غيث الدباغ
إن تعاطي المخدرات بكل انواعها يشكّل مشكلة خطرة ومدمرة لبناء المجتمع وتكاتفه وأمنه، وقد صارت قضيته تشغل القضاء والقيادات الامنية وعلماء النفس وعلماء الاجتماع، حيث تم اقامة اكثر من مؤتمر وندوة وورشة للسيطرة على الملف، لكن غالبية رغبة التعاطي تعود للهروب من الضغوط والازمات «السياسية والامنية والاجتماعية والاقتصادية»، التي تحيط الفرد فيضع نفسه في مأزق الادمان ويخسر بذلك صحته وقواه البدنية والعقلية والنفسية، فضلاً عن تردي وضعه الاقتصادي وتأثر المجتمع بانتشار البطالة والفقر، حيث يعد الشخص المتعاطي قوى عاملة معطلة خاملة مضرة للإنتاج والتنمية، بسبب صرف مبالغ كبيرة لشراء المادة المخدرة كما ان فقدانه لصوابه يكون احد الاسباب لانتشار الاعمال الاجرامية المنظمة، كالاعتداء الجنسي والتخلخل في استقرار الاسرة من خلال استشراء العنف الاسري بين الزوجين او ولي الامر والابناء، حتى وصل في حالات كثيرة الى مرحلة القتل وقضايا المخالفات القانونية الاخرى، كما ان القدوة السيئة لاحد افراد الاسرة او الشخصيات المدمنة وقربها من الفرد او انشغال الوالدين عن ابنائهم بالسفر او العمل وترك مراقبتهم والعناية بهم والتقرب منهم هذا يسبب اضرارا نفسية، ويولّد رغبة في التجربة والاندفاع نحو التعاطي، ليكون من الشخصيات السيكوباتية الحاقد على افراد الاسرة والمجتمع، نتيجة عدم الاشباع من التعاطي الذي يؤدي في نهاية المطاف الى موته كون الاسرة هي الخلية الاولى بالمجتمع والتي منها ينطلق الفرد الى العالم.
ولمواجهة هذا الخطر يجب ان تتضافر الجهود لجميع الهيئات والقوات والمؤسسات المحلية والمنظمات الدولية لإعادة النظر في الوسائل والادوات والتصورات، التي تحكم تفاعل المعنيين مع هذه الظاهرة بشكل متطور يضاهي وسائل وأدوات عمل شبكات البيع منقطعة النظير، لتحصين المجتمع من الاخطار الثقافية الناجمة عن الحضارة المادية، التي تساعد في انتشار الظاهرة وتمكينها بسهولة كما ان تدابير التوعية لأفراد المجتمع والاسر خاصة يجب ان تكون اكثر دقة وحرصاً، فالعلاج الحقيقي للإدمان يكمن في معالجة الاسباب المؤدية اليه، فالتشخيص الموضوعي لأسباب الادمان يعد خطوة أساسية وضرورية في المعالجة والشخص، الذي اندفع إلى الادمان من اجل التصدي لهذه المشكلة المتفاقمة لأنها ظاهرة اجتماعية تدفع الى عوامل عديدة.