قدْ يكون الارهاب انتهى عسكريا، لكنه لم ينته امنيا، وهذا المعطى هو ما يستدعي جملة من المعالجات والمواقف التي ترتبط بفاعلية الخطاب الأمني، وبقدرة المؤسسات الامنية على اعتماد التخطيط الستراتيجي، والجهد الاستخباري لتأطير فعل المواجهة وإنجاحه.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
ما يحدث هنا أو هناك من جرائم ارهابية يكشف عن طبيعة العقل الاجرامي، ومدى هوسه بالتغويل الاعلامي للجريمة، مثلما تستدعي الضرورة الملّحة الاهتمام بالمعالجات الامنية، وبالاجراءات التي تعتمد على الجهد الاستخباري، وعلى العمليات الاستباقية التي يمكنها أن تقود الى عمليات اجهاضية للجريمة، وللمجرمين، وللتعرّف على حواضنهم وعلى خلاياهم النائمة.التفجير الارهابي في سوق الوحيلات في مدينة الصدر، والهجمات الارهابية في بعض القواطع، وكذلك التفجيرات التي تطال ابراج الطاقة الكهربائية تكشف عن معطيات لها علاقة بالملف الامني وليس الملف العسكري، والتي تتطلب فاعليات امنية استثنائية، تبدأ من اجراءات القوة الماسكة للارض، والى اهمية وجود المعلومات التي تخص بيئة الحدث، فضلا عمايتعلق بتتبع اجراءات الجهد الاستخباري للاهداف التي تحددها الجهات الامنية.
لقد بات واضحا أن لجوء الارهابيين الى مثل هذه الاعمال المخزية، هو تعبير عن الفشل والعجز، لكن ذلك لا يعني التهاون مع أية عملية ارهابية مهما كانت، ولا مع أية معلومة تخص الارهابيين، لاسيما وأن الاشتباك الامني مع قوى الارهاب يتطلب جهودا كبيرة ومتواصلة، وفعاليات تؤسس جهدها على معلومات البعد الاستخباري، وعلى معرفة حركات الجماعات الارهابية، وبالاتجاه الذي يعزز عمل المؤسسات الامنية من جانب، ويعطي مرونة لعملها في قواطع العمليات، وفي المناطق التي يعمد الارهابيون الى استهدافها من جانب آخر، فضلا عن كشف الخلايا النائمة في البيئات الرخوة وغيرها، وأحسب أن هذه المسؤولية الكبرى هي جوهر الاجراء العملياتي، الذي يتطلب التمكين اللوجستي، والدعم السياسي والاسناد المادي، واعتماد الكفاءات الامنية ذات الخبرات، على المستوى الستراتيجي والمهاري، وعلى مستوى اعتماد الخطط الفعالة في الارض وتغييرها حسب الاستحقاق والحاجة والضرورة، لأن النجاح الامني هو الرهان على تعزيز الانتصار الحقيقي في الميدان وفي الواقع وفي حماية مدننا وشعبنا وقواتنا الامنية من غوائل الارهابيين وجرائمهم الدنيئة.