ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بالنسبة للمتنبي حسبها صح وحسمها من زمان. فحين ملَّ من الوعود التي أغدقها عليه بغير «وجع قلب» كافور الأخشيدي بمنحه ولاية قال: «أمسيت أروح مثر خازنا ويدا.. أنا الغني وأموالي المواعيد». صحيح أن أبا محسد «بيسّ» بكافور من قبيل «لاتشتري العبد إلا والعصا معه..» لكن كافور وفي ظل عدم وجود منظمة هيومان رايتش ووتج ولم يكن قد نشأ بعد نظام الفصل العنصري، أعطى شاعرنا الاذن الطرشة بعد أن أخذ منه في مقابل الوعود التي أغدقها عليه أجمل قصائد المدح.فالمتنبي أطلق على الأخشيدي لقب «الأستاذ» ولو كانت أكاديمية مريدي قد وجدت وقتذاك لكال عليه شهادات الدكتوراه في كل
الحقول.
استذكرت بعضا من قصة المتنبي وكافور وأنا أتابع إطلاق المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الحملة الإعلامية, الدعائية للأحزاب والقوى والكيانات والشخصيات، التي تم قبولها لخوض السباق الانتخابي. من حيث المبدأ الأمر أكثر من طبيعي. ففي كل العالم تنطلق قبيل يوم الاقتراع حملة دعائية، يعلن فيها المرشحون مشاريعهم التي ينوون تنفيذها حين الفوز. للمرشحين طرقهم المختلفة في تسويق مشاريعهم بهدف إقناع الناخبين، بمن فيها أهداف كبرى وأحيانا خيالية، بل ميتاخيالية مثل تبليط الشوارع في العاصمة وباقي المدن والقرى والقصبات تبليط «مال أوادم» وليس «كلاوات».
قد يبدو من قبيل المفارقة أن أجعل من قضية بسيطة من اختصاص البلديات قضية القضايا وأترك ما يفترض أنه الأصل، مثل الصحة والتعليم والبنى التحتية والاقتصاد والضمان
الاجتماعي.
لا أحتاج الى سرد المبررات. كل واحد من القرّاء بمجرد أن ينتهي من قراءة هذا المقال لا يحتاج أن يذهب الى الطرق المسماة سريعة داخل العاصمة أو خارجها. ولا الطرق الحولية التي لا وجود لها إلا في الحملة الانتخابية لعام 2082، ولا الطرق بين المحافظات ومن جملتها الطريق الأشهر «طريق كركوك ـ بغداد» المتنازع عليه بين ثلاث محافظات, وكان ينبغي تثبيت فقرة تخصه في الدستور. أقول لا يحتاج الى الذهاب الى تلك الطرق للتأكد من دقة كلامي من
عدمه.
كل الذي يحتاج اليه القارئ الكريم أن يباوع من حديقة منزله الى الزقاق الذي يقع فيه بيته. إذا وجده مبلطا تبليطا «مال أوادم» .. أكسر الكيبورد وأردد مع نفسي «يابنات المكلا .. يادوا كل
علة».