد الحداثيّ: البناء، النسق، العتبة» على الإحالات والشفرات والأنساق الثقافية المضمرة المتوارية خلف النصوص التي مارست سطوتها على النصوص بعدِّها مؤسسات جماليةً، فكل خطاب يتوارى خلفه خطابٌ آخر يحتاج إلى قراءة ثقافية من حيث علاقة النص بالمؤثرات التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، يتم الكشف عنها بعد عملية تشريح النص. أما معمارية القص الروائي– من وصف وحوار وسرد- فهو المحور الذي جرت دراسته في الفصل الثاني من فصول الكتاب.  شكّل فضاء العتبات الركن الثالث في الدراسة، ذلك أن العتبات أصبحت المدار الأبرز في الوجهة النقدية الحديثة، التي ينبغي على الناقد الأدبي عدم تجاوزها لخطورتها وأهميتها في البناء الروائي، فالعتبات تحقق مستويات من التفاعل ما بين النص والمتلقي وتساعد على إبراز جماليات النص، بل تدخل في التركيب الدلالي للنص

لا تخرج الفصول عن النص بِعدِّه المرتكز الأساسي في هذه القراءة، فكان العمل النقدي يعتمد على النص ومنه وإليه. وقد ارتأت الناقدة التعاطي مع النصوص بحرية مطلقة إيماناً منها بأن المنهج هو وليد القراءة. وربما استطاعت هذه الدراسة، وعلى وفق رؤيتها الإجرائية أن تحقق كسباً قرائياً من أجل تداول الروايات عيّنة الدراسة وفهم معطياتها، والولوج إلى طبقاتها وزوايا نظرها.  

تناول الكتاب، في هذا المضمار، موضوع «الجذور القشتالية لداعش- قراءة في رواية «مخيم المواركة» لجابر خليفة جابر»، وموضوع «المرأة العراقية في خطاب غادة صديق رسول الروائي»، وموضوع «انتصار الهُوية في رواية «ساعة بغداد» لشهد الراوي اختياراً. ثم انتقل الكتاب إلى «تقنيات وصف الشخصية في رواية «صخب» لقاسم توفيق»، و»جماليات الحوار في رواية «حماقة ماركيز» لعواد علي»، و«تمظهرات المروي له في رواية «صديقتي اليهودية» لصبحي فحماوي»، ثمّ «جماليات الخطاب السردي: قراءة في المجموعة القصصية «العنكاوي الطائر وهموم النورس الفضي» للقاص نوري بطرس»، وانتهت إلى دراسة «المحو- سيميائية، مقروء في السرد الروائي العراقي: رواية «مقامات إسماعيل الذبيح» لعبد الخالق الركابي أنموذجا».

 

التراث وتوهج الحداثة

تحاول السامرائي، في كتابها الثاني «النص الأدبي بين غواية التراث وتوهج الحداثة»، قراءة التراث قراءةً حديثةً مثلما تحاول قراءة الحداثة بمنظار حداثي متخصّص، وجاء الكتاب في فصلين: الأول بعنوان «غواية التراث» وهو في ثلاثة مباحث، استغرق الأول في قيمة الثأر في الشعر الجاهلي؛ انطلاقاً من أن الثأر قيمة عليا فرضتها طبيعة الحياة على الإنسان العربي في ذلك العصر، فلم يجد مناصاً من أن يلتزم ويتمسك بها، وبحكم ظروف العرب الحربية غدا الثأر ضرورةً اجتماعيةً لا يمكن تجاهلها؛ بل أصبح واجباً مقدساً مفروضاً عليه. وإيمانا بهذا الواجب أوصى أبناءه بحتمية الأخذ به، وعدم التفريط أو التهاون بهذا الواجب. وهذا ما كشفت عنه نصوص هذا المبحث

أما المبحث الثاني فقد ضمّ ثيمة الصوت ودلالته في شعر الأعشى (ميمون بن قيس)، وعالج المبحث الثالث وصايا المرأة الشعرية (دراسة فنية)، وقد سعت فيه الناقدة إلى إبراز صوت المرأة المغيّب، فالمرأة استرسلت في قول الشعر وحفظه وروايته، وسارت مع الرجل في ميادين الفصاحة والبلاغة.

وحمل الفصل الثاني عنوان «توهج الحداثة» تناولت فيه «شعرية العتبات في مجموعة «سماح» للشاعر عزاوي الجميلي»، و«القصيدة المقطعية وحوارية الحب عند الشاعر عدنان إحسان قصاب أوغلو»، و«العتبات النصية في المجموعة الشعرية الأولى «أوراق المساء» للشاعر صباح علاوي»، وقد وقع اختيارها، في هذه الدراسة، على عتبة الغلاف، وخطاب المقدمات، والعنوان، وإلاشارت والتنبيهات والفهارس كونها الأكثر حضوراً وفائدة في دراستها من غيرها.

 

النص المتعدّد

تقرأ سهام السامرائي، في كتابها الثالث «النصُّ المُتعدّدُ»، خطاب الناقد والشاعر محمد صابر عبيد الأدبيّ، بوصفه «يمثّل ظاهرةً ثقافيةً متميزةً في العقود الثلاثة الماضية، لا سيما أنّ كتبه اقتربت من الخمسين مؤلّفا في حقول نقد الشعر والسرد والسيرة، وفي الإبداع الشعري والمقالي، وفي حقل التأليف النظري، وظلّ اسماً يشغل هذا الوسط بقوّة من دون هوادة ولا توقّف ولا تلكؤ». 

وفي ما يتعلق بالجانب الأكاديمي عند عبيد، ترى الناقدة أنّه تمكّن من أن يفرض أنموذجه العلمي والأكاديمي بقوّة، فهو أستاذ لامع على صعيد تقديم المحاضرة، وعلى صعيد الإشراف العلمي على طلبة الماجستير والدكتوراه، وعلى صعيد المناقشات العلمية للرسائل الأكاديمية، وهو في كلّ هذه النشاطات لا يتوقف عن إعطاء الدروس العلمية والتربوية التي لا تكفّ عن إنتاج المعرفة والجمال في آن. ويعرض الكتاب مجموعة من الدراسات والمقالات والقراءات المتنوعة التي تخصّ تجربة عبيد، في إشارة إلى تعددّية الحقول الإبداعية التي يشتغل عليها، وتضمّ باقةً مهمةً ونوعيةً من الدراسات النقدية في ما يصطلح عليه «نقد النقد»، ومقالات نقدية أخرى في تجاربه النقدية والشعرية على حدّ سواء، فضلاً عن قراءات وإضاءات تخصّ مجموعة من كتبه الجديدة، أسهم فيها أكاديميون ونقاد وأدباء وكتّاب عراقيون وعرب بوسعها أن تضيء جانباً مهماً من تجربته في الكتابة على أكثر من مستوى. 


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام

7-08-2021, 08:29
المصدر: https://www.ina.iq/132203--.html
العودة للخلف